آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

ضيفة الرسول (ص)

رضي منصور العسيف *

«1»

كان جالسا في الباص متذمرا... خاطب مدير الحملة: متى سيتحرك الباص... منذ ساعة ونحن ننتظر...

أجابه مدير الحملة: بقيت عائلة واحدة... سنتحرك بعد 10 دقائق... عليك بالصبر يا أبا مراد..

لحظات ووصلت العائلة المتأخرة

رحب بهم مدير الحملة: أهلا بالأستاذ جواد...

رد عليه جواد: آسف جدا لقد تأخرنا عليكم...

جلس جواد بجانب أبي مراد...

نظر إليه أبو مراد وخاطبه بكلمات لاهبة: ما هذا التأخير يا أستاذ... لماذا لا تلتزم بالوقت... أنت أستاذ وهكذا تتأخر...؟!

رد عليه جواد: أعتذر منك ولكن...

قاطعه أبو مراد... لا تبرر لي تأخرك...

أنا عملت في شركة أمريكية ثلاثين سنة لم أتأخر يوما واحدا عن عملي...

بل كنت شديدا مع الموظفين لا أقبل منهم أي عذر للتأخير... كل دقيقة لها ثمنها...

نظر إليه جواد وقال: ولماذا لم تذهب طيران فهم أكثر التزاما بالوقت من الحملات الأهلية؟

أجابه أبو مراد: لقد تأخرت في قرار السفر ولم أستطع حجز موعد للسفر عبر الخطوط الجوية....

في هذه الأثناء كان صوت جوال الأطفال مزعجا...

نظر لهم أبو مراد وخاطبهم: اخفضوا صوت الجوال... الصوت مزعج...

ضحك جواد وقال: عليك أن تتكيف مع هذه الأجواء.. فهذا باص عام... والأفضل أن تشغل نفسك بقراءة كتاب أو الاستماع لمحاضرة مستعملا سماعات الأذن...

نظر إليه أبو مراد وقال: الأفضل أن أنام...

بعد ثلاث ساعات توقف الباص.. قال مدير الحملة: من يرغب بدخول دورة المياه فلديكم ربع ساعة....

قال جواد: أبو مراد... استيقظ.. هل تريد أن تذهب لدورة المياه؟

أجابه: لا أريد.... دعني أنم..

«2»

بعد نصف ساعة

عاد جواد للباص فوجد أبا مراد مستيقظا...

سأله أبو مراد: لقد تأخرتم... نصف ساعة في دورة المياه...

ابتسم له جواد وقال: تفضل لقد أحضرت لك هذه الفطيرة وهذا العصير..

رد أبو مراد: شكرا

قال مدير الحملة: حافظوا على نظافة الباص.... هل الجميع موجود؟

قال أبو مراد: ما هذه الطريقة البدائية... ألا توجد طريقة أفضل من هذه؟

ضحك جواد وقال: هذه هي الطريقة الشعبية... الجميع يتعاون ويتفقد من بجانبه..

ردت إحدى السيدات: بقيت الحجية أم حسين لم تحضر للباص....

توتر أبو مراد وقال لمدير الحملة: ما هذه الفوضى... ناس تتأخر وناس تزعجك... وناس

قاطعه مدير الحملة قائلا: كل شي طبيعي... سنصل المدينة في الوقت المحدد... عليك بالصبر...

بعد ربع ساعة وصلت الحجية ام حسين ومعها ابنتها...

قال أبو مراد: لقد وصلت...

قال جواد نعم هذه الحجية أم حسين جارتنا... مع أنها كبيرة في السن إلا أنها لا تترك الزيارة...

على فكرة كم مرة حضرت للزيارة... يا أبا مراد؟

نظر اليه أبو مراد وقال: ولماذا هذا السؤال...

قال جواد: آسف...

وساد الصمت للحظات

«3»

مضت ثمان ساعات كان أبو مراد يتحدث مع الأستاذ جواد عن عمله وكيف كان دقيقا في إنجاز اعماله... وما هي العلاوات التي حصل عليها..

بينما كان الأستاذ جواد يتحدث عن التعليم ومشاكل الطلاب والتفوق الدراسي عند بعض الطلاب والطلاب الموهوبين... وأن القطيف مدينة علمية بامتياز.. ففي كل سنة تتقدم بقية المحافظات بالكفاءات العلمية والتفوق العلمي....

في هذه الاثناء... صرخت إحدى السيدات أرجوكم أوقفوا الباص لحظات... الحجية أم حسين تتقيأ... أوقفوا الباص...

رد مدير الحملة: لم يبقى أمامنا سوى ساعة واحدة ونصل المدينة...

قال أبو مراد: ما هذا الرد ألا يوجد في هذه الرحلة ممرضة لمثل هذه الحالات الحرجة؟

قال جواد أنت على حق ولكن تعودنا على هذا الوضع...

قال مدير الحملة: حسنا سنتوقف قليلا نطمئن على صحة الحجية أم حسين...

قال أبو مراد: لقد تعبت كثيرا في هذه الرحلة...

قال جواد: لا بأس لك أجر وثواب...

نزلت الحجية أم حسين ومعها ابنتها وسيدتان...

بعد ربع ساعة عادوا للباص ومعهم الحجية أم حسين...

قال أبو مراد: هذه آخر مرة....

نظر إليه جواد وقال: لا تقل هذا وتفاءل بالخير... أنت ذاهب لزيارة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم... ستكون ضيف الرسول.. سترى الأجواء الإيمانية... ستشعر بالهدوء والاطمئنان... هذه فرصة لتقوية الحالة الروحانية... وفرصة ذهبية لزيادة الحسنات والأجر والثواب... استثمر وقتك بالصلاة وقراءة القرآن والزيارة والدعاء....

وصلت الرحلة للمدينة المنورة

نزل جميع الركاب

نزل أبو مراد

نزل الاستاذ جواد

ذهب مدير الحملة للحجية أم حسين...

هيا يا أم حسين انزلي لقد وصلنا...

وجد ابنتها توقظها... هيا يا أمي لقد وصلنا... هذه هي مدينة الرسول... هذه هي البقعة المباركة... التي كنت تشتاقين لرائحتها...

هيا يا أمي

أمي

أمي......

صرخت ابنتها... أمي... لقد تحققت أمنيتك... أنت ضيفة الرسول ﷺ …

كاتب وأخصائي تغذية- القطيف