آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

عبق الحناء

ناجي وهب الفرج *

تألقتْ المشاعرُ واشرأبتْ النفوسُ وطافتْ على ديارٍ كانتْ تؤم الأحبة َالكرام ترتوي وتستقي منها نزرًا يسيرًا مما خلفهُ مِمن مضى من دُررٍ وحكمٍ وعِبرٍ، رسمتها توجهاتهم وساقتها سليقتهم الصافيةُ العذبةُ وبصيرتهم التي تكتنز ُالخبراتَ المتراكمةَ لتسوقها رؤاها المتزنةُ فيما يجب أن يكون وماذا يلزمُ عملهُ لحلحلةِ معضلةٍ حدثتْ أو سوف تحدث.

تزدانُ الجملُ التي يُسطرها يراعُهم، وتحلو مجالستهم لتتألق َ في رحابِ أفقٍ لا تتملكه ضيقُ نفس ٍمقفلة ٌلا تكاد تئن مما أثقلَ كاهلها مِنْ نمطيةِ التفكيرِ بميزانِ الزاويا الحادةِ ووالطباعِ المتأزمةِ التي تملكتها وألزمتْ صاحبها الذي لم يبرحْ مكانهُ الذي نزلَ فيه.

عينٌ تنبضُ حياةً، وزرعٌ ينثر عَبقَ الحناءِ؛ يُسلمهُ الهواءَ ُالطلقَ، وعِنبٌ حموضتهُ تعصرُ ذائقتهُ عقولاً حافزةً لترسمَ لغدٍ ما اعتراها مِنْ بصيرةٍ، أوقدتْ عقولاً لتثبتْ على حجرٍ صلدٍ يصمدُ بشموخٍ أمامَ تعريةِ الزمنِ.

تمازج بحرُ الزرقةِ وتناهتْ بحضرتهِ أرففٌ مستقبلٍ سيعيدُ صياغتهُ الناظمُ لأمرهِ، ويرمي ما نغصَ عليهِ رؤيتهُ، وسُيعمل الممحاةُ في الجملِ الاعتراضيةِ، ويعمدُ لطمسها؛ لتهدأ نفسهُ مما سيصيبها من سهامٍ ستنالُ منهُ وتثني مِنْ عزمهِ الذي لا محالَ سيدومُ ما دام الفكرُ الناظمُ مبتغاهُ.

صدحَ متن اليقين مترنمًا، وقفزت الحروف من مضلتها لتسمو في سبك الكلمات المتجذرة؛ زاهيةً بثمرٍ يانعٍ يسرُ من امعن في فحواه ومغزاه.

محمدٌ يرى بما يراهُ ربهُ ويأسرُ قلوبًا وعتْ ويشحذُ الهممَ ولا ترتاع من نازلةٍ أو هوةٍ، عِمادُها ما سطرَ وخط َما بين دفتي صحفٍ خطها ن والقلمُ وما يسطرون.

نفسُ محمدٍ تاقتْ لعلوٍ أرادهُ منها منتهى الوجود تماهتْ مع القداس ِصاحبُ الكبرياءِ والعظمةِ.

ملائكةٌ غلاظ ٌشداد تضاءل ما هم فيه عندما كانَ محمدًا، واقفلتْ وأرختْ نارُ الله ِالموقدةُ ذيولها اللاهبةُ بما فاحَ من عَبق احمدٍ.

توشحتْ ورنتْ أفواهٌ بما زاناها من روائع الصداح وتكامل بما نثرهُ من كلمِ المداحِ.

هكذا ربتْ وارتوتْ تلك َ الحقبةُ العابرةُ مما فاضَ لها من بصيرةٍ ونفاذٍ وعزةٍ ورشادٍ.

طوى تحتَ أطباقِ الثرى أعينٌا وألسنًا ملؤها بدينٍ لا يلين أمامَ جموحٍ الهوى وطولِ الأملِ، وتناجتْ في غسقِ الليلِ وسدولهِ واكتمالِ ظلمتهُ؛ بمناجاةٍ ووصلٍ لا ينقطعْ مع مَنْ برأ وصور َجل َجلالهُ وعز َذِكرهُ.

نائب رئيس مجلس إدارة جمعية العوامية الخيرية للخدمات الاجتماعية