آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 1:22 م

بعض الرجال بأعين بعض النساء

المهندس أمير الصالح *

قد يتذكر البعض كتاب ”العرب بأعين يابانية“ وانطباع المؤلف عن الإنسان في الوطن العربي. ترك انطباع معين في ذهن شخص ما بعد فترة كافية من العيش المشترك معه يخلق قرار لدى ذات الشخص حب الاستمرار في العلاقة أو الانفصال. يعتقد بعض الرجال بأنهم خارج نطاق المحاسبة من قبل زوجاتهم لكون القوامة والعصمة بأيدي الرجال بناء على إنفاقهم وتمويلهم لاحتياجات المنزل بكل مستلزماته المادية بغض النظر عن الأسلوب وطرق التعامل. فيقع بعض الرجال دونما أي إحساس منه في إيذاء مشاعر شريكة عمره ودون إدراك منه بعاقبة بعض سلوكياته وتصرفاته. وقد تكون النتيجة أن يقع الرجل في شر أعماله نتيجة لضحالة تفكيره على المدى البعيد وسوء أخلاقه مع زوجته ومن هم حوله، وقلة مروءته وكثرة طيشه ونزواته. فزوجته مُطلعة على معظم شؤونه وأموره وتراه من زوايا متعددة قد لا يلتفت هو ذاته لها. والزوجة، كما هي كل نفس بشرية، في الأصل لها كرامة وكيان ومشاعر وذات كريمة. وتبرز كل تلكم الخصال أكثر وأكثر في حياة الزوجة مع تقدم تكامل النضج لديها ونمو مراحل الاستقلال فيها. وطبقا لنظرية هرم ماسلو Maslow pyramid في إشباع الحاجات، فإن كل إنسان يتطلع لما هو أفضل في مسيرة حياته.

فالزوجة ترى وتسمع وتحس وتشعر بكل تصرفات زوجها صغيرة كانت أم كبيرة.

فترى الزوجة زوجها حتى في مصادر ماله أهو من تجارة الأبدان أي أنه يعتمد في موارد ماله على تجارة الفيز وتحصيل رسوم الجباية الشهرية من العمال دونما جهد من زوجها.، أو أن مصدر ماله من وظيفة أو أنه مضارب بأسهم أو تاجر أو صانع أو مزارع أو وارث مال أو كسبي أو مُتسبب. وترى وتشاهد الزوجة زوجها في كثرة منّه وأذاه وكثرة أوامره وكسله وشحه في الإنفاق وقلة احترامه لها أو لأبنائها أو للعمال الذين هم تحت سلطته أو إيذاءه للجيران وقلة ذوقه ودوام إزعاجه وارتفاع. صوته واستهتاره بأرواح الآخرين أثناء قيادة مركبته. وترى وتسمع الزوجة أقوال زوجها وردود أفعاله وسوء خلقه معها وتهديده المستمر والمتكرر لها باستخدام العنف ضدها تارة وضد أبناءها تارة أو تهديده بجلب زوجة ثانية دونما مبرر مُقنع لذلك. وترى الزوجة ازدواجية ذلك الزوج وسوء توظيفه للآيات القرآنية طبقا لأهوائه، وترى أو تسمع عن نزوات تترى ليل نهار صادرة من زوجها، وقد يتبجح البعض من الرجال بذلك إذلالا أو استخفافا بالزوجة. البعض من الرجال يسرح ويمرح ويسيء الصنيع ظنا منه بان دوام الحال أمر غير محال ونسى أو تناسى الحكمة القائلة: ”دوام الحال من المُحال“.

وبالفعل لنصعق الجميع في المجتمع المحلي من أرقام وبيانات الإحصائيات المُعلنة رسميا وحديثا عن حالات الخُلع. فحسب ما تم قراءته في النشرة بان هناك ما يقارب خمسون ألف حالة طلب خُلع وخمسون ألف حالة طلب إنفاق في غضون شهرين متتاليين «مارس وأبريل من عام 2020»، ناهيك عن حالات الطلاق. وهذا أمر جلل وتداعياته لا تسر صديق ولا عدو ويستدعي هذا الحدث عقد الدراسة من قبل الجهات الأهلية الاجتماعية والتربوية الرسمية المعنية ووصف الإجراءات الوقائية وتفعيلها في أسرع وقت. فالأرقام تلك تنم عن أشياء وأشياء كثيرة ومنها وليس للحصر، سوء العِشرة في الأيام والسنين الماضية من مدة عقد الرجل المخلوع من زوجته. وقد يكون من الأسباب أيضا طمع المرأة في استحصل رجل آخر ذو وضع مالي أفضل من زوجها الحالي فيكون فارس أحلامها الجديد. وقد يكون هذا الحدث «الخلع والطلاق وطلبات النفقة» إنذار عن أن هناك موجات انفصال أخرى وبأرقام تصاعدية لا سيما مع نمو حالات الاستقلال المالي لبعض النساء نتيجة انخراطهن في سوق العمل وأمور أخرى تتكشف مع تقادم الأيام. وقد يكون الاعتناق الدفين من قبل نسبة من بعض النساء لبعض الأفكار التي تروج لها بعض التيارات النسوية في بعض الدول دور في ذلك الحدث الجلل. وزيادة حالات الخلع تعني زيادة عدد الضحايا لنتاج ذلك الانفصال من الأطفال.

الأمر شبه المؤكد بأن حالة بناء الثقة بين ضحايا ذلك الخلع أو طلب الإنفاق من الزوجين المنفصلين شبه ضبابية في عقود الزواج المستقبلي اللاحقة. والأمر شبه المؤكد أيضا أن قوة الصدمة للحدث لها ارتدادات في الحياة النفسية لضحاياه من الأبناء والبنات. والأمر الثالث شبه المؤكد أن كثير من النساء وكثير من الرجال ممن يعيشون حالة طلاق عاطفي وعلى شفا حفرة من الانفصال خلعا أو طلاقا، يستشعرون بنظره مريبة نحو كل منهم نحو الطرف الآخر واحتمالية ولوج ذلك الدهليز المظلم واردة في ذهن البعض منهم إن لم يستدركوا الأمور ويتكاشفوا.

لعل بعض النوعيات من الرجال عليهم بتدارك الوضع والإسراع في تغيير سلوكهم وتلافي أخطائهم، لأن مشروع زواجهم القائم قد يتعثر كما تعثر الآخرون. ومن لم يُغير من نفسه وسلوكه ويسعى لخلق الاحترام المناسب لزوجته سيحصل على ذات النتائج التي أدرج الآخرون فيها. وعليه أشير على تلكم النوعية من الرجال:

  • تفادي المن والأذى عند الإنفاق على الزوجة والعيال
  • التوسع في الإنفاق فأهل بيت الإنسان أولى بماله وعاطفته ووقته ورحمته ولطفه
  • حسن انتقاء الألفاظ عند الكلام ومراعاة شعور الزوجة/ الزوج والأبناء والجيران ومن يتصلون بهم. فالتربية الناجحة تكون بالمثال الحي والمُشاهد وليس بالتنظير والكلام المنمق
  • السعي بتحصيل الرزق بالانغماس في العمل وليس بتجارة الفيز وتجارة الأبدان وبالأحلام الوردية
  • تحسين الأخلاق وعدم الإساءة لآيات القرآن الكريم بالاستشهاد في مواقع المنفعة الشخصية
  • في حالة السعة المالية للزوج، من الحكمة تخصيص راتب شخصي شهري للزوجة والأبناء. فقد نُسب عن لسان الإمام الحسين قوله: «خير المال ما أنفق على العيال»

وعلى صعيد أوسع وبالمجمل أشارك أفكار قد يراها البعض شطحات واراها جزء من مهارات الحياة الزوجية لإمداد الحياة الزوجية بالأكسجين اللازم للحياة، وخلق شعور الاشتياق وتقليل الاحتكاك التصادمي الذي قد يولد نفور غير محمود:

  • الانخراط في ممارسة الهوايات/ العمل حتى آخر يوم في حياة الإنسان
  • سفر الرجل بين الفينة والأخرى لفترات قصيرة مع أصدقائه أو بمفرده لأماكن سياحة نظيفة مرموقة داخليا أو خارجيا
  • أخذ المبادرة في إطلاق برامج وأنشطة تسلية وترفيه تضم كامل أفراد الأسرة لتحطم الرتابة وتقفز على حاجز الروتين وتجدد حيوية الأفق داخل الاسرة
  • الانخراط في خلق حوارات. ولغة تفاهم مشتركة
  • خلق مناقشات موضوعية تُشعر الزوجة والأبناء بوجود كيانهم وإبداء الاحترام لهم وآرائهم

همسة 1: كنت أتساءل لو أن العصمة بيد بعض النساء من بداية العقد فكم ستكون نسبة الخلع!. وكنت أتساءل لو أن القانون محليا ينص على أن يدفع الرجل المُطلق لطليقته نصف ما عمله من أموال وثروات بعد الزواج لطليقته، فكم هي نسبة الطلاق وكم هي نسبة الإقدام على مشروع الزواج؟!

همسة 2: تقوى الله تتطلب من الإنسان سواء كان ذكر أو انثى ترويض للنفس وعدم الفجور في الخصومة. فضحايا الطلاق أو الخلع هم ابناءهم ويجب الاهتمام بهم والإنفاق عليهم.