آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:14 م

إعادة تمحور الأنشطة في مرحلة ما بعد التقاعد

المهندس أمير الصالح *

الموظف المتقاعد حديثا مالم يكن مُثقلا بالأمراض ولم يكن مديونا ماليا وليس مُلزما بتربية أطفال له غير مستقلين وغير مُلزما برعاية صحية لوالديه كبار السن وغير مرتبط حديثا بزوجة جديدة، ولم يفتتح مشروعا تجاريا ولم يلتحق بشراكة صناعية وغير مُضارب في سوق الأسهم، فإن الأغلب الأعم يصرف المتقاعد أول سنوات تقاعده في الأنشطة التالية:

  • التسوق المقارن والتسكع الغير مُهدف في الأسواق
  • حضور المهرجانات والفعاليات ومعارض الكتب ومعارض المواد الاستهلاكية الموسمية
  • تعلم التصوير الفوتوغرافي
  • السفر للسياحة
  • المشي الصباحي اليومي
  • الفطور مع بعض الأصدقاء والأقارب
  • الالتحاق بالرحلات البرية والبحرية الموسمية
  • البستنة والفلاحة
  • الانضمام لبعض أندية اللياقة البدنية
  • المثاقفة في النوادي الثقافية
  • حضور الديوانيات والمجالس المسائية
  • القراءة
  • مشاهدة الأفلام الوثائقية أو الدراما
  • رعاية الأحفاد إن وجد لديه أحفاد

بعد حين من الزمن، الأغلب العام تعتري المتقاعد حالة الملل من الرتابة أو يرى تلاشي تذوق نكهة المتعة في تلكم الأنشطة أو قد يلاحظ المتقاعد تعارض الميول بين نوع أنشطته وأنشطة شريكة حياته أو انحسار روح الإنجاز من حياته.

وقد يتطور الملل لدى البعض بعد مرور عدة سنوات من دخوله مرحلة التقاعد إلى درجة الاكتئاب الشديد بسبب فقدان الشعور بالأهمية في وجوده بالحياة وتسلل شعور ضمور أهميته كإنسان لمن هم حوله واستقلال كل من هم حوله عنه.

وسُجلت في بعض الدول المتقدمة حالات الانفصال أي «الطلاق» بين شركاء العمر في سن الستين وما بعدها بسبب هكذا شعور مدمر لدى كلا الزوجين أو أحداهما والذين كانا يوما ما موظفان نشيطان وفاعلان!

والأنشطة الترفيهية المذكورة أعلاه قد يستنفد المتقاعد/ة المتعة فيها بسرعة كبيرة لأنه / ها حرق كل مراحل تذوقها بسرعة متسارعة هائلة. والبعض يُنجز إشباع رغبات الاستمتاع بالهوايات والأنشطة خلال السنتان الأوليتان من مرحلة التقاعد.

ويبرز السؤال في عقله الباطن: ثم ماذا؟

للجواب عن السؤال ”ثم ماذا؟“، قد نحتاج لدراسة ميدانية واستفتاء آراء شريحة تمثل الاغلب من المتقاعدين والاستعانة بعلماء اجتماع وأصحاب بحوث وعلوم تربوية مختلفة ومنتجي أفلام وكتاب روايات ومخرجين سينمائين. لكون المتقاعد كانت الوظيفة والعمل هو مركز هويته ونموه وطموحه، الآن تغير كل شي ولا بد عليه من إعاده صياغة هويته المهنية من جديد كإنسان.

شخصيا ليس لدي الإمكانيات المادية لعقد هكذا دراسات ولكن القدر المتيسر لي أتاحه القدر بأن التقيت بمخرج سينمائي محلي «سيد فاضل» وقال عرضا في محاضرة مخصصة عن كتابة السيناريو، بأن من المهم جدا أن لا يحرق كاتب السيناريو الأحداث بسرعة لأن المشاهد لن يستمتع بالفيلم البته. وهنا كل متقاعد هو كاتب سيناريو حياته ومن الحكمة آلا يحرق الأحداث فيفسد على نفسه متعة وجوده.

إحصائيا، الأعمار بيد الله العلي القدير، لدى الأغلب من الناس متوسط عمر يمتد في متوسطه عشرون سنة بعد ولوجه سن التقاعد. وقد يجد الأغلب العام من المتقاعدين بأن لديهم فراغ زمني كبير جدا.، إذا كنت متقاعد نشط جدا وملول من رتابة حياتك بسرعة فلا بد من أن تتجول في أفكارك لخلق قائمة أعمال، ومنها على سبيل المشاركة في تحريك المياه الراكدة:

  • جرب أشياء جديدة في حياتك لتكسر الرتابة
  • أسكن في منطقة أو مدينة جديدة
  • تبنى مبادرات اجتماعية أو علمية أو تعليمية
  • زكي علمك وخبراتك في الحياة من خلال إيصال ما تعلمته في رحلة العمر لأبناء مجتمعك وتبني ما يمكنك تبنيه من أدوات التواصل مع أبناء الجيل والمجتمع أي من خلال القلم أو صنع مقاطع الفيديو المفيدة أو إلقاء المحاضرات الهادفة… الخ
  • ساهم ماديا وتطوعيا في أنشطة وفعاليات خيرية
  • عقد صوم إلكتروني من السوشل ميديا لمدد متقطعة من الزمن
  • طور أهداف جديدة بمناسبة قرب دخول العام الجديد، تتناسب وخبراتك التراكمية وقدراتك الجسدية

وحتما أخي المتقاعد في جعبتك ما هو أكثر من كل ما تم ذكره من أنشطه. أتمنى لكل متقاعد حياة مديدة وكريمة وسعيدة. ولعل أفضل شي يعمله المتقاعد هو أن يعيد تمحور تركيز حياته من الوظيفة سابقا إلى الأنشطة المتنوعة والخلاقة التي ترتكز على جلب السعادة والرضا الداخلي مع نفسه وأفراد أسرته ومجتمعه ورضى ربه.