آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:01 م

الخطيئات الثَّلاث!

المهندس هلال حسن الوحيد *

عقابُ بعض الخطايا لا ينتظر الآخرة. ويا للهول! كم رأينا وسمعنا من حكاياتٍ عن طابخِ السُّمّ الذي أكله قبل أن يذوقه غيره. ومن العجب أننا نعيش اليوم، ومع كثرة ما نسمع ونرى، لا نصدق! سوف أقص عليكم حكايتين لأشوّقكم أكثر:

صدمَ رجلٌ أمريكي امرأةً في سنواتِ الستِّينات من القرنِ الماضي وهرب، أما المرأة فماتت. وبعد أكثر من ثلاثين سنة وتطور التقنيات وجدته الشّرطة، إلا أنه لم يحكم بعقاب لانتهاء صلاحيَّة الجريمة. أتدرون كيف مات؟ صدمته امرأةٌ وهربت، وماتَ هو بذاتِ الكأس - المرَّة - التي سقاها غيره، والمرأة التي قتلته حُكم عليها بالعقاب بعد أن هربت وتوصلت الشرطةُ إليها!

عن رسولِ الله «صلى اللهُ عليهِ وآله»: ”ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، والبغي على النَّاس، وكفر الإحسان“. من المؤكد أنكم سمعتم أو رأيتم عاقًّا لوالديه أخذَ الحسابَ نقدا! إِمَّا في ولدٍ يعقه أو في فقر أو قصر عمر وغيرها الكثير من نكدِ الزَّمان.

يُنقل عن الأصمعي أنه قال: حدثني رجلٌ من الأعراب قالَ: خرجتُ من أهلي أطلب أعقَّ النَّاس وأبرَّ النَّاس، فكنتُ أطوفُ بالأحياء حتى انتهيتُ إلى شيخٍ في عنقهِ حبل، يستقي بدلوٍ لا تطيقه الإبلُ في الهاجر والحرِّ الشَّديد، وخلفه شابّ في يدهِ رشاء من قدّ ملوي، يَضربه به، قد شقَّ ظهره بذلك الحبل. فقلتُ له: أما تتقي اللهَ في هذا الشيخ الضَّعيف، أما يكفيهِ ما هو فيه من هذا الحبل حتى تضربه؟

قال: إنه مع هذا أبي.

قلتُ: فلا جزاكَ اللهُ خيرًا.

قال: اسكت، فهكذا كان يصنع هو بأبيه، وكذا كان يصنع أبوهُ بجدّه. فقلت: هذا أعقّ النَّاس.

ثم جلتُ أيضًا حتى انتهيتُ إلى شابٍّ في عنقهِ زنبيل، فيه شيخٌ كأنه فرخ، فيضعه بين يديه في كلِّ ساعة، فيزقه الطَّعامَ كما يُزَقُّ الفرخ.

فقلتُ له: ما هذا؟

فقال: أبي وقد خرف، فأنا أكفله.

قلت: فهذا أبرّ العرب، فرجعتُ وقد رأيتُ أعقَّهم وأبرَّهم.

”فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ“، إذًا، كيف بهذا الزمان الذي جاءَ بالرفاهية والسَّعادة - حتى للكلاب - تَسمع آذاننا وترى عيوننا حكاياتٍ عن عقوقِ الوالدين؟!

مستشار أعلى هندسة بترول