آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

لكي لا تحتاجوا الثَّالثة.. العصا!

المهندس هلال حسن الوحيد *

لو حدث مرَّة أن أصابت أحدَنا إصابةٌ في رجله - وإن خفيفة - حينها يدرك قيمة صحَّة وسلامة الرِّجلين! ما أجمل ابن آدم يمشي رافعَ الرَّأسِ مصلوبَ الظهرِ مستقبلًا الريح بصدره. وما أصعبَ الحياة حين يدبّ دبيبا، يتوكأ على عصاه، فحذارِ حذارِ أن تعطوا العصاةَ فرصةً للتسلل إلى قوامِكم الرَّشيق فتفسده أيَّما إفساد. العجز والحاجة للعصا ليس جزءًا محتومًا في الكبر، فكم رأينا من في التِّسعين يمشي أسرعَ وأقوم من كثيرٍ من أبناءِ الستِّين والخمسين؟

كل شيء في يدِ الله وتحت سلطانه وسلطته، فهل رأيتم الزَّارع كيف يعتني بساقِ الشَّجرة أيَّما عناية؟ ذلك لكون الشَّجرة صاحبة السَّاق الأضخم والأقوى، أجمل. نحن - الرِّجال والنِّساء - لابدَّ لنا من العنايةِ وتقوية الرِّجلين وعدم الإطمئنان للترف وتركهما دون نشاطٍ وحركة. كل جارحة فينا لا نستخدمها ولا نقويها تتكاسل وتضعف، من العقلِ وحتى أصغر جارحة. على هذا لكي لا تسري الشيخوخةُ مبكرًا لأرجِلنا، علينا أن نعتني بهما.

من الجميل أن كان في الماضي، في بعض المجتمعاتِ الغربيَّة والشرقيَّة ”موضة“ الولع بحمل العصا للزِّينة والوجاهة ومآربَ أخرى دون أن يكون حاملها بحاجةٍ لها. أما عندنا فهي لم تكن جزءًا ذا شأن من تقاليدِ مجتمعنا، حيث عندنا العصا هي عكاز في يد رجلٍ ضعيف يستعين بها على المشي:

زعمتني شيخًا ولستُ بشيخ … إنما الشَّيخ من يدبّ دبيبا

جميع المتع في الحياة لا تكون لذيذة إلا بالطَّاقة والقدرة على الحركة والانتقال. فإليكم هذه الأشهر القليلة، المعتدلة الحرارة، بإمكانكم أن تتركوا الخمولَ والكسل، وينصَحكم المختصون بحملِ الأثقال وتَمرين الأطراف السفليَّة من أجسامكم، فهي التي تحملكم وتقيكم السقوط عندما يتقدم بكم العمر. ويقولون لكم أن ممارسة التَّمارين الرياضيَّة الخاصَّة بالأَرجل لمدة شهرين فقط لكبارِ السنّ تعوض ما خسروه من ضعف العضلات لثلاثةِ عقودٍ أو أكثر!

اتركوا حملَ العصا، وإن كنتم في حاجتها، لكي لا يظن النَّاس أنكم شختم وكبرتم. اتركوا حملَ العصا لكي لا تثير في الأقربين منكم العطفَ والشفقة، أو البهجةَ في قلوب الأبعدين ممن يودون ضعفكم وشيخوختَكم.

مستشار أعلى هندسة بترول