آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

حوادث بالجملة.. كيف لو كانت شوارعنا أمطار وثلوج؟!

المهندس هلال حسن الوحيد *

ليسَ أجمل وأصفى من طقسِ منطقتنا في مثلِ هذه الأيَّام، ومع ذلك حوادث السيَّارات من حولنا بالجملة! كيف إذًا لو كنا نقود تحت تأثير طقسٍ سيء، من ثلوجٍ وأمطار؟ من المؤسف ليس أننا لا نسأل إن كنَّا سوف نرى حادثًا واحدًا في الطَّريق كلَّ يوم، بل كم حادثٍ سوف نرى؟

يشوقني أن أفهم كيف حوَّلنا وسيلةَ الرَّاحة والنِّعمة والمواصلات الحديثة إلى وسيلةَ موتٍ وخسارة مالٍ وجهد؟ بعد أن كان أعظم حادث في ركوب الدواب - أكرمكم الله - هو السقوط من فوقها، وفي الغالب السَّلامة، أو مضايقتها للنَّاس في الشَّارع!

صادفَ في الأيَّام الماضية أن رأيتُ أكثر من حادثٍ مروري يستحق أن يقال عنه ”جنون“ وكان من الممكن أن لا يحدث. إذ من الحوادث التي تحصل بالتكرار، عند خط المشاة بينما يخفف السَّائق الأول السّرعة، وهو المطلوب، تصطدم به السَّيارةُ التي خلفه، ثم سلسلة من الاصطدامات، ثلاث أو أربع سيَّارات!

عجيبٌ أمر هذه الحوادث وتكرارها! فلا الشَّارع في ذلك السّوء، ولا الطَّقس في ذلك السّوء، ولا السيَّارات تبدو قديمة! إذًا، ليس إلا السَّائق الذي يقع تحتَ تأثيرِ العجلة والتهور واللا مبالاة، ما يحول الشَّوارع المحليَّة في فترةِ الصبَّاح وما بعد الظهر إلى حلبةِ صراع، الخسارة فيها المال، ولا سمح الله في بعضِ الأحيان الموت أو الجراح.

كيف نفهم أن أغلب الحوادث هي بين سائقين في اتجاهٍ واحد؟ وفي شارعٍ مزدوج! غير أنَّ السَّائق لا يترك مسافة وعينه لا تبدو أنها تنظر إلى الطَّريق، مشغولة بأشياء أخرى ومن تلك الأشياء الهاتف وتعديل الهندام والزِّينة في السيَّارة، وتناول وجبة الإفطار وقهوةَ الصَّباح!

سنحت لي فرص الإقامة من أجلِ العمل والدِّراسة في الخارج لفتراتٍ طويلة، وكان يمر وقت طويل جدًّا أغبطهم فيه على عدم حصول حوادث في الحارات والأماكن القريبة. كانوا أكثر تسامحًا وانتظامًا في السِّياقة عمَّا نحن فيه، وأكثر راحة بالٍ وسكينة. وفي الطَّقس المعتدل - عندهم - تكون الرِّحلة في الشَّارع من أجملِ الرَّحلات!

لا يجب أن تكون نصائح الآخرين ولا القانون وحده دافعًا نحو السَّلامة والعافية، إنما يجب أن يرافق ذلك رغبة تنبع من قلوبنا وعقولنا وذواتنا، من أجلِ حياتنا، من أجلِ سلامتنا، من أجلِ حضارتنا وقيمنا، ومن أجلِ محفظتنا الماليَّة!

مستشار أعلى هندسة بترول