آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

عداوات ما بعد الطَّلاق.. سوءُ الكيلِ والحَشف!

المهندس هلال حسن الوحيد *

قبل أقل من شهر، حضرَ طليقُ إحدى النِّساء في ولاية تكساس ليأخذ ابنه في زيارة، لكن بعد دقائق من المشاجرة أطلقَ عليه صديقُ مطلقته النَّارَ وأرداه قتيلًا أمامَ الحاضرين. هل تقولون: لا يحصل عندنا؟ بلى، ليس القتل، ولكن الكثير من نارِ العداوات، فهل عرفتُم طلاقًا لم تحدث بعدَه عداوة، إلا ما ندر؟!

الطَّلاق ناتجٌ عن اختلاف شخصين في الطِّباع، ولما لم يجد الشَّخصان من مشتركاتٍ انفصلا ﴿فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ. حدثٌ مؤلم ويترك ندوبًا في العواطف، لكن هل يجب أن يترك عداوةً بين أهلِ الزَّوج والزَّوجة وآثارًا سيِّئةً على الأولادِ والمحيطين بالمطلقين؟

الطَّلاق مخرجٌ شرعي يُوجد راحةً من مرضٍ استعصى علاجه، ولا يظنن القارئ الكريم أن في هذا دعوة للاستخفاف بالطلاق. إنما هي دعوة لعدم تعميق الجراح، وشمول الأبناء في مشاكلِ الكبار. عندما يتطلق شخصان - يغني اللهُ كلًّا من سعته - وليس واحدًا ويترك الآخر ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا. مع هذا كم من أختٍ أو أخٍ - من أبٍ وأمٍّ  حلت العداوةُ بينهم بعد أن اختلفَ الأبناءُ وصار بينهما طلاق؟

شرعَ اللهُ لنا الطَّلاقَ لاختلافِ طباعنا، وإذا عجزنا عن التوفيق بين مختلفات الطباع، نوافق على الفراقِ بلينٍ ورفق. ثم يكتب الله للطرفين ما يستجد من ألفةٍ جديدة وصفاتٍ مشتركة ومودَّة وصفاء عيشٍ جديد. لا تأسوا على زواجٍ وبنيانٍ بني فوق الرِّمال فتهدم، فقد يعوض الله من فقدَ درهمًا دينارًا ومن فقد دينارًا يعوضه عشرة. إنَّ أجمل صورة للطلاق أن يحتفظ الزَّوجان بالذكرى الطيِّبة ويدفنَا كلَّ ضغينة، من أجل الأبناء. أليسَ هذا أفضل من أن تزعم كلُّ عائلة البراءةَ من إثمِ الطَّلاق، وتحاول أن تحصل على أكبر قسطٍ من منافعِ الطَّلاق، إن وجد؟!

عن رسول الله ﷺ: ”يأتي على النَّاس زمانٌ عضوض يعض كل امرئ على ما في يديه وينسون الفضلَ بينهم قال الله ولا تنسوا الفضل بينكم“. فهل نسينا الترغيب في الإحسان والفضل بالعفو عن الحقوق والتسهيل والتخفيف من آثارِ زلازل وهزَّات الزواج؟!

أنا رأيتُ أزواجًا حفظوا الفضلَ والذكرى الطيِّبة بعد الطلاق، ثم - بعد سنوات - عادوا لبعضهم من جديد، ليس واحدًا بل أكثر! فهل كان هذا ليحدث لو كانوا أطلقوا على بعضهم نيرانَ العداوة والمسبَّة؟!

مستشار أعلى هندسة بترول