آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

ثمَّ ابتدعَ إبليس الدِّعاية والمصطلحات.. شجرة الخلد!

المهندس هلال حسن الوحيد *

كانت الأوامرُ لأبينا آدم وأمَّنا حوَّاء واضحةً مثل وضوحِ الشَّمس، هذه الشَّجرة وأشارَ إليها، لا تأكلا منها، اجتنبها يا آدم أنتَ وزوجك. لا يهم ماهي الشَّجرة وما نوعها وما فائدتها وما ضررها، فقط ابتعدَا عنها ولا تأكلا منها، فماذا أوضح من هذا الأمر؟ حتى جاء الشَّيطانُ فسمَّى ”هذه الشجرة“ شجرة الخلد! يا له من مصطلحٍ يغري جدًّا. في تلك اللحظة ورَّط الشيطانُ أبانا وأمَّنا، وها نحن نسير على ذاتِ الخطأ!

على هذا، لا ندع أحدًا يغرقنا في مصطلحاتٍ وتفسيراتٍ لأمرٍ بيِّن، فيجري علينا ما جرى لأبينا آدم وزوجته بسبب ذلك اللكع ”المستحمر“ إبليس عندما أدخلَ لهما تفسيرًا ومصطلحًا لأمرٍ واضح. وأظنّ أنكم تقولون: في حياتنا اليوم عشرات المصطلحات تقلب الأسودَ أبيض والشرَّ خيرًا، أليس كذلك؟!

﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ، أمرٌ واضحٌ جدًّا. إلى أن حضرَ هذا اللئيم، فصار يغرق الشَّجرةَ بالمصطلحاتِ والصِّفاتِ والمنافع ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ، فلم تعد أي شجرة وصارت ”شجرة الخلد والملك الذي لا يبلى“، وأخذَ اللئيمُ - إبليس - يعدهمَا: إنكما إن أكلتما من هذه الشَّجرة لن تخرجا من الجنَّةِ أبدا، ولما صار آدم يقلب فكره في العرضِ الشيطانيّ، توسلَ الشيطانُ له بالأيمَانِ المغلَّظة ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ.

وقعَا في حبالِ الشَّيطان، وانخدعَا بوسوسته، لكنهما لم يظفرَا بماءِ الحياةِ والملك الذي لا يبلى، بل تورَّطا في مخالفةِ الله ﴿فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ. وبمجرد أن ذاقَ آدمُ وزوجته من تلك الشَّجرة الممنوعة تساقطَ عنهما ما كان عليهما من لباسٍ وانكشفت سوءاتهما ﴿فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ.

فمنذ ذلك اليوم والله سبحانه وتعالى يحذرنا: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ، ومنذ ذلك اليوم، نحن نريد أن نعرف ماهي هذه الشَّجرة! أهي السنبلة أم الكرمَة أم الكافور أم التِّينة أم الحنطة أم الحسد أم هي شجرة علم الخيرِ والشرّ التي تأكل منها الملائكة؟!

مستشار أعلى هندسة بترول