آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ، بيت فاطمة!

ليلى الزاهر *

وأنت تسير في أروقة التاريخ بأزمنته المختلفة لن تصادفك شخصية من بنات حواء مثل فاطمة بنت محمد، هي آيةُ قدرة الله في نبي مرسلٍ أحبه الله وجعله خاتم أنبيائه ورسله.

إنّ الزهراء سلام الله عليها في جميع المواثيق الإلهية من أولياء الله الذين ورد ذكرهم في السماء قبل أن يرد ذكرها عند أهل الأرض ونزل في حقها آيات تُتلى من الذكر الحكيم، لها نصيب من جلالة التكوين وعظيم النسب منذ بدء خلقها في رحم امرأة كانت سببًا في قيام الإسلام وازدهاره مرورًا بتسميتها أم أبيها، ثمّ وصولها لمنزل أمير المؤمنين كزوجةٍ لرجل عظيم كما قدّمه رسول الله قائلًا: «أَوَمَا تَرْضَيْنَ أَنِّي زَوَّجْتُكِ أَقْدَمَ أُمَّتِي سِلْمَا، وَأَكْثَرَهُمْ عِلْمًا، وَأَعْظَمَهُمْ حِلْمًا».

ألم أخبركم بأن فاطمة قدرةُ الله تعالى في إبداع خلقه؟!

إنّها امرأة حوت جمّ فضائلٍ وحكمٍ وعلم منذ ولادتها عندما وقعت على الأرض ساجدة رافعة إصبعها للسماء فسماها رسول الله فاطمة ثم قال: إني فطمتُكِ بالعلم وفطمتك عن الطمث.

والحقيقة أن السيدة فاطمة سلام الله عليها فُطمت من الشر ومن الباطل وفطرت على على حب الخير والحق ولولا أنّ أمير المؤمنين خُلق صنوها لما كان لها كفو إلى يوم القيامة.

وما زالت مظاهر عصمتها تشقّ طريقها عبر تعاقب السنون، بل أضحت موضوع كل زمن وكلّ جيلٍ فمن بيتها انطلق حديث الكساء ومن ذريتها خرجت أسرار إلهية من أولياء الله وأصفيائه وأحبائه لذلك كان بيت فاطمة بقعة مقدسة فعندما نزلت الآية المباركة: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ النور: 36

قيل: يارسول الله ما البيوت؟

فقال: بيوت الأنبياء وأشار بيده إلى منزل فاطمة.

كانت الزهراء قد أخذت جلّ علومها وانغمست في أحكام الدين لأنها نشأت واسطة العقد بين والدها وزوجها مما هيأ لها حتى كشف النقاب عن ساعة وفاتها فقد وردت الأخبار أنه من شدة حبّ الرسولالكريم لابنته الزهراء أخبرها بكل صراحة عن قرب موعد رحيلها عندما رأى حزنها الشديد عليه في أيامه الأخيرة،

فبشرها أنها لاتلبث بعده إلا قليلا ثم سرعان ما تلتحق بأبيها في الدرجات العليا من الجنة وهذا شرف لم يحظَ به أحدٌ غيرها.

وقد ارتقت الزهراء سلالم رفعة الشأن مالم يصل إليه أحد قبلها فقد كانت وصية الرسول لعلي بن أبي طالب عندما وضع يدها بيد أمير المؤمنين وقال: يا أبا الحسن وديعة الله ووديعة رسوله محمد عندك فاحفظ الله واحفظني فيها وإنّك لفاعل هذا.

الشكر للسيدة الزهراء سلام الله عليها عندما تنتزع محبيها، وتلتقطهم فتأخذ بيدهم نحو أبواب الجنان.

سلام الله عليها ورضوانه سيدتنا وأُمنا الزهراء، إنّها تتبادل الحب والولاء معنا وتتفضل علينا بشفاعتها.

فإلى الملتقى سيدتي ومولاتي عند كوثركم وفردوسكم.

وعسى الله أن يجعلنا أهلًا لشفاعتكم وأن يغفر ذنوبنا ماظهر منها لعباده وما بطن.

المصدر: من سير الأبرار «فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد» للدكتور محمد عبدالجبار - ج السابع.