آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:08 ص

عام مضى وعام جديد

عبد الرزاق الكوي

يستعد العالم لتوديع سنة على وشك الانقضاء واستقبال سنة جديدة واستمرار مسيرة الحياة الحافله بأحداثها وظروفها الطبيعية وما يفعله الإنسان لنفسه وللآخرين من حوله، عام مضى بكل خيره وشره وجديد على أمل ان تحظى فيه الشعوب بشكل عام والدول النامية والفقيرة والمبتلاة على نطاق العالم ان تحظى بقليل من السعادة والقليل من الأمن والأمان وفوق مستوى الفقر المدقع، ودعاء وتقرب إلى الله سبحانه وتعالى عن ان يزول هذا الوباء عن كاهل البشرية، ورفع هذه الغمة عن جميع المعذبين من الحروب وما تخلفه من قتل ومجاعات وفقر وتشريد وإعاقات، اكثرها من فعل الإنسان مع سبق الإصرار والترصد.

هذه الأيام الذي تعيشها الإنسانية ايام سعيدة بولادة نبي من أنبياء الله وبداية عام جديد كان هذا النبي عليه السّلام ولا يزال مصدر خير ونماء وازدهار وعدالة للبشرية، فالاحتفال بميلاد نبي هو الاقتداء بمسيرته الربانية السمحة والارتباط الوثيق بقيم السماء، ان يكون الغد بشرى خير وأمل بحياة يعمها السّلام والاستقرار والصحة ومعالجة الفقر والمجاعات ووقف النزيف العالمي من الأرواح البريئة، لا ان يحتفل بمثل هذه المناسبات المهمة والبشرية تتعذب من أفعال من يتغنون بالارتباط بهذا النبي الكريم ويتبعون خطاه والواقع يقتات الاتباع على القتل والدمار من اجل مصالح تحرم من قبل جميع الأديان السماوية وخصوصا من يحتفى به، عندما يستذكر سيرة نبي الله عيسى عليه السّلام يستذكر معه سيرة خالدة من الرحمة والصلاح ومحاربة الفساد أسس لمجتمع الحق والكرامة والرقي والمصالح المشتركة وحق الإنسان ان يعيش حياته كريمة ينال فيها جميع حقوقه، كافح وابتلي وصبر اشتهر بالتسامح والحب بعيدا عن الروح المتجبرة والمستكبرة.

ما يشاهد من واقع على الأرض هو خلاف السيرة العطرة لنبي الله عيسى عليه السّلام، تترسخ في عالم اليوم قيم الكراهية والاحقاد والظلم والتسلط على العالم.

تقتل الكرامة وتنبذ حقوق الإنسان، وتحارب المواثيق الدولية وتنتهك القوانين الدولية، يباد الإنسان وتخرب الأوطان ويفسد المناخ بسبب الاحتباس الحراري من قبل الدول الصناعية الكبرى، شعاراتها البراقة مزيفة، تنتهك سيادات دول العالم من قبل خبراء التجسس وفرض وصايات ظالمة على دول فقيرة وضعيفة، تحاصر الشعوب والعالم يتفرج، تستغل خيرات العالم وتنهب الثروات وتسرق الموارد الطبيعية، وتكريس واقع من الاحتكار والتوسع والنهب.

حضارة لم تتمسك بما يمليه عليها دين أو قيم أو أخلاق أو قليلا من الإنسانية، قيمها السلاح الفتاك ورسلها القواعد العسكرية المنتشرة في اصقاع الأرض، وعينها منتشرة لا تفارق صغيرة ولا كبيرة بفضل الأقمار الصناعية ووسائل الاتصال الحديثة، فكرها المادي أعمى القلوب قبل الأبصار، ديمقراطيتها ليس واحده بل حسب متطلبات السياسة والمصالح الخاصة، نجاحها الدمار ومستقبلها الفناء، تتفنن في خلق بؤر وصراعات عنصرية ومذهبية وعرقية تجني ثمارها شركاتها العابرة للقارات، دعمت الإرهاب في كل مكان ليكتمل لقاء الخارجين عن قيم الدين والأخلاق من التكفيريين ويكون الشيطان قائدهم نحو مزيد من البغض والعنف والابادة الجماعية في حق الأبرياء.

حضارة تفتخر بقوتها العسكرية والاقتصادية وتعتبر نفسها استثناء بدون رقيب أو حسيب على افعالها الشيطانية، ترتكب الجرائم في العالم بفضل وسائلها المتعددة، فمن آمن العقاب اساء الأدب وانتهك المحرمات وارتكب المجازر، يكرم في هذه الحضارة الأكثر اجراما وفتكا.

البشرية في عامها القادم تتوق للأمن وتعيش على امل بتغير الحال، ان يفعل دورا اكثر المنظمات الدولية والهيئات الإنسانية والمحافل العالمية لانقاذ ما يمكن انقاذه ويكون العام الجديد قليلا حروبه، متعافي اقتصاده، حسنة علاقاته، لا ان يكون إنسان العام القادم محط للتجارب لمزيد من وسائل القتل ووقود للحروب، ان تتطبق مبادئ العدالة التي ارسل بها نبي المحبة عيسى عليه السّلام، ان تكن الرسائل المتبادلة مودة ومحبة لا تكن رسل القوم طائرات بدون طيار وصواريخ عابرة للقارات اللهم احفظ هذه الأمة من هذه الغمة وتلطف عليها بمن ينقدها من براثن الاطماع العالمية.