آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 9:08 م

العام الجديد

عبد الرزاق الكوي

ينتهي العام القديم ويدخل العالم عامه الجديد على أمل على تفعيل العقل، انتهى عام والعلامة الفارقة فيه الكوارث الطبيعية واستمرار الجائحة التي تحصد الأرواح وتتجدد بنوعيات أخرى ومزيد من التسلح والتباهي بقوته العسكرية وما يعرض من خلال المناورات العسكرية هنا وهناك كل دولة على حده أو مجموعة دول تجتمع لمناورة عسكرية قوتها التدميرية تفوق الخيال ليس من أجل إحلال السلام وكتابة وثيقة تتجنب فيه البشرية الحروب بل يعلوا صوت وضجيج وقرقعة السلاح رغم معرفة الجميع أن السلاح الموجود سابقا قادر على فناء الأرض ومن عليها عدة إمرار، العالم لا يعيش واقع من الجهوزية في النواحي الإنسانية بل العسكرية، وعلاقات تبنى أساسها كم سوف تشتري من السلاح، والرضا المتبادل هو قيمة السلاح، الكل يجر النار إلى خبزه والناتج هو خبزا قاتل وفتاك، النتيجة من كل ذلك أنواعا من السلاح الأكثر فتكا والأعلى سعرا ليخلف ذلك واقعا أكثر توترا ويدخل العالم أكثر في متاهات من الفقر والجوع والقتل والدمار الشامل مع استمرار الكوارث من صنع الإنسان.

هذا الوقع المحزن ليس قدرا منزلا أن يكون العالم دائما في تصادم واختلاف ونزاعات، بل مسيرة الحياة الكريمة هي سنة الحياة والبقاء بأمن وسلام تحتاج إلى التقابل والتعارف والتقارب وتبادل المصالح، بهذه الصفات الكريمة تتطور الأمم وترتقي الدول وتزدهر المجتمعات، القواسم المشتركة كثيرة لا تعد ولا تحصى مع وجود بعض الاختلافات والتباينات تبقى المصالح المشتركة أساس لحماية السلم العالمي وتقدم الإنسانية، تقتبس كل دولة من غيرها وتتطور الحياة وهي من السنن المتروكة، بسبب طمع الإنسان تركت وغلب صوت القوة والجبروت وحب الذات، ناتجة عن عيب خلقي وضعف في الناحية الإنسانية تصل إلى حالة من حالات الإجرام والتعدي على حقوق الغير بدلا من تفعيل المصالح المشتركة، تفعل كل ما يدمر التواصل والالتقاء والتآخي، فكل أمه من الأمم لها ارتباطات مع قيم السماء التي تدعو إلى المحبة والعلاقات الطيبة أغفل عن كل تلك القيم وفعل محلها شرائع تجسد المادة والاقتصاد ليصل الحال إلى شريعة الغاب بدلا من شريعة السماء، والأفعال الشاذة والإجرامية بدلا من قيم الخير والتسامح.

التقدم العلمي والتطور التكنولوجي والثورة في مجال الاتصال، كرست لخدمة أطماع اقتصادية أكثرها غير مشروعة تنهب فيها خيرات أمم ضعيفة أو نامية لتصبح تحت خط الفقر، ومواردها الطبيعية تذهب في جيوب الطماعين ومحتكري خيرات العالم، فالأديان السماوية جميعها رسمت طرق الخير والسعادة للإنسان، لكن قطاع الطرق وسارقي العالم يأخذون البشرية إلى الهاوية كل ذلك من أجل مزيد من المال والقوة الاقتصادية والرفاه لمجموعة من الدول القوية والخاسر بل المشرف على الفناء الأكثرية، تسلب أرزاقهم ويحرمون من حقوقهم، ويهلك نسلهم، يتساقطون بلا ذنب اقترفوه أو إجرام قاموا به.

عام جديد يحل على الإنسانية بخيرها الوفير ومواردها الكثيرة تحتاج كف الأيدي العابثة وهذا ما تسعى كثير من الدول وتدعمه الهيئات الدولية بصرخات من الألم حان الوقت لقول كلمت لا.. يكفي دمار، فقد بلغ السيل الزبى وأصبح الواقع غير قابل للاستمرار، وان هذا العمر الطويل من الانتهاكات قد بدأ زواله وحان قطف ثمار الانعتاق من نير هذا الوباء، جاء الزمن ببروز قوى على الساحة الدولية تعيد صياغة العلاقات الدولية ببناء توازنات أكثر عدلا وواقعية مصالح مشتركة يعم خيرها الجميع، رغم محاولات القوى الطامعة وحربها الشرسة في بقاء الوضع واستمراره في التحكم بمصير الإنسانية المعذبة، المستقبل ينبأ بتغيرات تصب في مصلحة العالم أجمع بكف الأيدي العابثة مثيرة الفتن منتهكة الحقوق مشعلة الحروب.

وإن بعدت الإنسانية عن قيم السماء وعدم اتباع تعاليمه، فالأمل أن يحكم العقل وتفعل المصالح المشتركة لتعطي الأمل ببناء علاقات أكثر ود ورحمة، تتنوع الأفكار وتبقى المصالح المشتركة تزدهر بالحوار وتنمى بالتفاهم تتحد جميعها ليولد مجتمع أكثر عدلا.