آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

إديسون كان محقًا: الاستيقاظ مباشرة بعد مغالبة النعاس والخلود إلى النوم تدريجيًا يمكن أن يعزز الإبداع

عدنان أحمد الحاجي *

8 ديسمبر 2021

المترجم : عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 357 لسنة 2021

Edison was right: Waking up right after drifting off to sleep can boost creativity

8 December 2021

تعتبر الحالة بين اليقظة والنوم عاملًا فعالًا ومفيدًا ورائعًا لحل المسائل / المشكلات

عندما يصل توماس إديسون إلى طريق مسدود مع اختراعاته، يأخذ غفوة على كرسي بمسند ذراع علي كل جانب منه ممسكًا بكرة فولاذ. عندما يغلبه النعاس وينام وتسترخي عضلاته، تسقط الكرة من يده على الأرض، صادرةً صوتًا يوقظه من غفوته مكتسبًا فهمًا أدق وأعمق لمسائله العلمية. أو هكذا تقول القصة.

في الوقت الحاضر وبعد أكثر من 100 عام على ذلك الحين، قام باحثون بتكرار هذه الحيلة في المختبر، كاشفين أن المخترع الشهير [يعني أديسون] كانت تتولد له أفكار قد تؤدي إلى اكتشاف مهم. الناس الذين جربوا طريقته ضاعفوا فرصهم في حل مسائل رياضية بمقدار ثلاثة أضعاف. تكمن الحيلة في الاستيقاظ في حالة الانتقال بين النوم واليقظة، قبل أن يصل إلى حد النوم العميق مباشرة.

”هذه الدراسة دراسة رائعة،“ قال كين بالير Ken Paller، باحث في علم الأعصاب الاستعرافي cognetive في جامعة نورث وسترن، والذي لم يكن جزءًا من البحث. وأشار إلى أن الدراسات السابقة تبين أن هذا المرور عبر مراحل النوم العميق يساعد على الإبداع، ولكن هذا البحث هو أول من استكشف بالتفصيل بداية فترة النوم ودورها في حل المسائل.

في فترة [النوم] الانتقالية هذه، لسنا في حالة يقظة كاملة ولا في حالة نوم عميق. يمكن أن تكون هذه الغفوة قصيرة قصر دقيقة واحدة وتقع مباشرة عندما نبدأ بالشعور بالنعاس. تسترخي عضلاتنا وتصبح لدينا رؤى أو أفكار تشبه الأحلام تسمى الهايبناغوحيا hypnagogia [المترجم: هي حالة انتقالية للوعي بين اليقظة والنوم، بحسب[1] ]، ترتبط عمومًا بالممارسات الحديثة. هذه المرحلة تمر سريعًا دون أن تلاحظ في معظم الأوقات ما لم تنقطع بالاستيقاظ. كما فعل إديسون، اعتقد الرسام السريالي سلڤادور دالي Salvador Dalí أن قطع بداية النوم يمكن أن يعزز الإبداع. «لقد استخدم دالي مفتاحًا ثقيلًا بدل أن يستخدم كرة معدنية».

لمعرفة ما إذا كان دالي وإديسون على صواب، أشرك الباحثون أكثر من 100 شخص ينامون بطبيعتهم سريعًا. أعطاهم الفريق اختبارًا لحل مسائل رياضية، حيث الحل يتطلب منهم تحويل نصوص / سلسلة strings مكونة من ثمانية أرقام إلى نصوص / سلسلة جديدة متكونة من سبعة أرقام باستخدام قواعد / قوانين معينة بشكل تدريجي، ك ”كرر الرقم إذا كان الرقم السابق عليه والرقم التالي له متماثلين“. لم يُخبر المشاركون في التجربة أن هناك طريقة أسهل للتوصل إلى الإجابات الصحيحة وذلك باستخدام قانون خفي: الرقم الثاني في نص الأرقام الناتج هو دائمًا نفس الرقم الأخير في نفس النص الذي في السؤال [المترجم: أي هناك رقمان متكرران].

أولئك الذين لم يتنبهوا إلى الخدعة بعد 30 محاولة لحل المسألة أخذوا استراحة لمدة 20 دقيقة على كرسي له مسندان للذراع على جانبيه في غرفة مظلمة وأعينهم مغلقة. كان كل منهم يحمل قنينة بلاستيكية في يده اليمنى حينما كان الباحثون يسجلون نشاطهم الدماغي باستخدام خوذات تخطيط كهربية EEG الدماغ، والتي تقيس الموجات الكهربائية التي تصدرها الخلايا العصبية. كما طُلب منهم الإبلاغ بصوت عالٍ عما يدور في أذهانهم إذا سقطت منهم القنينة.

أفاد معظم الذين أخذوا قيلولة عن رؤى مختلفة: أرقام تتراقص وأشكال هندسية والمدرج «الكولوسيوم Colosseum» الروماني القديم وغرفة مستشفى فيها حصان. بعد الغفوة، عاد المشاركون لإكمال حل المسائل الحسابية.

الشكل: «أ» الجزء العلوي: تجربة توضيحية لمهمة اختزال الأرقام «NRT» للقائمين بالتجربة بتحديد النقطة الزمنية عندما تحدث لدي المشارك فكرة عن الحل ويطبقها عليه «أي عندما يتم اكتساب معرفة صريحة جديدة بقاعدة مجردة مخفية وتطبيقها على المشكلة / المسألة المطروحة». عُرض على لمشتركين نص مكون من ثمانية أرقام «يتكون من الأرقام التالية: «1 و4 و9»وتم توجيههم لإيجاد الحل النهائي بأسرع ما يمكن عن طريق تطبيق قاعدتين بطريقة متدرجة: الإبلاغ عن نفس الرقم إذا كان الرقمان السابق عليه والتالي له متطابقين «نفس القاعدة» والرقم الثالث المتبقي إذا كانا الرقمين السابق عليه والتالي له مختلفين «قاعدة مختلفة». دون علمهم، كانت الاستجابة الثانية دائمًا هي الحل النهائي «القاعدة الخفية تسمح لهم بالإجابة بشكل أسرع». مقتبس من[2] . الجزء الأسفل من الشكل: الجدول الزمني للبروتوكول. أكمل المشاركون مجموعتين «30 تجربة لكل منهما» من NRT ثم أخذوا فترة استراحة لمدة 20 دقيقة متبوعة بتسع مجموعات إضافية. «ب» فترة الراحة. استراح المشاركون على كرسي مغلقين أعينهم في غرفة مظلمة وهم يحملون قنينة «المحاطة بدائرة باللون الأحمر في الشكل» في اليد اليمنى. قيل لهم أن يبلغوا بصوت عالٍ عن أي محتوى عقلي يتكون لديهم عند حالة سقوط القنينة من اليد. «ج» تسجيل تخطيط النوم «اختبار النوم المتعدد» التوضيحي. في هذا المثال، كان المشارك في N1 عندما سقطت القنينة «خط متقطع»، مما أدى إلى إيقاظه. ثم أبلغ عن تجربة الهايبناغوحيا hypnagogic ["رأيت منحدرًا صخريًا كبيرًا وكنت أتسلقه. ثم سقطت «القنينة» وأعادتني إلى الواقع ”].
 

لم ير الباحثون أي علاقة بين محتوى رؤى المشاركبن وأدائهم [في حل المسائل]. لكن عندما درسوا نشاط الدماغ، وجدوا أن أولئك الذين غفوا وقطعت غفوتهم أثناء المرحلة الأولى من النوم كانوا أفضل بثلاث مرات في العثور على المفتاح الخفي لحل المسألة من أولئك الذين بقوا مستيقظين [3] . نشر الباحثون نتائج دراستهم في مجلة تقدم العلوم Science Advances. عشرون من أصل 24 من هؤلاء الذين أخذوا غفوة «83٪» وجدوا مفتاح الحل، مقابل 15 فقط من 59 «30٪» الذين ظلوا مستيقظين[3] .

حدث التأثير الإبداعي حتى بالنسبة للذين بقوا فقط 15 ثانية في مرحلة النوم الأولى. لكن هذه الحيلة لم تنجح مع أولئك الذين وصلوا إلى مراحل متأخرة من النوم. ”تفيد النتائج التي توصلنا إليها أن هناك عاملًا إبداعيًا مؤثرًا ومفيدًا أثناء بداية النوم“ هذا ما قالته المؤلفة دلفين أودييت Delphine Oudiette، باحثة في النوم في معهد الدماغ بباريس. ”هذه هي فترة قصيرة يمكن أن تختفي لو استيقظ الشخص قبل الأوان أو نام نومًاعميقًا.“

على النقيض من حكاية إديسون، لم تأت لحظة اليوريكا [لحظة الإلهام أو الاكتشاف المفاجيء] مباشرة بعد الاستيقاظ في هذه الدراسة. أخذ الناس في المتوسط 94 محاولة للتوصل إلى حل لاختبار الرياضيات هذا بعد الغفوة لاكتساب فهم أدق وأعمق. تقول إوديت Oudiette: ”ليس الأمر كما لو أنه يمكنك أخذ غفوة قوية والاستيقاظ ومعك حل المسألة على الفور“. «لقد جربت إوديت هذه الطريقة بنفسها عدة مرات لكنها تعتقد أن تطبيقها صعب في الحياة الواقعية، عندما لا تكون حلول معظم مسائلنا / مشاكلنا مُعرَّفة بشكل جيد كما هو الحال مع عملية الحساب الرياضية».

ومع ذلك، أُذهل الباحث في مجال النوم توري نيلسن Tore Nielsen من جامعة مونتريال بأن لهكذا فترات نوم قصيرة مثل هذا التأثير الكبير. افترض الباحثون سابقًا أن الأمر ياخذ فترات أطول من النوم للمساعدة في حل المسائل، كما يقول نيلسن، الذي لم يشارك في هذا البحث. لقد تبنى نيلسون حيلة إديسون في حياته الشخصية، حيث من عادته أن يأخذ غفوة وهو على طاولته ويستيقظ عندما يميل رأسه إلى الأمام ثم يكتب أحلامه. والآن بعد أن تم التحقق من صحة هذه الطريقة، كما يقول، فإنها ستجعل البحث عن علاقة النوم بالإبداع أمر أكثر سهولةً.

تعرف فريق الدراسة أيضًا على نمط نشاط دماغ مرتبط بمرحلة تعزيز الإبداع: مستويات موجات دماغ معتدلة بتردد بطيء تُعرف باسم ألفا alpha، مقترنةً بحالة استرخاء، ومستويات منخفضة من موجات دلتا، وهي سمة مميزة للنوم العميق.

تقول أوديت Oudiette إنه يمكن للباحثين الآن التركيز على بصمة الدماغ هذه عند دراسة الآليات العصبية لحل المسائل بنحو إبداعي. لقد خطط فريقها البحثي بالفعل لإجراء تجربة لمساعدة الناس على الوصول إلى مستوى حالة إبداعية برصد موجات أدمغتهم في الوقت الفعلي. تقول: ”كان حدس إديسون صحيحًا إلى حد ما، والآن لدينا الكثير مما ينبغي علينا استكشافه“.