صبحك الله بالخير، لقد بدأ العام الجديد
إذا كنت من المُبكرين في النهوض من الفراش فإنك الأكثر استفادة من هذا المقال في هذا اليوم وكذلك أهنئك على المداومة في الاستيقاظ مبكرا. وتقل الاستفادة من هذا المقال وغيره من المقالات والندوات والمحاضرات ومقاطع الفيديو التي تشاهدها أو تقرأها أو تسمعها بقدر قلة التوظيف للمضمون من طرفك.
”اللهم بارك لأمتي في بكورها“، كلام نبوي شريف نفتخر به ويسعى البعض منا صدقا وفعلا لتفعيله في الواقع في أيامنا لنحظى بالبركة والسعادة والريادة والكرامة. والحمد لله الكل يتلمس شواهد عديدة وإيجابيات كثيرة للاستيقاظ المبكر والمبادرة في خطوات العمل، لا سيما الموظفون والطلاب والعمال وحتى المتقاعدون على حد سواء.
وشخصيا رصدت أن أكثر ظاهرة سلوكية رديئة في بعض الشوارع وبعض البيوت تقع عند ساعات الذروة من أحد أسبابها الاستيقاظ المتأخر من قبل بعض الموظفين وإرباك من حولهم بذات السبب. وأول تلكم الظواهر السيئة الصادرة من المُتأخر هي سوء المزاج وتشوش التفكير وتصاعد درجات القلق والطيش في القيادة واختلاق الزنقات المرورية وسوء الأدب مع الآخرين وتزايد احتمالية وقوع حوادث مرورية أو حوادث منزلية.
ولعل أشهر ما رأيته شخصيا في شوارع منطقة الدمام، حيث أقطن، هو تكدس السيارات المتحركة في عدة طرق وتشكيل ظاهرة أسميتها ”زنقة طابا“. وتتشكل ظاهرة ”زنقة طابا“ عند مخرج طريق شارع الخليج العربي ومدخل شارع الامير نايف «شارع 42 سابقا» عند الساعة 6:30 صباحا حتى الساعة 7:45 صباحا من كل يوم عمل باستثناء أيام شهر رمضان المبارك والأعياد.
وهناك عدة طرق في عدة مدن في وطني الحبيب وفي عدة مدن بدول أخرى تتشكل فيها ذات الظاهرة. والمؤكد لدي بأن أحد أسباب تشكل ظاهرة ”زنقة طابا“ هم المتأخرون في النهوض من فراش نومهم وتصرفاتهم الرعناء.
ألفت السيدة، Liz plosser كتاب بعنوان Own Your Morning «أمتلك صباحك»، والكتاب يسلط الضوء على أهمية الساعات الأولى من النهار «الصباح» في حياة الإنسان الباحث عن النجاح والنمو والتأثير والحيوية والنشاط.
يمكنك أخي القارئ الرجوع لأقوال الأطباء في مجال فوائد النهوض من الفراش مبكرا. بالنسبة لي، تأملات الصباح الباكر تعطي إجابات عميقة وشافية للسؤال الأكثر إلحاحا في عمق عقول معظم المتأملين من بني آدم 
وهو: ماذا تريد من هذه الحياة وماذا تريد أن تصنع فيها من أثر دائم؟.
شخصيا، أتألم لمن يفقد أهم ساعات صباحه في التنقل بين مقاطع فيديو ورسائل غير ذات نفع متداولة في القروبات الافتراضية أو التسمر أمام شاشات التلفاز لعدة ساعات على قنوات Netflix وأخواتها دونما أي غاية أو هدف أو استفاده.
فعليا النهوض من الفراش مبكرا يعطي مجال زمني أوسع ووقت أكبر لإنجاز مهام عديدة وتُجنب الإنسان الضغوط الناتجة من الاختناقات المرورية ومخاطر القرارات المشوشة وتراكم الواجبات وتقلص الشعور بالإنجاز أو ضمور الأهمية للزمن.
في أيامنا هذه، نرى في ذات البيت، وذات الحي، وذات المدينة أشخاص يُصنفون بأنهم صباحيّون early bird وأشخاص آخرون يُلقّبون بالبوم night owl أو خفافيش bats. في عالم الطيور، الطيورالباكرة تصطاد رزقها الطازج مبكرا وترتاح ليلا والبومات تنام نهارا وتقتات على الجرذان وبقايا الطعام ليلا.
من تذوق طعم النهوض مبكرا كل صباح فإنه سمع أو يسمع ويعيش مفاهيم عديدة عن الحياة الناجحة، مثل:
- قوة الإنجاز power of accomplishment
- مبدأ الدقائق الأربع الأولى للتسخين
- مبدأ الحد الأدنى للعمل التراكمي والسعي لإنجاز الهدف
- مفهوم ربح عطلة الأسبوع win your weekend
- الامتنان لنعم الله العزيز الحكيم بجمال هذا الوجود الرحب
- أهمية أول ثلاثون دقيقة بعد النهوض للتحكم بالمزاج والسعي لصنع الأفضل بما عنده
- الصوم الإلكتروني
في المقابل، الأشخاص المصنفون على أنهم أشبه بطائر البومة أي ساهري الليل من دون أي داع أو مبرر أو عمل، يفقدون الكثير الكثير من الإحساس بتعب وتضحية الآخرين من أجلهم. ويفقدون الإحساس بنعم الله عليهم وأول تلكم النعم أهمية هو نعمة الحياة بعد النوم. وتلي تلك النعم أهمية ضوء النهار في إدارة الحياة ونعمة الحركة وإيجابية التأمل باكرا واستشعار الانطلاق في الحياة نحو الأفضل والاعتماد على النفس والسعي لاقتناص الفرص.
مجرد تساؤلات خاطفة:
أ - ما هي العادة الأولى التي توصي بها من يجلس باكرا؟
ب - ما هي العادة السيئة التي تناشد كل الأحبة على تجنبها فور الاستيقاظ من النوم؟
ج - هل تتجول في العالم الواقعي والافتراضي لقطف الجميل من العلوم أم للمناوشات مع الآخرين وإثارة المتاعب وجلبها إلى بيتك.
ختامًا، صبحك الله بالخير يالغالي، لقد بدأ العام الجديد فكل عام وأنت بألف خير وحان الوقت لأن تمتلك كامل وقتك «own your full day» وليس فقط ساعات صباحك، فتحرر من ضيق شاشة جوالك إلى رحابة الكون. فهذا الكون الرحب خُلق للانسان.
