آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

أخبث العداوات!

جرت حادثةٌ منذ زمنٍ طويل بين أخوين شقيقين انتهت بقتلِ أحدهما الآخر. كانت أسبابُ الجريمةِ تافهة جدًّا إلى حدِّ الغباء.

قرَّب الأخوان قربانين تطوعًا إلى الله، ولأن أحدهما قرَّب قربانًا لا يستحق القبول، لم يقبله الله. اغتاظَ صاحبُ القربانِ الرديء من أخيه الذي تقبلَ الله قربانه وقالَ له بكل برودِ أعصاب واسترخاء: لأقتلنك. خفِّف.. ثقِّل.. بدِّل.. فكِّر ولا تقتلني، فأنا ليس لي ذنبٌ سوى أنك - أنتَ - الذي قربتَ قربانًا والله لا يتقبل إلا من المتَّقين، وفي كل الأحوال أنتَ أخي وحبيبي ولن أقتلك! نفذ الأخُ حكمَ الإعدام في أخيه، وأنتم تعرفونَ ذيولَ حكاية ابني آدم قابيل وهابيل. وها هي عداواتُ البشر تتوالى وتتوارَث جيلًا بعد جيل، وفي نفسِ النَّمط والسِّياق، بين الأشقَّاء والأقارب!

أخبثُ العداوات تلك التي بين الأشقَّاء والأهل، بين الأخِ وأخيه، وبين الابنِ وأبيه، وهكذا دواليك. وأخبثهَا العداوات التي تدوم دون سببٍ مقبول، تجعلك تدور مثل العجلِ المربوط تبحث في دائرةٍ عن سببٍ وجيه فلا تجد! أفكر في هذه الحياة وأتساءل لماذا توجد عداوات؟ وماذا يستفيدون عندما يقطعون صلاتهم؟ هل للكراهية لون أو طعم أو رائحة طيِّبة حتى تُحب وتُسطاب؟ هل تختلف العداوات عن الجحيم؟

كيف تختلف العداوات عن جهنَّم والإمام عليّ بن أبي طالب «عليه السَّلام» يقول عنها: النَّار القليلُ منها كثير، والنَّوم القليلُ منه كثير، والمرض القليلُ منه كثير، والعداوة القليلُ منها كثير؟ ويقول عنها أبو عبد الله «عليه السَّلام»: من زرعَ العداوةَ حصدَ ما بذر.

أغلب العداوات التي تدوم جيلًا بعد جيل، ليس فيها دم ولا عِرض ولا شرف بل خيالات وأوهام، لا تستحق النَّظر فيها! لم يقتل قابيل هابيل فقط لأن الله لم يقبل منه القربان، لكنه كانَ رجلًا ملوثَ القلبِ حسودًا معاندًا جُبلت نفسه على الشرِّ فرفضَ الله قربانه. أما هابيل - المغدور - جبلت نفسه على الخير والحب، وبقي مثالًا للبراءةِ والصَّفاء، يترحم عليه اللهُ والنَّاس.

سامحوني على هذا التعبير، فحينما يهل الصبَّاح ويظن بعضُ من يحمل العداوات أنه يحمل الخمرةَ العتيقة فذلك إفكٌ وزور. العداوة وجع قلب لا تُستطاب ولا تستحق أن يحملها أحد!

مستشار أعلى هندسة بترول