آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 7:06 م

لعبة عض الأصبع

عبد الرزاق الكوي

لعبة عض الأصبع من يصرخ أولا يخسر ويتألم، يجرح أصبعه ويمكن أن يفقده، هذا حال الوضع العالمي شرقا وغربا يتجه نحو معايشة هذه اللعبة المشهورة، تعتمد على المباشرة وليس عن بعد تحتاج إلى القوة والصبر والصمود والمقاومة حتى يكون النصر حليفا، واقع اليوم سواء في المحادثات والاجتماعات المكوكية وصولا للتهديد بالحروب تمارس لعبة عض الأصبع والتي لا يجيدها ويتحملها الجميع تحتاج أصحاب النفس الطويل في التحمل لا من تتحكم فيه الأهواء والأطماع، يمارس جبروته وطغيانه كل ذلك عن بعد، أما في الواقع على الساحة اليوم هناك قوى عالمية تعيد صياغة وصناعة تاريخ جديد للإنسانية تمتلك الحنكة السياسة والمقارعة والتحمل في جميع الساحات سواء سياسية أو اقتصادية أو عسكرية، سرعان ما ينكشف المستور أقوى عاثت في مقدرات الأرض وما وراء تلك القوى سوى أنها كانت تقدم أصابع الغير بدلا من أصابعها، وان مخالفيها وعلي امتداد الزمن اكتسبوا كثيرا من الخبرة بما تعرضوا له من ويلات وحروب وفتن بدلا أن تضعفهم أعطتهم القوة للدفاع عن أنفسهم بدأت تؤتي نتائجها في كثير من مناطق النزاع والاختلاف والاجتماعات.

شهد العالم ويلات ومصائب وقتل بدماء باردة من أجل مشاريع تصب في مصلحة أطراف معينة، كان الجميع يصرخ ولا من مجيب بما تفضلت عليه تلقى القوى من خيراتها ليس دفعات من الغذاء والكساء وغيرها من المساعدات الإنسانية، بل حروب مدمرة استخدمت فيها وسائل الفتك والإبادة الشاملة، اضرب من بعيد أو عن طريق بعض المرتزقة من المجموعات الإرهابية المسلط على رقاب كل من يخالف توجهات القيادة الحاكمة والمهيمنة على رقاب العالم، المهم ان لا يصيب أصابعها الناعمة مكروه، لكن غاب عن أذهان تلك القوى أن أصابع الغير تعودت على الألم وتعايشت معه، وجاء اليوم وعلى طاولات المفاوضات أن تتعامل بحنكة وطول بال وسعة أفق وصبر بأصابع حفرت الصخر سنوات طويلة ليتسنى لها النجاة من الإبادة وليس العيش الكريم، سياسة تلك القوى الحديثة لا تريد الرجوع لحرب باردة أو ساخنة أو حرب النجوم وغيرها من سباق للتسلح، بل بالاعتماد على نفسها ومقارعة خصومها على طاولات المفاوضات وان ماسبق من تهديد أصبح لايجدي وأسلوب الضغط النفسي والحصار الاقتصادي والتلويح باستخدام القوة العسكرية، فالعالم على فوهة بارود شديد الخطورة والتهديد باستخدام القوى العسكرية تولد لو انطلقت في الوقت الحاضر حربا عالمية لا أحد بإمكانه التنبؤ بنتائجها التدميرية.

ولهذا برزت على الساحة قوى رافضة للهيمنة بدأت ببناء تحالفات وعلاقات استراتيجية تصب في مصالح بلدانها بعيدا عن الهيمنة، فهمت أصول اللعبة واستعدت لها، معلنه ولادة واقع لا يصب في مصلحة القوى المتفردة سنين طويلة في مصير العالم. لتنتهي معها حقبة ظلامية بعيدا عن الإملاءات ومصادرة القرار السياسي لدول مستقلة، اليوم تجلس على طاولة المفاوضات ندا لند وقوة مقابل قوى وتنهزم في كثير من الجولات والرضوخ والتراجع وصولا لمناطق مشتركة تحفظ لكلا حقه ومكانته بدون عنجهية واستعلاء، لتنتهي وتتوقف الحماقات السياسية والضغوطات الاقتصادية وأصبح التهديد العسكري لا جدوى منه وإعادة الزمن للحرب واقع عفا عليها الزمن.

عالم اليوم غير الأمس، والمستقبل حافل بكثير من المستجدات والمواقف على أصعدة وساحات متعددة، يبشر بتوازن قوى وبناء استراتيجيات تخدم المصالح المشتركة بعيدا عن شعارات حماية الديموقراطية وحقوق الإنسان التي انتهكت بسبب تلك السياسات، اليوم العالم يبحث عن علاقات عقلانية لن يستطيع مخالفيها ممارسة ضغوطاته بدأ الجميع يتقن فن اللعبة وعدم تحمل الأصابع الناعمة العض.