آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 10:23 ص

العودة الحضورية للمدارس بين فرحة الصغار وهواجس الكبار …! ‎‎

عبدالله منصور العبيدي

لا شك أن تعليق الدراسة حضوريا لأكثر من عام ونصف كإجراء وقائي لمواجهة تفشي «فايروس كورونا» في العالم شكل سابقةً تاريخيةً فريدة، وتجربة قاسية اختبرت وضعنا الصحي، وزادتنا قدرة وعلم وبصيرة تمكننا من استخلاص العبر، وخوض التحديات الصحية المحتملة بكل اقتدار.

هذه الجائحة فرضت على دول العالم، اتخاذ إجراءات عديدة لمواجهة «الفايروس» المستجد، ومنها تعليق الدراسة حضوريا، واستمرار التعليم عن بعد عبر المنصات الإلكترونية.

وبعد تلقيح طلاب وطالبات المراحل المختلفة «فوق 12 عاما»، وعودتهم حضوريا، يعود في 23 الجاري جميع الطلاب والطالبات رياض الأطفال، والمرحلة الابتدائية لمقاعد الدراسة، بعد غياب طويل. وفق التعليمات، والاحترازات الصحية المتبعة بطبيعة الحال.

رافق تفشي «فايروس كورونا» كحالة طوارئ غير مسبوقة الكثير من التباين، والتعارض في المعلومات؛ أدى لتشكيل بيئة مثالية لتكاثر وانتشار الاشعات.

ساعد على ظهور آراء متنوعة في المجتمع، تتراوح بين من هو مؤيد ومتخوف ومتردد بين التعليم الحضوري، والتعليم عن بعد، وهذا ما حدث بالضبط حين عودة الفئات العمرية الأكبر.

أعتقد أن بعض أولياء الأمور، يتوجس خيفةً، من عودة صغارهم في أجواء الشتاء البارد، وسهولة إصابتهم بالبرد والانفلونزا الموسمية، وصعوبة التشخيص والتمييز بينها وبين الإصابات الأخرى؛ لذا فإن توزيع جهاز فحص الكورونا على الأسر والمدارس باعتقادي سيساعد في تحييد المصابين، ويساهم في الحد من إنتشار العدوى، خاصة ونحن نلمس عودة في ارتفاع تسجيل إصابات جديدة بشكل يومي، وفي ظل انتشار متحور «أوميكرون» الجديد.

كل هذه الأمور مجتمعة، وغيرها من محاذير، قد يرفع منسوب القلق للأولياء الأمور.

البعض الآخر منهم يتوق للعودة الحضورية لأبنائهم بعد معاناة مريرة معهم، وصعوبة بالغة في تخصيص أوقات لمتابعتهم.

فضلًا عن كون السلبيات، والأضرار النفسية، والاجتماعية التي قد تحدث نتيجة بقائهم في المنزل، وإدمانهم الإلكتروني للأجهزة، ومستوى تحصيلهم الدراسي المتدني ربما تفوق أضرار الجائحة نفسها.

وعلى أية حال، فلا بد من عودة الأمور لطبيعتها السابقة، وعودة الطلاب لمقاعدهم الدراسية، وإلا إلى متى يبقون في منازلهم..؟

فهناك طلاب وطالبات، في الصف الثاني الابتدائي، لم يروا المدارس حتى الآن …!

لذلك نرى اقتصار التعليم للمرحلة الابتدائية، على تعليم القراءة والكتابة، والرياضيات فقط، كخطوة علاجية استباقية، كمرحلة انتقالية استثنائية تجنبنا الوقوع في مشكلة ضعف القراءة والكتابة، والرياضيات.

وهذا أمر برأيي القاصر يستحق النظر والدراسة فياحبذا لو قامت وزارة التعليم على دراسته، والتحقق من نجاعته.

إن وضع خطط مستقبلية للتغلب على سلبيات مرحلة الفجوة التعليمية «التعليم عن بعد»، وإيجاد طرق ووسائل علمية لعلاج ذاك القصور المحتمل، أمر بالغ الأهمية كاستراتيجية فاعلة لمواجهة سلبيات المرحلة الانتقالية.

أعتقد أن تواصل وزارة التعليم مع أولياء الأمور، واستطلاع آرائهم أمر هام يجب أخذه بعين الاعتبار، ويساهم كثيرًا في التوصل للقرارات المناسبة وتعزيز الثقة والتعاون بينهما.

شخصيًا آمل أن تأخذ وزارة التعليم قرارا يتبنى فكرة تخصيص الفصل الثاني للكتابة، والقراءة، والرياضيات؛ لتفادي أي خلل محتمل لأي قصور كان تقني، أو بشري خلال الفترة السابقة.

أما باقي المواد فهي معلومات ثقافية، يمكن تعلمها في أي وقت، ويمكن ترحيلها للفصل الثالث.

ويجب أن يساهم الإعلام، وبالتنسيق مع وزارتي التعليم والصحة في تعليم، وتوعية الصغار بطرق محببة ٌ، وجاذبة، تكسبهم سلوكيات حضارية راقية في تعاملاتهم اليومية المختلفة، في مدارسهم، ومجتمعهم وتوعيتهم أيضًا بطرق التعامل السليم مع الاحترازات الصحية.

الآن العودة الحضورية رغم كل التجاذبات في الآراء تبدو خطوة شجاعة، واثقة، من وزارتي التعليم والصحة، نأمل أن تنحو ببراعمنا الأبرياء نحو بر التطوير المستمر والصحة والسلامة.