آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 12:38 ص

هل في الحب والكره تأمر؟

كاظم الشبيب

طبيعي أن نحب أنفسنا. غير طبيعي أن نكره غيرنا. هذه ببساطة من القواعد الأولية التي يتعلمها الإنسان بفطرته وعفويته لفهم الحياة والعلاقة مع الناس. لذا، من الحقوق الطبيعية لكل واحد منا أن يعتز بهويته الخاصة، القبيلة، الطائفة، الدين، الوطن، بغض النظر عن حجم قوة أو ضعف هويته وأهلها. لكن ليس من حق أي أحد أن يذم هوية الأخرين مهما كبر أو صغر حجمها من حيث القوة والضعف. ومن حق كل واحد منا أن يصف أهل هويته بما يشاء من المدح والتغني بهم أو حتى إلباسهم هالة من القداسة والتبجيل، ولكن ليس من حق أي أحد أن يستصغر أو يهين أهل الهويات الأخرى. 

من الأعراض المرافقة للاعتزاز بالهوية الاصابة بالنرجسية. إذ يصبح أهل الهوية شديدي الحساسية تجاه كل قول أو فعل يمس هويتهم، وربما أي محاولة للمز أو الغمز بهويتهم هي عندهم أما يراد منها التحرش بهم للاعتداء عليهم، أو أنها مقدمة لمؤامرة ضد هويتهم وأهلها، فيقيسون الآخرين بمقدار مشاركتهم أو موقفهم من كل مؤامرة ضدهم كما يتصورون. يمكننا أن نأخذ نظرة المسلمين لأنفسهم ونظرة المسيحيين لأنفسهم أنموذجاً لذلك. ينطبق ذلك على الهويات الصغرى كالطائفة والقبيلة كما ينطبق على الهويات الكبرى أيضأً كالوطن والقومية. 

 فكلما زادت نرجسية الناس تجاه مجموعاتهم، زاد اعتقادهم بأن المجموعات الأخرى تتأمر ضدهم، على وجه الخصوص، وقد وجدت كل من ”د. جوليك دي زافالا“ و”د. سيتشوكا“ «عام 2012» أن النرجسية القومية الجمعية في بولندا تتنبأ بتأييد نظريات المؤامرة عن النمطية عن اليهود. كذلك، أوضحت كل من الدكاترة ”سيتشوكا“ و”مارتشلفسكا“ و”جوليك دي زافالا“ و”أولتشوفسكي“ «عام 2016» أن النرجسية القومية الجمعية في بولندا ترتبط بتأييد نظريات المؤامرة التي تقول بانخراط الروس في حادثة سمولنسك عام 2010 التي توفي فيها الرئيس البولندي وعدد من المسؤولين. 

اقترح باحثون أن نظريات المؤامرة قد تعزز صورة المرء عن نفسه وجماعته القريبية عن طريق إسناد الفشل والنتائج السلبية إلى الآخرين. لهذا، ربما تساعد نظريات المؤامرة في دعم الصورة الذاتية وصورة الجماعة بوصفهم أشخاصا قادرين وأوفياء لكن مشكلتهم تكمن في الآخر القوي وغير الأخلاقي الذي يدأب على أذاهم وإعاقتهم. *

فهل هذه التصورات حقيقية؟ في المقطعين المرفقين وجهات نظر ربما تساعد على فهم الموضوع: جنون نظريات المؤامرة، كيف أصبحت كل الحقائق أكاذيب؟ 

نظرية المؤامرة، لماذ يحب الدماغ نظريات المؤامرة ويقتنع بها؟ 

 

*ص 119 - 120 كتاب السذاجة وعلم النفس الاجتماعي، بتصرف.