آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

هكذا هي الحياةُ قالت الأرضُ.. اسمعوني!

مع استمرارِ هطول المطر، هل تصدقون ما يحدث؟ شيءٌ غريب جدًّا أنَّ كثيرًا من الحبوبِ التي كنتُ أدفنها في الأرضِ منذ مدَّة للتخلص منها، نبتت وكبرت! أي نعم، هذا ما حصل، كل ذلك بعدما نزل المطر، فقط مرَّتين أو ثلاث مرات! يا سبحانَ الله، حتى بذور الشَّعير وغيره من الحبوبِ التي تساقطت - على جوانبِ الطرقات - من الشَّاحنات والحاويات التي تنقل الحبوبَ بين المدن، وسقط بعضٌ منها على الأرضِ بعيدًا عن الأرصفة، صارَ نباتًا أخضر!

تأملوا تلكَ الصحراء المملؤة بالرملِ الأصفر على امتدادِ البصر، زوروها بعد أيَّام وسوف ترون ملامحها القاحلة الميتة تغيرت وأينعت في جنباتها الزهورُ البرية، وظهر فيها ألوانٌ وأشكالٌ من الحياةِ والأحياء. كل ذلك بفضل المطر، الزائر البخيل في زيارته!

أجل، تكلمت الأرضُ بعدما نزلَ عليها الماء، اهتزَّت وربت، هذه الأرض كانت يابسةً، خاليةً من الحركة ومن آثارِ الحياة، فأي قدرةٍ حولتها إلى حياة؟ إنه الماء يا سادة الذي أرسله الله سبحانه! وهل تصدقون أننا في نواحٍ كثيرة مثل تلك الأرض، فينا طاقة مدفونة لا نعرف أنها موجودة، وحالما تتوفر الظروفُ المناسبة تتفجر تلك الطاقة؟ كلمةٌ تفعل فينا الأفاعيل، تحركنا إلى الفضاء وتولد فينا روحًا من جديد، فكرة مشروع يبثّ ويضخّ فينا روحًا ويعيد لنا توازننا، وغير ذلك مما ينفع.

لكنّ أرضنا لن تهتزّ ويعجز عنها كلُّ ماءِ العالم إذا فقدت الإرادةَ في الإنباتِ والحياة، وصارَ راسخًا في أذهاننا أن ليسَ هناك إمكانيَّة لبدايةٍ جديدة. أحيانًا، حماقتنا تقودنا إلى رفضِ الماءِ والتغييرات والمحفزات التي تحيينا، نرفضها جملةً وتفصيلًا، كما يرفض الكفَّار التوحيد، أجل فلا حياة دون إيمان!

اسمحوا لي ونيابةً عنكم أن نعبر عن شكرنا وامتناننا لله الذي بعثَ الماءَ فأحيا به الأرض، ولمن بعثهم اللهُ مثل الماءِ في حياتنا، كيف أن نكون جاحدين لهم؟! أناس نعرفهم وآخرون نسيناهم مع الأيام، سقوا عقولنا وقلوبنا بكلمةٍ أو فعل.

تطلبون إنجازاتٍ أضخم وحكاياتٍ أكثر تأثيرًا في نفوسكم؟ أنا جازمٌ أنكم قرأتم وسمعتم حكاياتٍ كثيرة من الذين نجحوا، قالوها بأنفسهم وحكاها عنهم غيرهم، منذ فجر التاريخ وحتى الآن. ومع ذلك ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ. فإرادة التغيير تبدأ من داخلنا ومن ذواتنا.

مستشار أعلى هندسة بترول