آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

العُملة المُغيبة

المهندس أمير الصالح *

ملايين البشر يتابعون شغفا كل صغيرة وكبيرة عن أسواق العملات وتقلبات سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل العملات الرسمية المحلية والدولية. وملايين البشر يتابعون كل شاردة وواردة تتعلق بالعملات الرقمية مثل بيتكوين وإيثيريوم. وليل نهار يتابع أغلب سكان الأرض أخبار المعادن النفيسة بين الحين والحين ليخزنوا جزء من مدخراتهم على شكل ذهب وفضة أملا منهم في حفظ ما لديهم من مدخرات من تقلبات الدهر ونكبات الزمان وشبح الإفلاس وطاعون الفقر. وهناك عشرات الآلاف من الناس تشرئب أعناقهم طمعا في ضربة حظ العمر والثراء السريع عن طريق المتاجرة في العملات الورقية أو العملات الرقمية أو المعادن النفيسة أو أسهم الطفرات أو حتى لعب القمار.

وهناك عملة نفيسة تنفع المدخر منها في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون. تلك العملة المهملة والمغيبة إعلاميا في كثير من بلدان العالم ومن أذهان الملايين من البشر هي عملة الصدقة والإحسان. وعملة الصدقة، إن صحت الاستعارة من طرفي، هي عملة تُصرف يوم القيامة للمودعين والمدخرين والمُقرضين الله قرضا حسنا في أيام الحياة الدنيا. ونحن على بعد عدة أسابيع من شهر رمضان المبارك لعله من الجيد التخطيط مبكرا لتحشيد بعض الجهود المالية والنفعية النافعة في سد النقص لدى العوائل المتعففة واليتامى والأرامل المتمسكين بأخلاق حسنة وضعفاء الحال من أهل الاستحقاق الباذلين للجهد صدقا والمتحرين عن الأعمال جدا. ولا ننسى أيضا العمال الضعفاء المغتربين من أجل كسرة الخبز وشظف العيش.

ملفت ما ورد في محكم كتاب الله العلي القدير في سورة النساء، آية 114، صفحة 97

﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا .. الآية. لعل هذا المقال بما فيه من نداء مجدد يقع على مسامع أو يبصره بصر من لديه من الطاقات والقدرات ما قد يكون أنفع به منا. وكم هو جميل أن يبادر كل من يسعى للخير بتلمس احتياجات أقرب الناس له ويساهم وفق قدراته المالية وإمكانياته الذهنية في هدوء وكامل الحفظ للكرامة ومن دون بهرجة إعلامية في المساهمة بتخفيف الآلام لتكون الأعمال خالصة لوجه الله الواحد الأحد. وإن أعيت أيا من الصالحين الموانع لأي سبب. فلا يجفل ولا يتوارى عن المساهمة ولو بالكلمة الطيبة والمقولة النافعة والإرشاد المفيد. فالكلمة الطيبة للأبناء والعمال والخدم أضحت أيضا صدقة مُغيبة. نحن وإياكم تشرئب أعناقنا لكرم الله وكبير عطاياه. ليس لحصيلة دعائنا وتضرعنا وعبادتنا نتكئ وإنما نتكئ على كرم الله الكريم بأن يشملنا في رحمته. ولعل شهرا رجب وشعبان مضمار تسخين قبل الدخول ذروة الأعمال الصالحة في شهر رمضان المبارك. موفقين لكل خير ونسألكم الدعاء.