آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 11:13 ص

فإن مع العسر يسرا

قد لم يكن يدور في خلد أحد منا أن نجبر على تغيير نمط حياتنا عقب تسجيل حالات كورونا محليا وفرض القيود الاحترازية حفظا لسلامة الجميع. فمنذ بداية الجائحة عالميا حين كانت تردنا بعض مقاطع الفيديو لانتشارأعراض مرض غريب في بلاد أخرى، كانت ردة الفعل التلقائية أننا لسنا معنيون كثيرا بذلك باعتبارات البعد الجغرافي والإختلاف الثقافي.

حتى سجل تاريخ الثاني من مارس لهذا العام تغييرا جذريا في المعطيات المحلية وبشكل متسارع ومتوالي أوصلنا تدريجيا إلى أوضاعا جديدة لم يعهدها الجيل الحالي. وكغيرها من حالات التغيير، كان من الطبيعي أن تستغرق هذه الحالة العبور بمراحل التغيير لربما دون أن نشعر وهي: الرفض التام، التقبل الجزئي، التقبل التام، التعاون والمشاركة. ذلك لأن من أهم دعائم الوصول لمرحلة التعاون والمشاركة هو أحد أمرين، 1» الإستعداد للتغيير 2» إمتلاك المقومات لمواجهته.

وفي مثل حالة التغيير اللتي شهدناها في نمط حياتنا بسبب هذه الجائحة، كان مستوى الجدية والإستباقية في التعامل مع الموقف من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على جميع الأصعدة الدعامة الأكبر في ذلك بعد توفيق الله وترجمة صريحة في امتلاك المقومات لمواجهة التغيير. وفيه أكدت الإجراءات المتسارعة اللي شهدناها امتلاكنا لمقومات على أعلى درجة من الكفاءة في العناصر البشرية والتقنية والتخطيط لإدارة المخاطر والأزمات. كما أكدت كذلك جدوى العديد من القرارات المؤثرة التي ساهمت في تخفيف شدة وطئة انتشار الجائحة بالرغم من ماتسببت فيه من تباعد مجتمعي وتعسر في التسارع الاقتصادي والأنشطة الحياتية العديدة واضعة سلامة المواطن والمقيم على قمة الأولويات.

وأهم الشواهد على امتلاك تلك المقومات، دور الكوادر الأمينة في الصفوف الأولى من قطاعات الصحة، الداخلية، التعليم، البلدية، الخارجية والطيران وغيرهم والتي بذلت ومازالت تبذل الكثير من الجهد والوقت والتضحيات إستشعارا منهم بقيمة مايقدمون خدمة منهم للوطن والمواطن والمقيم. وبقدر ما أشعرناهم منا بالمحبة والفخر بهم وبما يقدمون، فهم يستحقون منا وقفة شكر وتعاون خلال هذه المرحلة وما بعدها في تخفيف أثر ماتكبدوه من ضغوطات في سبيل القيام بأداورهم وبكل كفاءة. ولا يفوتنا هنا أن نرفع أيدي الدعاء لهم بالتوفيق والسداد وبالشفاء العاجل لجميع من ابتلي بهذا الفايروس والرحمة لمن توفاهم الله إلى رحمته وأن يكشف الله هذه الغمة سريعا عنا وعن سائر الأوطان.

وهانحن الآن أمضينا شهر المغفرة والرضوان هذا العام في ظروف استثنائية لم نعهدها من تباعد اجتماعي ومنع تجوال واستقبلنا عيد الفطر السعيد كذلك في ظروف أخرى مماثلة إلا أن إيماننا بأن العسر لا يخلفه إلا اليسر يجعلنا نتطلع للمرحلة المقبلة بشكل مختلف. فبعد أكثر من ثمانين يوما عشناها في ظروف عسرة، اتضح لنا حجم إمكانياتنا الضخمة على الصعيد الرسمي والشخصي اللتي قد لم نكن ندركها واستعضنا عن الخروج من منازلنا بإكتشاف المواهب من حولنا في المنزل الواحد أو العائلة الواحدة والكثير منا واصل هواياته المحببه بشكل مختلف. كذلك فإن التميز على الجانب التقني من اطلاق تطبيقات متعددة وإدارة العمل عن بعد لديها القدرة أن تخلق أجواء معرفية فيما هو قادم من الأيام. وبتلك الإعتبارات الإيجابية، فلنكن على استعدا لاستئناف تقاربنا الإجتماعي والتعايش المقنن باتباع الإجراءات الاحترازاية بشكل مختلف ولنكن متفائلين بأن يكون قريبا بإذن الله. وإن كنا لانملك تصورا كاملا لشكل النمط القادم للحياة بعد انقضاء هذه الجائحة، إلا أنه وبأي شكل يكون فإننا بأخذ بالأسباب والتوكل على ولي الألباب، واثقون أننا قادرون على العبور بسلام إلى عصر جديد من النهضة العلمية والثقافية والاقتصادية بإذن الله مصداقا لقول الباري جل وعلا ”فإن مع العسر يسرا“.