آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

شعارات خادعة

محمد أحمد التاروتي *

يمارس البعض لعبة الخداع، والدفاع عن الحقوق الاجتماعية، خلال مراحل زمنية متفرقة، بهدف استقطاب بعض الأصوات، والعمل على تسخيرها في سبيل تعزيز نفوذه الاجتماعي، فهو لا يتورع عن استخدام الأساليب المختلفة في سبيل تحقيق تلك المآرب، خصوصا وان النفوذ الاجتماعي يتطلب بعض الأدوات، وكذلك توظيف جميع الإمكانيات المتاحة، وأحيانا استخدام لعبة ”الاستعانة بصديق“، من اجل توسيع دائرة النفوذ، وتسريع احتلال المواقع المتقدمة، مما يعجل من الدخول في دائرة صناعة القرار.

اكتشاف العديد من الشعارات الكاذبة، مرتبط بمدى سرعة الدخول في دائرة صنع القرار، حيث تتحول الشعارات البراقة الى مجرد وعود كاذبة، سرعان ما تتبخر ”كلام الليل يمحوه النهار“، الامر الذي يسهم في اظهار الوجوه على حقيقتها، دون استخدام المساحيق لاخفاء العيوب منها، فهناك العديد من الشعارات تبقى مدفونة وراء الأكاذيب، والتلاعب بالالفاظ لفترة طويلة، بيد انها تتلاشى مع دخول أصحابها في صناعة القرار، بحيث تتحول الشعارات الى سياط تتلوى على أجساد البيئة الاجتماعية، الامر الذي يحدث حالة من النفور والتحرك المضاد، بهدف فضح تلك الشعارت، والعمل على إعادة ترتيب الولاءات، بما ينسجم مع الحقائق على الأرض.

امتلاك السلطة والتحول من خط الدفاع الى حالة الهجوم، تدفع أصحاب الشعارات الزائفة لاعادة النظر في القناعات السابقة، من اجل الاستفادة من الوضع الجديد، والعمل على استثماره بطريقة انتهازية، خصوصا وان المرحلة الحالية تستدعي الانتقال من مرحلة الدفاع عن الحقوق الاجتماعية، الى مرحلة الدفاع عن أصحاب القرار، والعمل على تصويب الكثير من القرارات، والتحرك باتجاه إيقاف جميع التحركات الساعية، لترجمة الشعارات السابقة على ارض الواقع، باعتبارها مصدر ازعاج، وأحيانا بابا لفقدان جزء من المكاسب المكتسبة، على الصعيد الاجتماعي.

تعرية أصحاب الشعارات الزائفة، بحاجة الى قدرة فائقة لقراءة المواقف بدقة، بهدف احداث فجوة واسعة مع البيئة الاجتماعية، تمهيدا للدخول حالة الطلاق البائن، خصوصا وان أصحاب الشعارات يعملون على تجميل المواقف الجديدة بمفردات خادعة، من اجل تمريرها في البيئة الاجتماعية، بهدف الحصول على التأييد الشعبي من جانب، وممارسة المزيد من الكذب على الجميع من جانب اخر، الامر الذي يفسر المحاولات الجادة لتبرير الكثير من المواقف الصادمة، انطلاقا من قناعات راسخة بضرورة تكريس النفوذ الاجتماعي، والعمل على توظيف الإمكانيات العديدة، لتعزيز تلك الشعارات في الوجدان الاجتماعي، وبالتالي فان الحركة المضادة لاظهار الحقائق وفضح أصحاب الشعارات يتطلب الحرص والحذر، لاسيما وان المواقع الجديدة لاصحاب الشعارات، والقدرة على الوصول الى أصحاب القرار، يجعل من عملية تعرية تلك الشعارات صعبة، وأحيانا غير ممكنة، جراء الإمكانيات العديدة لاصحاب الشعارات في القيام بحركة ارتدادية، والعمل على تسخير بعض الحقائق، في سبيل ممارسة المزيد من الخداع بالبيئة الاجتماعية.

المزايا العديدة للوصول الى صناعة القرار، تحدث اثرا كبيرا في التحولات الجذرية في القناعات الراسخة، بحيث تتجلى في استبعاد حلفاء الامس، والعمل على نسج تحالفات جديدة شعارها المصالح والمنافع، لاسيما وان التحالفات السابقة تجلب معها بعض الخسائر على صعيد النفوذ الاجتماعي، وعدم القدرة على الاستفادة من الدائرة القريبة من صناعة القرار، وبالتالي فان التحولات الجديدة مرتبطة بمجموعة المصالح، وليست ذات علاقة بتوظيف القناعات السابقة، بما يعود على البيئة الاجتماعية بالفائدة، بمعنى اخر، فان مغريات السلطة تعيد ترتيب الأولويات لدى أصحاب الشعارات، بما يسهم في استغلالها بالطريقة المناسبة، خصوصا وان الثبات على القناعات السابقة ”لا يغني ولا يسمن من جوع“، بقدر ما تجلب معها بعض الصداع في الرأس، مما يستدعي التحرك بالاتجاه الاخر، والعمل الاستفادة من المكاسب السابقة في الحصول على المزيد من النفوذ، عبر التحالف من الفئات القريبة من أصحاب القرار.

استخدام الشعارات لعبة مألوفة، وليست جديدة على الاطلاق، فهذه اللعبة اثبتت نجاحها في الكثير من المجالات، مما يفرض اعتمدها بشكل دائم، بهدف تحقيق المزيد من النفوذ على الصعيد الاجتماعي، والحصول على النتائج السريعة بواسطة الخداع، ودغدغة المشاعر على الصعيد الاجتماعي.

كاتب صحفي