آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

التصويب

محمد أحمد التاروتي *

المراجعة الدائمة لمختلف القرارات أداة أساسية في اكتشاف الثغرات، مما يسهم في تدارك الأمور في الوقت المناسب، نظرا لخطورة تجاهل المعالجات السريعة لمختلف القرارات، فالثغرات الصغيرة يمكن سدها بجهود قليلة، ولكنها ستصبح أكثر صعوبة مع اتساعها، بحيث تشكل معضلة كبرى على مختلف الأصعدة، مما يتطلب بذل الكثير من الجهود، وصرف الكثير من الأوقات، في عملية إصلاح تلك الثغرات.

الاعتراف بالأخطاء في القرارات على اختلافها، عنصر أساسي في التحرك بشكل سريع، لوضع المعالجات المناسبة، فالإصرار على الخطأ يقود إلى المزيد من الكوارث على الصعيد الاجتماعي، لا سيما وأن العديد من القرارات ذات علاقة مباشرة العلاقات الإنسانية، مما يؤسس لحالة من التشنج في النسيج الاجتماعي، وبالتالي فإن الاستعداد للتراجع عن بعض القرارات، يعطي انطباعات إيجابية بوجود رغبة في التحرك في الاتجاه المعاكس، من أجل تطويق التداعيات المترتبة على تلك القرارات، نظرا لاكتشاف بعض الثغرات السلبية.

اكتشاف الثغرات مرتبط بالتطبيق العملي، للعديد من القرارات على الأرض، فهناك الكثير من الممارسات يصعب اكتشاف إيجابياتها وسلبياتها، دون إخضاعها إلى التجربة على أرض الواقع، وبالتالي فإن القرارات تكون ذات نتائج عظيمة نظريا، ولكنها سرعان ما تتحول إلى وبال وكارثة، بمجرد دخولها الميدان التطبيقي، فالإصرار على الاستمرار في تطبيق القرارات الخاطئة، ينم عن مكابرة وعدم الاعتراف بالواقع، فضلا عن محاولة الامتناع عن الإقرار بالفشل، في اتخاذ القرارات على اختلافها.

امتلاك الشجاعة الكافية لتحمل المسؤولية الكاملة، تجاه مختلف القرارات المتخذة، عملية أساسية في الرجوع عن الأخطاء بمجرد اكتشافها، فالشجاعة تدفع صاحبها لاختيار الطريق السليم، عوضا من السير في الجادة الخاطئة، خصوصا وأن الإصرار على الأخطاء يقود إلى كوارث كبرى على الصعيد الاجتماعي، مما يستدعي التحرك بطريقة عقلانية، عوضا من اتخاذ المكابرة وسيلة لإدخال البيئة الاجتماعية، في مصائب يصعب التكهن بتداعياتها، سواء في المرحلة الحالية أو المستقبلية.

القرارات على اختلافها انعكاس طبيعي، للاجتهادات الإنسانية في مختلف المجالات، مما يجعلها محل اختبار على الدوام، حيث تشكل التجارب العملية الميزان الطبيعي، لاكتشاف قدرتها على تحقيق الآمال، والتطلعات المرسومة، بمعنى آخر، فإن محاولة إخراج تلك القرارات عن سياقها الاجتهادي والطبيعي، يدخلها في خانة ”العناد“ والإصرار غير المبرر، خصوصا وأن الفكر الإنساني قادر على إيجاد الحلول المناسبة لمختلف القرارات المتخذة، وبالتالي فإن محاولة إدخال البيئة الاجتماعية في مواجهة مباشرة، مع القرارات الخاطئة لا يخدم الجميع، بقدر ما يسهم في استنزاف الجهود من جانب، وإظهار النوايا غير الحسنة لدى أصحاب القرارات من جانب آخر.

تصويب القرارات الخاطئة لا يمثل فشلا ذريعا لأصحابها، بقدر ما يكشف امتلاك المرونة اللازمة، لمواجهة جميع الاحتمالات على الأرض، فالمرونة تمثل حالة إيجابية على الدوام، حيث تلعب دورا أساسيا في التعامل بمسؤولية، مع الثغرات الناجمة عن القرارات، مما يتطلب وضع الخطط اللازمة، للخروج من مأزق السلبيات المترتبة، على بعض القرارات، لاسيما وأن بعض القرارات لا يقتصر تأثيرها على شريحة محددة، وإنما تمس مختلف الفئات الاجتماعية، مما يتطلب انتهاج الطرق المرنة، في التعاطي مع الانعكاسات السلبية المترتبة على تطبيقها، وبالتالي فإن انتهاج طريق التصويت يشكل الطرق الأقصر، للتعامل بواقعية مع الأمور، بعيدا عن منطق ”الهزيمة“ و”الانتصار“.

الإصرار على الاستمرار في القرارات الخاطئة، ينطلق من التداعيات المترتبة على الاعتراف، بوجود ثغرات كبرى في القرارات، خصوصا وأن الإقرار بعدم صوابها يستدعي اتخاذ خطوات مصيرية على الصعيد الشخصي، مما يدفع بالسير بعكس التيار، والعمل على إفشال كافة المحاولات الساعية، لتصحيح مسار بعض القرارات الخاطئة، انطلاقا من المخاوف من فقدان الكثير من الصلاحيات، والدخول في المصير المجهول.

إخضاع القرارات للمراجعة الدائمة، والتعاطي بوعي مع الانعكاسات الناجمة، عن التطبيق العملي لتلك القرارات، يساعد في التحرك نحو البناء، والابتعاد عن عمليات الهدم، التي يحاول البعض تكريسها في البيئة الاجتماعية، انطلاقا من التعامل بمنطق ”الانتصار“ على الأطراف الأخرى، جراء اكتشاف بعض الثغرات في بعض القرارات ذات الأثر الاجتماعي.

كاتب صحفي