آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

الهوية الاجتماعية

محمد أحمد التاروتي *

استغلال المزايا النسبية بمثابة قيمة مضافة للمجتمعات البشرية، خصوصا وأن اختلاف المزايا النسبية عنصر فاعل في خلق القنوات التكاملية، مما يؤسس للمزيد من التعاطي الإيجابية، في مختلف المستويات الاجتماعية، فالمزايا النسبية ليست محل تنافر، ولكنها عامل للتحرك باتجاه وضعها باتجاه تحقيق الغايات، والأهداف الكبرى.

البيئة الاجتماعية القادرة على توظيف المزايا النسبية بالطريقة المثلى، تجدها نفسها محط اهتمام المجتمعات الأخرى، من خلال النظرة الإيجابية تجاه الآليات المتخذة، لإظهار تلك المزايا على السطح، والعمل على تجيير الطاقات، نحو خلق الكثير من الأنشطة المتعلقة، بالمزايا النسبية المتوافرة في البيئة الاجتماعية، كما توظيف المزايا النسبية يساعد في الفكر البشري في الابتكار، والابتعاد عن الأعمال التقليدية، الأمر الذي يخلق العديد من الأنشطة الجديدة، وذات الأثر الكبير على طبيعة العمل في المجتمع.

الثقافة الاجتماعية، والموارد الطبيعية، وطبيعة التفكير، عناصر فاعلة في إعلاء شأن المزايا النسبية في المجتمعات البشرية، فالتركيز على هذه العناصر المهمة بالمجتمع، مرتبط بالقدرة على خلق البيئة المناسبة، للاستفادة منها بالطريقة المطلوبة، خصوصا وأن مقدار توظيف المزايا النسبية في المجتمعات البشرية، يختلف باختلاف الوعي الموجود، وكذلك تسخير الطاقات، بما يعود على المجتمع بالنفع الخير، وبالتالي فإن التحرك الجاد لإيجاد الأرضية الثقافية الصلبة، للاستفادة من المزايا النسبية، يعتمد على الإرادة الاجتماعية أولا، والإيمان الكامل بالقدرة على التوظيف المناسب لكافة المزايا المتوافرة في البيئة الاجتماعية ثانيا.

إخراج البيئة الاجتماعية من مأزق الهوية الثقافية، مرتبط باكتشاف الأدوات الفاعلة في جميع المجالات، فهناك العديد من التحديات التي تواجه عملية الاستغلال الأمثل، للمزايا النسبية في المجتمع، مما يفرض التعاون المشترك للتغلب على تلك التحديات، من خلال تحويل تلك التحديات إلى فرص للنهوض بالبيئة الاجتماعية، والحيلولة دون تعطيل الحركة الاجتماعية، بالإضافة لذلك، فإن الميزة النسبية تدفع العناصر الاجتماعية الفاعلة باتجاهات متعددة، لا سيما والميزة النسبية تفتح العديد من النوافذ في مختلف الأصعدة، مما يشجع على إيجاد العناصر القادرة، على تعظيم الفائدة من المزايا النسبية، نظرا لأهمية إظهار الهوية الحقيقية للمجتمع، بما يحقق المزيد من المكاسب في مختلف المجالات.

استنساخ التجارب الاجتماعية، لا يدخل في باب الاستفادة من الخبرات البشرية، بقدر ما يدخل البيئة الاجتماعية، في تجارب بعيدة عن الثقافة السائدة، الأمر الذي ينعكس سلبيا على النسيج الاجتماعي، والتفكير الإبداعي، خصوصا وأن الثقافات المتباينة تلعب دورا أساسيا في تحديد الهوية الاجتماعية، الأمر الذي يفرض التحرك وفق الثقافة الشائعة، وعدم استنساخ التجارب الأخرى، بسبب الاختلاف الكبير في طريقة التفكير، وكذلك التركيبة الاجتماعية القائمة، بمعنى آخر، فإن البحث عن الهوية الحقيقية للمجتمع، مرتبط بالميزة النسبية المتجذرة في التركيبة السائدة، مما يستدعي التحرك وفق هذه الميزة، وعدم البحث عن هوايات خارج نطاق التفكير الاجتماعي السائدة، وبالتالي فإن الخروج نتصور جامع الهوية الثقافية الاجتماعية، مرهونا بإخراج كنوز المزايا النسبية المتوافرة في المجتمع، نظرا لقدرتها على خلق خليط متجانس بين مختلف الفئات الاجتماعية، فالمزايا النسبية تشكل عنصر استقطاب في جميع الأمور، باعتبارها جزءا من الثقافة الاجتماعية.

القدرة على تحريك التوجهات الاجتماعية، نحو المزايا النسبية عنصر أساسي، في تشكيل الهوية الجامعة، فالتركيز على تلك المزايا في البرامج المختلفة، يخلق البيئة المثالية نحو الهدف المنشود، وكذلك إيجاد الوسائل الكفيلة، بتنويع مصادر الإبداع في البحث عن الطرق المناسبة، لتوظيف المزايا النسبية، بما يعود على الفرد بالفائدة، والمجتمع بالخير، خصوصا وأن المزايا النسبية ليست مقصورة على شريحة دون أخرى، فهي متاحة للجميع، بيد أن الاختلاف يكمن في مستوى الاستفادة، منها سواء على الصعيد الفردي أو الاجتماعية، وبالتالي فإن التحدي الحقيقي يتمثل في وضع المزايا النسبية، في الطريق السليم، بما يرفع من الهوية الثقافية بالمجتمع.

كاتب صحفي