آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

محاربة الفطرة

محمد أحمد التاروتي *

الانحدار الأخلاقي الذي تمارسه بعض الجماعات الشاذة، يصعب تفسيره على الإطلاق، كونه يتعارض مع الفطرة الإنسانية السليمة من جانب، وتخريب لكافة المبادئ الأخلاقية من جانب آخر، فالهجمة الشرسة التي تقودها بعض الجماعات المنحرفة، تجد لها أصداء لدى البعض، فالاستجابة تكون لأغراض مرضية تارة، وتارة أخرى لدوافع سياسية.

الدعوة لمناصرة الجماعات الشاذة تحمل في طياتها، غايات خطيرة للغاية، خصوصا وأن الوقوف خلف الانحطاط الأخلاقي يتعارض مع القيم الإنسانية، وبالتالي فإن المبررات التي يسوقها دعاة الممارسات الشاذة، ليست قادرة على إزالة المخاوف من وراء الانتشار الكبير، لهذه الدعوة في العديد من المجتمعات البشرية في الوقت الراهن، فمن الصعب تمرير تحطيم المبادئ الأخلاقية تحت مبررات ”واهية“، لا سيما وأن الحرية الشخصية لا تعني نسف القيم الأخلاقية، ولا تبرر المجاهرة بالشذوذ في المجتمع.

خطورة الدعوات الشاذة تكمن في تخريب المبادئ الأخلاقية، وتدمير الكيان الأسري المتعارف عليه في جميع المجتمعات البشرية، وبالتالي فإن ”التشريع“ القانوني للجماعات الشاذة يشكل سابقة خطيرة على الكيان البشري، خصوصا وأن الفطرة السليمة ترفض الانزلاق وراء مثل هذه الممارسات، غير المقبولة على الإطلاق، فمهما حاولت المكانة الإعلامية الضخمة لتمرير مثل هذه الممارسات غير الأخلاقية، فإنها ستواجه بصخرة صلبة من الرفض البشري، نظرا للتداعيات المستقبلية على الانخراط في مثل هذه السلوكيات المرضية.

إعادة الوعي البشري إلى الحالة العقلانية، ومنع كافة الممارسات الشاذة، عملية أساسية لإنقاذ المجتمعات الإنسانية من الأخطار الكبيرة في المستقبل، خصوصا وأن تجذر ثقافة الشذوذ في العقل الجمعي الإنساني، يخلق العديد من المشاكل في مختلف المجالات، بحيث لا يقتصر على الجانب الصحي، وإنما يشمل الجانب الثقافي، فضلا عن تدمير البيئات الاجتماعية، الأمر الذي يسهم في الاندثار التدريجي لبعض المجتمعات الإنسانية، جراء المخاطر الكبيرة التي تهدد البيئة الأسرية، فمن جانب ينخفض عدد المواليد، ومن جانب آخر، تكمن الخطورة في إشاعة الفاحشة بشكل علني.

تراهن بعض الجماعات الشاذة على قدرتها، في تحقيق اختراقات في الوعي الاجتماعي، من خلال التسلل إلى الثقافات الأخرى، خصوصا وأن الحملات التي نظمتها في السنوات الماضية، أعطت نتائجها بشكل واضح في الفترة الأخيرة، من خلال الحصول على الغطاء القانوني للممارسات الشاذة، مما يشجع على الاستمرار في ممارسة الضغط، للدخول في كافة المجتمعات البشرية، وبالتالي فإن التحديات الراهنة تتمثل في مواجهة مثل هذه المخاطر، لمنع دخولها بقوة في العقل الجمعي الإنساني.

حماية الأجيال الناشئة من خطورة الممارسات الشاذة، مسؤولية جماعية وليست مقتصرة على شرائح دون أخرى، فالأجيال الناشئة معرضة لخطورة مثل هذه الأفكار المنحرفة، مما يستدعي وضع البرامج القادرة على إنقاذ تلك الأجيال، من براثن تلك الممارسات المريضة، حيث تشكل المدارس والمؤسسات التعليمية عنصراً فاعلا، في لعب دور محوري في رفع الوعي الثقافي، لدى الأجيال الناشئة، الأمر الذي يسهم في حماية تلك الأجيال من المساعي الهادفة، لتدمير المنظومة الأخلاقية، عبر دعوات شاذة تعمل على محاربة الفطرة السليمة.

التربية السليمة، وتحمل المسؤولية، والحرص على حماية الكيان الأسري، عناصر أساسية في مواجهة جميع التحركات الساعية لمحاربة الفطرة السليمة، فالجماعات الشاذة تنطلق من مرتكزات ذات أبعاد ثقافية زائفة، من خلال الترويج لبعض الشعارات البراقة، التي تحاول عبرها ممارسة الخداع، والعمل على استقطاب الفئات الهامشية أو المريضة، وبالتالي فإن الصمود في مواجهة تلك الشعارات التدميرية، يعتمد على الآليات المتخذة لتكريس القيم الأخلاقية، وعدم التفريط في الكيانات الأسرية على الإطلاق، كونها الركيزة الأساسية للتعبير عن الرفض الكامل، لمثل هذه الممارسات الشاذة.

اندثار الممارسات الشاذة يعتمد على رغبة المجتمعات البشرية في البقاء، ورفض التعاطي مع كافة الدعوات الساعية، لإشاعة الشذوذ في الكيان البشري، مما يسهم في تطويق هذه الممارسات، وعدم إتاحة الفرصة لها، للتمدد في مختلف الاتجاهات.

كاتب صحفي