آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

المواقف الثابتة

محمد أحمد التاروتي *

امتلاك الرؤية الواضحة عنصر حيوي، في اتخاذ المواقف الثابتة، فالوضوح يساعد في التحرك وفق خطط مدروسة، سواء فيما يتعلق بالمسار الحياتي في البيئة الاجتماعية، أو التحركات الداعمة لبناء شبكة العلاقات على الإطار الخارجي، نظرا لاحتساب الخطوات بدقة متناهية، الأمر الذي يخلق حالة من الاستقرار، في كافة الخطوات العملية، مما يمنع التخبط والتقلب في مختلف المواقف الحياتية، وبالتالي فإن القدرة على رسم خطوط ثابتة في الممارسات الحياتية، مرهون بامتلاك الرؤية الواضحة في جميع القضايا الاجتماعية.

الثبات في المسار الحياتي يرفع من القيمة الاجتماعية، فالاستقرار في اتخاذ المواقف يعزز من المصداقية، ويحدث الأثر الكبير على الصعيد الاجتماعي، خصوصا وأن حالة النكوص والتراجع عن المواقف السابقة، يزعزع الثقة ويخلق بعض الإشكالات، نظرا لوجود اختلالات في الالتزام بالمواقف المعلنة، الأمر الذي يفرض إظهار التمسك بالمواقف، وعدم التنازل عنها مقابل تحقيق بعض المكاسب الآنية، لا سيما وأن التقلب في المواقف يؤثر على المكانة الاجتماعية.

إظهار الاستقرار في المسارات الحياتية، يتجلى في الممارسات الحياتية، والقدرة على الصمود في وجه الإغراءات على اختلافها، فالتحديات الحياتية الميدان الحقيقي، لترجمة المواقف على الواقع الخارجي، لاسيما وأن الامتحانات على اختلافها تكشف المعادن الحقيقية بصورة جلية، حيث تتساقط المواقف المتأرجحة في وسط تلك الاختبارات الصعبة، بينما تصمد المواقف الثابتة أمام العاصفة القوية، الأمر الذي يعزز من الثقة، ويسهم في صعود الأسهم في الساحة الاجتماعية، نظرا لوجود قدرة استثنائية في مواصلة المشوار، وتجاوز التحديات على اختلافها.

الإيمان الراسخ بالمواقف، والقدرة على مواجهة التيارات الاجتماعية المعارضة، عناصر أساسية في الصمود في وجه مختلف الامتحانات، وتجاوز كافة الصعوبات، فتحقيق الأغراض والوصول إلى الأهداف الكبرى، يتطلب الكثير من الصبر، والعمل على تجاوز مختلف الاختبارات، وعدم الالتفات إلى العراقيل التي تنصب في الطريق، خصوصا وأن أصحاب المصالح يحاولون حرف المواقف الثابتة عن مساراتها الصحيحة، فتارة بواسطة تقديم الكثير من المغريات، والحصول على التنازلات الصريحة، وتارة أخرى من خلال التشكيك في النوايا، ومحاولة وضع حواجز كبرى، للحيلولة دون تكريس تلك المواقف البيئة الاجتماعية، نظرا لانعكاساتها على مستقبل بعض الفئات، وقدرتها على سحب البساط من تحت أقدامها.

القدرة على المواجهة، وعدم التردد في الدفاع عن المواقف الثابتة، عوامل فاعلة في إحداث اختراقات واضحة في البيئة الاجتماعية من جانب، وتعزيز المصداقية في الدفاع عن الاعتقادات من جانب آخر، فالوقوف في وجه كافة التحديات يتطلب قدرة غير عادية في الصمود، وإرادة راسخة في تحمل كافة التبعات، المترتبة على الحفاظ على المواقف، حيث يتعرض أصحاب المواقف إلى الكثير من الاختبارات، بعضها ذات طبيعة شخصية، من خلال تشويهها أخلاقيا وعقليا، والبعض الآخر ذات مسار اجتماعي، عبر استخدام كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة، لإسقاط تلك الشخصيات في البيئة الاجتماعية، الأمر الذي يضع أصحاب المواقف الثابتة في تحديات كبرى، تتطلب الكثير من القوة والقدرة على مواجهة الأخطار.

الحرب النفسية أحد الأساليب المستخدمة، لمواجهة المواقف الثابتة، حيث تستخدم هذه الطريقة لإضعاف أصحاب المواقف الثابتة، باعتبارها أحد الأسلحة الفاعلة في القضاء على الصعود غير الطبيعي في البيئة الاجتماعية، مما يستدعي انتهاج وسائل أكثر تدميرية، وأسرع في الحصول على النتائج على الواقع الخارجي، الأمر الذي يستدعي التحرك باتجاه إطلاق الحرب النفسية، من أجل تدمير أصحاب المواقف الثابتة على الصعيد الذاتي، والدخول في مرحلة التلاشي اجتماعيا، لا سيما وأن الحرب النفسية تستخدم تارة بالتزامن مع مرحلة تقديم الإغراءات، وتارة أخرى تطلق بعد الفشل في تحقيق نجاحات حقيقية، جراء رفض جميع الإغراءات، مما يفرض وضع أصحاب المواقف الثابتة في مواجهة مباشرة مع الواقع الاجتماعي، من خلال التركيز على الحرب النفسية، واستخدام جميع الأساليب الداعمة، لتدمير الشخصيات من الداخل، بهدف إيقاف الانتشار الواسع في البيئة الاجتماعية.

كاتب صحفي