آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 12:27 ص

التسويق الذكي

محمد أحمد التاروتي *

العلاقات الشخصية، وكذلك المحافل الثقافية، والأثر التاريخي، عناصر أساسية في التسويق إلى المجتمعات البشرية، حيث تلعب هذه العناصر دورا فاعلا، في إيصال الصورة المناسبة للأطراف الأخرى، مما ينعكس على طريقة التعاطي ورفع الغشاوة أو إزالة الصورة السلبية، خصوصا وأن غياب المعلومة الدقيقة، والافتقار للتواصل المباشر، يكرس الصورة الملتبسة في العقول، لدى الأطراف الأخرى، انطلاقا من ”الناس أعداء ما جهلوا“.

تصحيح الصورة المشوشة عن بعض المجتمعات الإنسانية، عملية تراكمية بطبيعة الحال، ولكنها أساسية للانطلاق بقوة في الاتجاهات السليمة، لا سيما وأن النظرة السلبية تضع الكثير من العراقيل، أمام إحداث اختراقات في اللاوعي، لدى الأطراف الأخرى، فالنظرة الملتبسة ناجمة في بعض الأحيان، عن انعدام التواصل المباشر، بين الأطراف المختلفة، وأحيانا مرتبطة بطريقة التركيبة الثقافية، لدى البيئة الاجتماعية، فضلا عن دور الإعلام في رسم صورة مغايرة تماما عن الواقع الحقيقي، وبالتالي فإن الانطلاق نحو إزالة تلك الصورة المشوشة، يتطلب الكثير من الجهود عبر العديد من البرامج، والممارسات المتعددة، نظرا لاختلاف المستويات الثقافية، مما يستدعي التعاطي بوعي مع طبيعة التفكير، لدى كل شريحة اجتماعية، لكشف الحقيقة وإزالة الكثير من الأوهام المرسومة، انطلاقا من التعاطي الإنساني المشترك، والعمل على تحطيم الكثير من الحواجز المعنوية، التي تعرقل العمل المشترك، وتكرس القطيعة بين المجتمعات البشرية.

العلاقات الشخصية أحد الأساليب الفاعلة، في تحريك الجوانب الإيجابية، وتزيل الكثير من الصور السلبية، تجاه بعض المجتمعات البشرية، لاسيما وأن التعاطي المباشر يعطي النتائج السريعة، بعيدا عن الصور السابقة الناجمة عن ”النقل السلبي“، ومن ثم فإن التحرك باتجاه توسيع قاعدة العلاقات الاجتماعية، يسهم في إحداث نتائج كبيرة، في خلال فترة قصيرة نسبيا، الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر على إعادة الأمور إلى السياق الطبيعي، مما يولد حالة من الانفراج العام، وإزالة التشنج النفسي، القائم على مسبقات غير واقعية، ”إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم“، ”إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بطلاقة الوجه وحسن اللقاء“، بمعنى آخر، فإن العلاقات الشخصية قادرة على إحداث انقلاب كبير، في الصورة المسبقة، وترتيب الأمور بشكل مختلف تماما، مما يعزز من النظرة الشاملة، وإنهاء الصورة المشوشة السابقة.

تنظيم المحافل الثقافية أحد العناصر، لاستقطاب مختلف الشرائح الاجتماعية، مما يسهم في الاحتكاك المباشر، والتعرف على طبيعة التفكير السائد لدى البيئة الاجتماعية، الأمر الذي يخلق حالة من المراجعة الشاملة أو الجزئية تجاه النظرة السابقة، حيث تشكل المحافل الثقافية مدخلا هاما، في عملية إزالة الصورة السلبية، والعمل على رسم واقع مختلف تماما، انطلاقا من ”تكلموا تعرفوا فإن المرء مخبوء تحت لسانه“ وبالتالي فإن المنتديات الثقافية قادرة على تقريب وجهات النظر، وإعطاء صورة مختلفة تماما، عن النظرة السلبية المرتكزة في العقول، خصوصا وأن النخب الثقافية قادرة على رسم خط مغاير تماما في البيئة الاجتماعية، الأمر الذي يساعد في إحداث تغييرات واقعية، على الصعيد الاجتماعي، نظرا للدور المحوري الذي تشكله النخب الثقافي، في الوسط الاجتماعي.

بدوره الأثر التاريخي يساعد في إزالة الكثير من الغموض، والصورة المشوشة المرسومة في العقول، تجاه بعض المجتمعات البشرية، لاسيما وأن معرفة التاريخ الإنساني للمجتمع عنصر أساسي، في إعادة التفكير مجددا، في طبيعة النظرة غير الواقعية، لاسيما وأن البيئة الاجتماعية تقف على موروث تاريخي عريق، مما يعكس العراقة والعمق التاريخي، الذي تزخر به تلك المجتمعات البشرية، الأمر الذي يبدد الصورة غير الحقيقية، التي تتناقلها الألسن بين فترة وأخرى.

التسويق الذكي عنصر أساسي، في رفع قيمة المجتمعات البشرية، بين الأمم الأخرى، من أجل الحصول على النتائج الكبيرة، وتحقيق الكثير من التطلعات الكبرى، سواء على الصعيد الفردي أو الاجتماعي، نظرا للترابط الكبير، بين الطموحات الفردية، والتطلعات الاجتماعية.

كاتب صحفي