آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 7:26 م

استجابة الدماغ للظلم

عدنان أحمد الحاجي *

بقلم ميري ستالن، جامعة ليدن

19 فبراير 2018

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 260 لسنة 2023

How the brain responds to injustice

19 February 2018

Mirre Stallen، Leiden University

Society for Neuroscience

بالنسبة للدماغ، قد تكون معاقبة المذنب مجزيةً أكثر من دعم الضحية. هذه كانت إحدى استنتاجات دراسة [1]  نشرت في مجلة علم الأعصاب JNeurosci، والتي قيس فيها نشاط دماغ شباب بينما كانوا يلعبون ”لعبة العدالة Justice Game“.

لعب المشاركون في الدراسة لعبة بدأ فيها لاعبان - لاعب موسوم ب ”Taker“ [أي المتسم بالانانية والذي يأخذ أكثر مما يعطي]، ولاعب آخر كطرف ثانٍ في اللعبة - ب 200 رقيقة. يستطيع الأناني سرقة ما يصل إلى 100 رقيقة من رقائق اللاعب الثاني، ومن ثَمَّ بإمكان اللاعب الثاني الانتقام بصرف «بإنفاق» ما يصل إلى 100 رقيقة لتقليل مخزون الآناني بما يصل إلى 300 رقيقة. المشاركون في التجربة لعبوا إما في دور اللاعب الثاني أو كمراقب لـ اللعبة. وكمراقب بإمكان المشترك أن يعاقب اللاعب الأناني أو يساعد اللاعب الثاني [الضحية] في صرف الرقائق لزيادة مخزون الضحية من الرقائق.

وجدت ماير ستالين Mirre Stallen وزملاؤها أن المشاركين كانوا أكثر استعدادًا لمعاقبة اللاعب الأناني عندما شعروا بالظلم «بالجور» بشكل مباشر حين لعبوا كشريك وليس لمَّا كانوا كطرف ثالث «مراقبين للعبة».

ارتبط قرار المعاقبة بنشاط في منطقة الجسم المخطط الأمامي [2] ، ventral striatum وهي منطقة في الدماغ معنية بمعالجة المكافأة، وهذا النشاط يمكن تمييزه عن نشاط شدة العقوبة.

قبل البدء في التجربة، رُشَّ المشاركون في التجربة برذاذ أنفي، واختير بعضهم عشوائيًا للحقن بهرمون الأوكسيتوسين، والذي يُعتقد أن له دورًا في المعاقبة.

اختار المشاركون في المجموعة التي حُقنت بهرمون الأوكسيتوسين بمعاقبة الظالم «المجحف» بتواتر أكثر لكن بشدة أقل.

تفيد هذه النتيجة إلى أن الأوكسيتوسين له دور في العقوبات التصحيحية المشابهة لـ ”صفعة على المعصم [استعارة تعني العقاب الخفيف]“ للحفاظ على استمرار العدالة. [المترجم: العقوبات التصحيحية هي الإجراء المتخذ للتخلص من أو لردع الأسباب المحتملة أو الفعلية لعدم الامتثال أو أي حالات أخرى غير مرغوب فيها [3] ].

آليات البيولوجيا العصبية المعنية بالاستجابة للظلم

الناس حساسون بشكل خاص للظلم «للجور». وبناءً على ذلك، فإن معرفة العمليات الاجرائية التي تكمن وراء الاحساس بالظلم «الجور»، والقرارات اللاحقة بمعاقبة المعتدين أو تعويض الضحايا، لها قيمة اجتماعية مهمة.

بالجمع بين براديم «نموذج» اتخاذ القرار والتصوير العصبي الوظيفي، تعرفنا على شبكات دماغ معنية بكلٍ من الادراك الحسي [4]  للظلم «الجور» الاجتماعي والاستجابة له، فيها مناطق ذات علاقة بالمكافأة معنية بتفضيل معاقبة المذنب على تعويض الضحية.

تطوير نموذج حوسبي للمعاقبة يسمح بتحليل الآليات العصبية والدوافع النفسية الكامنة وراء القرارات المتعلقة بالمعاقبة ومن ثَم بمدى شدة العقوبة. وتظهر النتائج أن الآليات العصبية الكامنة وراء المعاقبة تختلف تبعًا لما لو كان المرء متعرضًا مباشرة للظلم «ضحية للظلم»، أو لو كان طرفًا ثالثًا يراقب عملية الظلم تمارس بحق الضحية.

وعلى وجه التحديد، كانت القشرة الجزيرية الأمامية anterior insula في الدماغ [5]  معنية بقرارات المعاقبة بعد وقوع الظلم، بينما وجدنا نشاط اللوزة الدماغية في سيناريوهات يكون المشارك في التجربة طرفًا ثالثًا «الطرف المراقب» مرتبطة بشدة العقوبة.

بالإضافة إلى ذلك، وظفنا تدخلًا دوائيًا باستخدام الأوكسيتوسين، ووجدنا أن هرمون الأوكسيتوسين أثَّر في توقعات المشاركين للعدالة، وعلى وجه الخصوص تعزيز وتيرة العقوبات [6]  المنخفضة الشدة. معًا، هذه النتائج لا تزودنا بمزيد من الأفكار الثاقبة عن آليات الدماغ الأساسية الكامنة وراء عقاب المذنب وتعويض الضحية فحسب، بل أيضا توضح أهمية اتباع نهج استكشافي متعدد الأساليب عند كشف المكونات المعقدة لاتخاذ القرارات اليومية