آخر تحديث: 30 / 4 / 2024م - 1:07 ص

تَصوّر المستقبل لا يزيد من قدرة الشخص على الحد من الاندفاعية أو تأخير الإشباع للحصول على ما هو أفضل في المستقبل

عدنان أحمد الحاجي *

بعض الناس أكثر اندفاعاً من البعض الآخر.

كتبه مايكل بيرغر

المترجم: عدنان احمد الحاجي

المقالة رقم 297 لسنة 2023

Visualizing Future Doesn"t Increase Delayed Gratification، Penn Study Shows

Michele W. Berger

13 April 2017


تأخير الإشباع [1] 

في دراسة أجراها باحثان من جامعة بنسلفاني، جو كابل Joe Kable وتريشالا بارثاساراتي Trishala Parthasarath، تدربت مجموعة من مشاركين شهرًا كاملًا على أن تصبح لديهم قدرة أفضل على التخيل «التصور». افترض الباحثان أن هذا سيؤدي بدوره إلى تحسين قدرتهم على تأجيل الإشباع إذا تمكنوا من تصور المكافأة التي سيحصلون عليها في المستقبل. ولكن كلما أصبح المشاركون أقدر على تصور المستقبل، كلما أصبحوا أسرع نفادًا للصبر. [المترجم: تأخير الإشباع يعني مقاومة إغراء المتعة الآنية على أمل الحصول على مكافأة قيّمة وطويلة الأمد في الأمد الطويل" ترتبط قدرة الشخص على تأخير الإشباع بمهارات أخرى مماثلة مثل الصبر والتحكم في الانفعالات وضبط النفس وقوة الإرادة، وكلها معنية بالتنظيم الذاتي] [2] ،

بعض الناس أكثر اندفاعية من غيرهم. [المترجم: الاندفاعية هي نزوات تنتاب الشخص ولا يستطيع ضبط نفسه ولذا يتصرف بتصرفات تلقائية / عفوية وبدون التفكير في مآلات تلك التصرفات [3] ].

رغب الباحثان في جامعة بنسلفانيا، جوزيف كابل وتريشالا بارثاساراتي، معرفة لماذا وما إذا كانت هذه السمة [أي تأخير الإشباع] يمكن أن تتغير داخل الفرد.

لقد افترض الباحثان، استنادًا إلى أحدث الأبحاث الميدانية، أن تصور المستقبل القوي - متخيلين بشكل واضح كيف يمكن لاكتساب 40 دولارًا في غضون شهر تنفق في إجازة قادمة، على سبيل المثال - قد تحفز أحد الناس على الانتظار للحصول على مكافأة أكبر بدلًا من استلام مبلغ أقل في الحال. هذا المفهوم يعرف باسم تأخير الإشباع [2] .

اكتشف كابل وبارثاساراثي في الحقيقة أن العكس كان صحيحًا، من لديهم قدرة كبيرة على تخيل المستقبل كانوا أكثر اندفاعية [3] ، نتائج البحث [4]  نشرت في مجلة Frontiers in Psychology.

يقول كابل، أستاذ السايكولوجيا المساعد في جامعة ببنسلفانيا: ”عندما يضطر الناس إلى المقايضة بين شيء أمامهم الآن وشيء يمكنهم الحصول عليه في المستقبل فقط، فإنهم يختلفون في مدى ميلهم إلى اختيار كل من الخيارين“. كما اتضح، ”الناس الذين لديهم قدرة على التخيل بتفاصيل أكثر وضوحًا يتصفون بعدم القدرة على تأخير الإشباع“ [المترجم: بمعنى آخر كلما كان الناس أكثر قدرة على التخيل بتفاصيل واضحة جدًا كلما كانت قدرتهم على تأخير الإشباع أضعف].

أو كما أوضح بارثاساراثي، طالب الدكتوراه حينئذ ”كلما كانت قدرة الناس على التخيل أفضل كلما كانوا اندفاعيين أكثر في قبول مكافأة أقل في الحال ولا ينتظرون للحصول على مكافأة أكبر / أفضل نسبيًا في المستقبل.“

للخلوص لهذا الاستنتاج، وضع فريق البحث تجربة اشترك فيها 38 شخصًا راشدًا بمتوسط عمر 25 عامًا تقريبًا جاءوا إلى المختبر لإجراء تدريب استمر لمدة أربعة أسابيع. في البداية، أكمل كل مشارك العديد من اختبارات اتخاذ القرار واستبيانات الإبلاغ الذاتي [في هذا النوع من الدراسات، يجيب المستطلعة آراؤهم على اسئلة الاستطلاع بأنفسهم دون تدخل الباحث [5] ]، بما في ذلك استبيان وضوح الصور المرئية، الذي طلب من المشاركين أن يتخيلوا بقدر كبير من التفصيل وجه صديق أو غروب الشمس، ثم تقييم وضوح رؤيتهم لها على مقياس يتراوح من 1 إلى 5.

وقالت بارثاساراتي: ”تشير النتيجة المنخفضة على المقياس إلى أن الناس كانوا قادرين على تخيل الأشياء أكثر من الذين حصلوا على درجات عالية على نفس المقياس، مما يفيد بأن تخيل الناس للأشياء كان غير واضح“.

أرجع كابل كل ذلك إلى ما يُعرف اليوم ب ”اختبار المارشملو [6]  «نوع من الحلويات»“. في الستينات من القرن الماضي، حيث أجرى الباحث في علم النفس من جامعة ستانفورد والتر ميشيل Walter Mischel، حيث أُعطي الطفل المشارك في هذه التجربة خيارًا بين أكل قطعة واحدة من هذه الحلويات في الحال أو الحصول على قطعتين منها لو انتظر في الغرفة حتى يعود الباحث اليه. وضع الباحث الطبق أمام الطفل حتى يشاهده ويتخذ قراره.

تجربة المارشميلو: 

”الفكرة هي،“ أن كلا الخيارين أصبحا بعهدة الطفل. وله أن يختار أحدهما، ”كما اوضح كابل. في الواقع، حين استطاع الطفل تصور ما سيحصل عليه لو انتظر، كان أكثر اندفاعيةً [يعني تناول قطعة الحلوى ولم ينتظر عودة الباحث حتى يعطيه الثانية لو لم يأكل الأولى].“

ومن المثير للاهتمام، عرف كل من بارثاسارثي وكابل أيضا أن تحسين قدرات التخيل لدى الشخص يمكن أن تجعله، في الواقع، أقل صبراً.

على الرغم من أن النتائج كانت عكس ما توقعوه، شعر الباحثان أن عملهما له تبعات على الحياة المعاشة فيما يتعلق بالسلوكيات الاندفاعية. فقد عرف الباحثان الآن أن أولئك الذين يحرصون على الحصول على المكافأة الفورية «الآنية» هم على الأرجح يتعاطون المخدرات ويدخنون السجائر بل ويجدون صعوبة في الإقلاع عن عادة التدخين أو تحصيلهم الدراسي سيء. ولذلك يمكن لعلماء النفس ضبط العلاجات المعدِّلة للسلوك المصاحبة للإقلاع عن عادة التدخين نحو ممارسة رياضة الاسترخاء وبعيدًا عن التخيل، على سبيل المثال.

وقال كابل: ”السبب وراء قيامنا بإجراء دراستنا هذه المهمة هو أننا نعتقد أنها تعتبر نموذجًا مصغرًا يمكن أن يخبرنا عما يفعله الناس خارج المختبر «في الحياة المعاشة»“. ”ما زلنا مهتمين بما يمكننا القيام به لمساعدة الناس على أن يصبحوا أكثر صبرًا“.