آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 4:55 م

رضعة الموت

كثيرا ما نسمع من الأمهات أنهن يرضعن رضاعة طبيعية، ولكنهن يعطين أطفالهن رضعة واحدة في الليل كي ينام الطفل.

في علم الرضاعة الطبيعية، إن هذه الرضعة تسمى رضعة الموت.

تفاجأت بهذا المصطلح مثلكم تماما عندما سمعته لأول مرة؛ ولكن عندما تعمقت في دراسة الرضاعة الطبيعية وعملية إنتاج حليب الأم وتأثير هذه الرضعة في صحة الطفل، اقتنعت تماما أنها رضعة الموت.

إنها مجرد رضعة فلم المبالغة؟؟

نعم إنها رضعة غالبا ما تعطيها الأم للطفل في الليل كي تتخلص من بكائه واستيقاظه أثناء الليل لتنام قريرة العين.

إن تصنيع هرمون الحليب يفرز بكمية كبيرة في الليل ليحافظ على إنتاج الحليب حتى في النهار، شريطة أن يرضع الطفل في الليل، أما إذا لم يرضع الطفل في الليل، فيبقى حليب الأم في أكياس الحليب، وفيه مادة بروتينية تعود للدم لتخبر الدماغ بأنه لا حاجة إلى إنتاج الحليب، فيقل إفراز هرمون إنتاج الحليب، ومع تكرار العملية، يبدأ إنتاج الحليب في التقلص يوما بعد يوم، وبالتالي يصبح حليب الأم غير كافٍ حتى في النهار، فتبدأ الأم بإعطاء الحليب الصناعي صعب الهضم، والذي يبقى مدة طويلة في معدة الطفل، وتجعل الطفل لا يرضع من أمه، فلا يفرغ ثدييها من الحليب، وتزداد المادة المثبطة لإنتاج الحليب ويقل الحليب، حتى العدم وتتوقف الأم عن الرضاعة الطبيعية تماما.

ولتلقي نظرة إلى أثر هذه الرضعة في صحة الطفل، حيث أنها تصيبه بالمغص والإمساك، وكذلك تقلل مناعته؛ لأنها تكسر الغشاء الواقي في الأمعاء الذي يتكون من الأجسام المضادة في حليب الأم، كما أنها تزيد من أمراض الحساسية عنده، حيث تعرض الطفل لبروتين غريب يحفز جهاز المناعة عنده لإنتاج أجسام مضادة تسبب أمراض الحساسية، وكذلك فإن الحليب الصناعي يزيد من احتمال إصابته بالأمراض المزمنة مثل السكري والضغط وجلطة القلب والدماغ وحتى أمراض السرطان.

وأكثر من ذلك أن هذه الرضعة قد تسبب للطفل متلازمة الموت المفاجئ عند الرضع، حيث أثبتت الدراسات العلاقة الوثيقة بين الحليب الصناعي، وهذه المتلازمة حيث ينام الطفل بعد أخذ الرضعة الصناعية فلا يستيقظ.

كل هذا لأن شركات الحليب سوقت لهذه الرضعة، وأوهمت الأم بأنها ستنام بشكل أفضل إذا أعطت ابنها هذه الرضعة.

إن الحقيقة التي أثبتتها الأبحاث الفسيولوجيعصبية، إن الأم التي ترضع ابنها في الليل، بالرغم من أن مدة نومها أقل من الأم التي تعطي الحليب الصناعي، إلا أنه أعمق وأكثر قدرة لتعافي الدماغ في الصباح، فهي تستيقظ بنشاط أكثر.

عزيزتي الأم، أعرف أنك ترغبين في تقديم الأفضل لابنك، واعتقد أن عدم معرفتك لهذه المعلومات، هو ما جعلك تعطين هذه الرضعة، لكن الوقت لم يتأخر لتوقفي هذه المهزلة، وتبدئي من الآن إيقاف هذه الرضعة، والاعتماد على الله سبحانه وتعالى والثقة بأنه يرزقك كما يرزق السمك في الماء، والطير في السماء، ولن يعجز عن رزق طفلك ولعل الأفضل من إعطاء هذه الرضعة، هو أن تهتمي بصحتك وغذائك، وأن تكثري من البروتينات والأملاح المعدنية والفيتامينات، كي تزيدي من كمية حليبك.

استشارية طب حديثي الولادة والخدج، واستشارية الرضاعة الطبيعية بمستشفى القطيف المركزي