آخر تحديث: 4 / 5 / 2024م - 10:54 م

ثقافة العلم

محمد أحمد التاروتي *

القراءة تمثل احد القنوات الرئيسية، القادرة على اكساب المعرفة، والعلم لدى المرء، فعملية التدرج والارتقاء في سلم العلم، تتطلب انتهاج المزيد من الادوات، ”أعلم الناس من جمع علم الناس إلى علمه“ و”العلم علمان: مطبوع ومسموع، ولا ينفع المسموع إذا لم يكن المطبوع“ بمعنى اخر، فان عملية التعلم، تتطلب توسيع المدارك، وعدم الاقتصار على مسار واحد، فامتلاك المعرفة يحتاج على الانفتاح على الاخرين، ”الحكمة ضالة المؤمن اخذها انى وجدها“.

اهمية المعرفة، ليست خافية على الجميع، ”محادثة العالم على المزابل خير من محادثة الجاهل على الزرابي“، مما يعطي قداسة ورفعة للتعلم، واهمية اكتساب المعرفة، دون الالتفاف للظروف المحيطة، فالحصول على المعرفة، ليس مقرونا في كثير من الاحيان، بالمكان بقدر ما يتربط بالقابلية، لدى الطرف الاخر، فالمرء قادر على تطويع الظروف القاهرة، في سبيل تحقيق الاهداف المرسومة، اذ تمثل الارادة السلاح الفعال، في تجاوز جميع العراقيل، التي تعترض طريق المعرفة، ”من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبدا“.

اكتساب المعرفة، والعلم، امر بالغ الاهمية، لجميع الامم، فالمجتمعات البشرية الراغبة، في الارتقاء، والتقدم، بحاجة الى رفع مستوى التعليم، في البيئات الاجتماعية، فالعلم السلاح الاكثر قدرة، على تحويل الامم البائسة، الى شعوب قادرة، على مقارعة الاخرين، اذ يمثل البيان رقم واحد، للرسالة الاسلامية، مصداقا لاهمية، التركيز على المعرفة، فالايات الاولى، التي نزلت على رسول الاسلام ﷺ، حملت رسالة واضحة، ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم.

العلم، يمثل البذرة القادرة، على النمو باستمرار، لنفض غبار الجهل من الامم، حيث تمثل التجربة الماليزية، نموذجا في التاريخ الحديث، اذ بدأت ماليزيا تجربة النهوض، من خلال تحديث مناهج التعليم، في المدارس، وكذلك اعادة النظر، في العملية التعليمية، في الجامعات، ومختلف المؤسسات الحكومية، كما عمدت لدراسة التجارب العالمية، ومحاولة الاستفادة من الايجابيات، وتفادي السلبيات، الامر الذي قاد في غضون عقود قليلة، في احداث انقلاب كبير، في البلاد، اذ بدأت ماليزيا، تضع اقدامها، في طريق التطور العلمي، والصناعي، على غرار الاقتصاديات المتقدمة في العالم.

المراجعة الشاملة، للمسيرة التعليمية، لدى الامم، عملية ضرورية، للوقوف على الثغرات، ومحاولة دراسة التجربة، بهدف وضع الامور في نصابها، اذ تتطلب عملية المراجعة، قدرة على نقد الذات، واحيانا ”الجلد“، خصوصا وان المسألة تحتاج الى الكثير، من الاجراءات القادرة، على وضع القاطرة، على السكة الصحيحة، فالسكوت على انحراف القاطرة، يقود الى الخروج، كليا من السكة، مما يجعل عملية الرجوع، مجددا من الصعوبة بمكان، بمعنى اخر، فان التوقف في منتصف الطريق، واحداث مراجعة دقيقة، اجدى من المكابرة، ومواصلة المسير، على الجادة الخاطئة، ”قيمة كل امرئ يحسن“ و”جلوس ساعة عند العلماء أحب إلى الله من عبادة ألف سنة“.

كاتب صحفي