آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 12:27 ص

اوبك.. خيار الزمن

محمد أحمد التاروتي *

تراهن الدول المصدرة للنفط، سواء من ”اوبك“ او خارجها، على الزمن في تعافي الاسعار بشكل تدريجي، بحيث يتجاوز حاجز 60 دولارا خلال الفترة القادمة، خصوصا وان تماسك السعر عند مستوى 50 دولارا، منذ قرار خفض الانتاج في نوفمبر الماضي، شكل نقطة اتفاق بين الدول للمضي قدما، في سياسة ”الزمن“، لتحريك القيمة السوقية للبترول.

الاختلافات في وجهات النظر، خلال الفترة الماضية، شكلت ابرز العقبات في تأخير الاتفاق، على خفض الانتاج، سواء بالنسبة للدول المنتجة، من ”اوبك“ او خارجها، الامر الذي انعكس بصورة مباشرة، على تراجع السعر لمستويات منخفضة، الامر الذي اثر سلبيا، على ايرادات الدول المصدرة، مما دفعها لاتخاذ اجراءات تقشفية، لمواجهة المرحلة الصعبة، واتخاذ سياسة ”شد الحبال“، وتقليص حجم الانفاق، على المشاريع التنموية، في تلك الدول.

الجهود الكبيرة، التي بذلها كبار المنتجين، في اوبك وخارجها، لايقاف نزيف الاسعار، في الفترة الماضية، مهدت الطريق للوصول الى الاتفاق، لخفض سقف الانتاج، خصوصا وان الاسعار تراجعت بشكل كبير، لتصل لاقل من 30 دولارا مقابل 140 دولارا، في منتصف عام 2014، الامر الذي انعكس على قدرة الدول المنتجة، على المضي قدما في تطوير صناعتها النفطية، جراء عدم وجود الموارد المالية القادرة، على تغطية التكلفة المرتفعة، لاسيما وان الاستثمار في الصناعات النفطية، يتطلب ضخ رؤوس اموال طائلة في العادة.

الاتفاق الاخير على تمديد خفض الانتاج، لمدة 6 اشهر اخرى، يمثل تحولا ايجابيا في سياسة ”اوبك“ وخارجها، للتعاطي مع المرحلة القادمة، خصوصا وان القرار السابق انعش اقتصاديات الدول المصدرة قليلا، مما يدفع لاتخاذ خطوة مماثلة، لزيادة الايرادات في خزينة تلك الدول، وبالتالي فان الامال معقودة على قدرة القرار الجديد كبيرة، في امتصاص الفائض بشكل ملحوظ، خلال الاشهر القادمة، مما يدفع الاسعار بالاتجاه التصاعدي.

الالتزام بالحصص الانتاجية، للدول المصدرة امر مطلوب، خصوصا وان المؤشرات في المرحلة الماضية، جاءت ايجابية بشكل او باخر، بمعنى اخر، فان محاولة بعض الدول المنتجة الاستفادة، من تحسن الاسعار لزيادة الايرادات، يعيد عقارب الساعة للوراء مجددا، بحيث يسهم في ابقاء الفائض، البالغ 2 - 2,5 مليون برميل يوميا عند مستواه، الامر الذي يزيد من تخمة المعروض، في السوق العالمية، بحيث يضغط على السعر بشكل واضح، ويمهد الطريق لمرحلة صعبة، للغاية عمودها الفقري نزيف الاسعار.

الانتعاشة الملحوظة، في اسعار النفط خلال الاشهر الماضية، شكلت عنصرا اساسيا لعودة شركات النفط الصخري، للعمل مجددا، اذ بدأت تلك الشركات في زيادة عدد الحفارات بالولايات المتحدة، نظرا لكون الاسعار الحالية مشجعة، للعودة بقوة في انتاج النفط غير التقليدي، وبالتالي فان محاولة الدول المنتجة للنفط التقليدي، التملص من اتفاقية خفض الانتاج، لاجبار شركات النفط الصخري، للخروج من السوق، يمثل خطورة على الجميع، نظرا لتداعياته المستقبلية، على الاسعار بشكل مباشر، مما يزيد من الاعباء الاقتصادية، على الدول المصدرة خلال المرحلة القادمة.

كاتب صحفي