آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

العجز الحقيقي

علوية جعفر السادة *

إذا اردت أن تسعى لتحقيق أهدافك، اكتبها أولاً، وأسعى خلفها، وارفع صوتًا عالياً، وإذا كنت من ضعاف السمع والصم، أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، أرسم خطوطاً واضحةً لأجل هذه الأهداف.

وكون المجتمع لا يفقه عنا كثيراً، يجب عليك أن تتشبث بهذه الأهداف، وأن تقاوم العقبات والعراقيل، حتى تتمكن من جعل المجتمع ذو خلفيه عن ذوي الاحتياجات الخاصة ويصبح لديه وعي بحالتنا.

لنبدأ بأنفسنا حتى نتمكن من التأثير على الآخرين. وإذا أردنا أن نواجههم علينا أن نخرج من قوقعة الصمت والعزلة، ونخرج أمام المجتمع حتى يعرفوا من نحن؟ نعلمهم كيفية التعامل مع ضعاف السمع والصم بشكل خاص وذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام، لذا فعليكم أيها المناضلون أن تكونوا على استعداد دائم أمام هذا المجتمع الفقير في وعيه بحالتنا.

علينا أن نتحمل السخرية والاستهزاء والشفقة من أفراده، علينا أن نثبت بأنهم ليسوا بأفضل منا.

لأنه حتى لو فقدنا حاسة من حواسنا كما لو كنا غير قادرين على المشي مثلًا. إلا أنه سيظل لدينا طاقات وأحلام وطموحات، على المجتمع أن يكون المعين والعون لأمثالنا وبالخصوص لذوي الاحتياجات الخاصة.

في نظري كلما كان المجتمع واعيًا ومثقفًا تعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل أفضل.

كل ما أريده منكم هو أن تفجروا طاقاتكم أمام المجتمع لتبهروهم وليعرفوا معنى العجز الحقيقي.

لأن المحن التي نمر بها نحن هي عباره هي نكهه خاصة يفتقدها الكثيرون.

فحياتنا عبارة عن مغامرات يوميه، حياتنا ملونه بألوان عديدة، فأحيانا مثلاً ً تصيبنا الكآبه، ولكن وكما جاء في مقال نشرته مجلة «Psychological Review» أن الاكتئاب يمنحنا القدرة على التكيف مع الصعوبات الحياتية. ومن المفارقات، أن تعامل الشخص المكتئب مع أغلب المشاكل يكون أفضل، حيث أن المهارات التحليلية تصبح أقوى، ونسبة التركيز أعلى، مما يؤدي إلى زيادة القدرة على مواجهة الصعوبات.

ولقد ساهم العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع، سوف تجدون انهم حدثوا تغيير جميلاَ في العالم ومنهم:

بيتهوفن: هو ألماني الجنسية، أصبح أشهر موسيقي في العالم، يلقب «أبو السمفونيات»، أصيب بالصمم في شبابه! ومع ذلك فقد أبدع في مجال التأليف الموسيقي، بل وألف أروع مقطوعاته بعد إصابته بالصمم، ثم أصيب بعد ذلك بعدة أمراض مزمنة، ولكنها لم تعفه عن مواصلة ما يطمح إليه.

الشاعر القيلسوف أبو العلاء المعري: هو شاعر عباسي، أصيب بالعمى في الرابعة من عمره. كان فيلوسوفا ومفكرا وشاعرا، له كتاب اللزوميات في الفلسفة، ورسالة الغفران، وسقط الزند، ولا يخفى على مثقف مدى التأثير الكبير الذي أحدثه أبو العلاء المعري في تطوير الحركة الشعرية الأدبي

الرحالة ماجلان: فرناندو ماجلان بحار برتغالي وكان أعرجا عرجا شديدا دائما، قام بعدة رحلات بحرية مهمة، منها: تلك الرحلة التي اكتشف فيها كروية الأرض، وقد وصل إلى أقصى جنوب قارة أمريكا الجنوبية، كما عبر المحيط الهادي وسماه بهذا الاسم.

أوغست رينوار وهو رسام فرنسي شهير من أنصار المدرسة الانطباعية، له لوحات رائعة في متحف اللوفر، وعدد من الصور في إيطاليا وأسبانيا وأمريكا. أصيب بداء الروماتيزم الشديد، وأصبح يمشي على عكاز، وكان لا يستطيع أن يمسك شيئا بأصابعه، مما يجعله يربط ريشة الرسم بأصابعه.

لكل منهم حكاية، يكتبها الزمن، ولكل منهم ظروف وزمان مختلف، ولكن ذاع صيتهم وأصبح الناس ينشرون مقولاتهم وأشعارهم ورسوماتهم وهم لا يعرفونهم.

لذا فقد حان الأوان لأن تكتبوا أنتم حكايتكم، وأنتم أبطال تلك الحكايات، لتكون دروساً يستلهم المجتمع الشيئ الكثير.

طالبة تربية خاصة / إعاقة سمعية