آخر تحديث: 4 / 5 / 2024م - 1:56 ص

رجلٌ قامتهُ العطاء

مريم آل محمد

خلق الله الكون متحرّكا؛ وأودع فيه أسرار الحركة في كل شيء..

وخصَّ الإنسان بخصيصةٍ إذ يقول:

﴿يا أيُّها الإنسان إنك كادحٌ إلى ربك كدحاً فملاقيه

ويبقى القرآن يرفد حركة الإنسان في الكون بكل آيات الحركة ويقاتل الجمود الذي بدوره يحيل الحياة إلى سكونٍ قاتل؛ شرس؛ يلتهمه حتى يفنى؛ خالياً من الذكر ومجرّداً من كل معاني الحياة.

فتح على الوجود عينيّ الإنسان ليقرر مصيره في المعترك الصعب والتحولات المعقّدة.. فقال:

﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، إن القوة التي وجهنا لها القرآن هي «الحركة»؛ الحركةُ التي ينطلق منها عباد الله الصالحين يملؤون الفراغ، متحدين، صابرين، صانعين المجد ومرتدين لباس العزة والكبرياء الذي أسبغه الله عليهم إذ كانوا يمشون في ظله.

في ظلِّ القرآن الذي كان شهيدنا الغالي مطمئناً به إذ يقول: لا يوجد أفضل من القرآن علاجاً للقلب؛ وتلا الآية المباركة:

﴿الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب..

لقد كانت حياة الشهيد مطمئنةً دوماً تشهد بذلك كلماته وابتسامته النديّة التي مافارقت يوماً محيّاه، يشهد بذلك كلّ من رَآه وسمعه وخالطه وعاشره ورافقه وصاحبه؛ لقد حمل الشهيد في قلبه المسؤولية؛ حسّاً نامياً ينطلق له لا من ضغطٍ اجتماعي أو نمطٍ تقليدي وإنّما من حس الحركة الإسلامية الواعية والإيمان بمبدأ - ماكان لله ينمو - و﴿أما الزّبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض.. وستمكثُ في الأرض طويلاً حتى كأنك خالدٌ فيها بذكرك وذكراك.. ذكراك التي لاتراوح تغزو ذاكرتنا وصورتك التي أصبحنا نراها في السماء قبل الأرض وصوتك الذي يقرع أُذُنَ الليل وأنت تتلو القرآن.. تتلو القرآن محباً عاملاً متسامحاً؛ متسابقاً والزمن.. تكتب كل يوم، تتلو كل يوم، تخرج كل يوم، تعمل كل يوم....

حتى تعمَّقت مفاهيم القوة في بناء شخصيتك وفكرك وشعورك فكنتَ متوازناً كتوازن عناصر تكوينك؛ تسيرُ مع الكون في ظلال الله ساعياً للقاه؛ عصيّاً على الإهتزاز؛ رجلٌ بقامة عطاء وعملةٌ نادرةٌ في زمنٍ صعب فكنت بحق ﴿رجلٌ يسعى..

ولمّا عَلِم الله منك حُسْن النيّة استجاب لك دعاء عمرٍ قضيته متحركا وفِي ذاتِ مساءٍ مبارك اختارك ورفعك إليه شهيدا..

عزاؤنا أنك مضيت مطمئناً سعيدا مظلوماً شهيدا..

عزاؤنا أن الله يجمع المؤمنين في مستقر رحمته إذ ينظرون إلى نوره..

عزاؤنا أننا نحيا مقهورين في حبّ آل محمد..

عزاؤنا بنصر الله على من ظلمنا وأراق دماءنا ورمّل نساءنا وأثكل أمهاتنا وأيتم أطفالنا..

﴿ولينصرّن الله من ينصره إن الله لقويٌّ عزيز الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور.

ختامًا

باسم جميع الحوزات العلمية والمراكز الاجتماعية واللجان الدينية والثقافية والتنموية في صفوى..

وباسم جميع دور القرآن الكريم ومجالسه العطرة في المنطقة التي نال الشهيد شرف ادارتها وتطويرها والارتقاء بها..

نقدِّم أحر التعازي وصادق المواساة لأسرة وعائلة شهيد القرآن الحاج الأستاذ أمين محمد آل هاني.. سائلين الله أن يلهمنا ويلهمهم الصبر والسلوان ونحتسبه عند الله وكفى بالله حسيباً..

وَإنَّا لله وَإنَّا إليه راجعون

ورحم الله من يقرأ السورة المباركة الفاتحة إلى ارواح شهدائنا عزنا وفخرنا وتاج كرامتنا وإلى روح شهيدي الحج والشهيد السعيد بمحمدٍ وآله أمين آل هاني تسبقها الصلاة على محمد وآل محمد.