آخر تحديث: 5 / 5 / 2024م - 11:01 م

بعضها اختفى في السبعينات

مواكب عزاء القطيف يقارب عمرها القرن.. و”الزنجيل“ أكثرها تنظيما و”الصدر“ أشهرها

مريم آل عبدالعال - القطيف

أكد باحثان تاريخيان ومهتمان بالفلكلور الشعبي، ان المواكب الحسينية بالقطيف منذ القدم تمايزت بأنواع اللطم وأدوات التأدية وأزيائها الخاصة في أواخر القرن الرابع عشر حيث كان يلزم للمشاركة في بعضها التسجيل المسبق ودفع اشتراك.

وذكرا، أن سكان القطيف منذ أكثر من نصف قرن يستعدون رجالاً ونساءً لإحياء أتراح أهل البيت بالتمثيل والقراءة واللطم في تجمعات داخل البيوت والمآتم والمساجد والحسينيات وفي خارج ذلك كالساحات داخل المسورات وخارجها وكانت مراسيم عاشوراء هي الذروة، مشيرين الى أن قوة المآتم وضعفها كانت حسب منع السلطات المتعاقبة على حكم المنطقة.

أحد مواكب العزاء ببلدة العوامية في الخمسينياتوقال الباحث عبد الرسول الغريافي كانت للمواكب الحسينية أجواء قد تختلف نوعا ما عما هي عليه الآن ولكنها بشكل عام بنفس الطابع.

وأشار الى انه قبيل السبعينيات كانت هناك مواكب ومنظمة أفضل مما هي عليه الآن ولكنها منعت في نهاية الستينات وبعد سنين بدأت تتراجع شيئا فشيء فرجعت لساحات العزاء، إذ الساحات هي جزء من هذه المواكب لأنها تتوافد من الحسينيات وتسير في الطرقات ثم تتجمع في الساحات، وبعد ان استعادت انفاسها كان ذلك مواكبا للعام 1400 هجرية.

وأوضح، أن مسميات المواكب كانت تعرف باسم الحي أو القرية أو المنطقة، فمركز القطيف او وسطها مقسم إلى أحياء «دير» وكل حي او ديره لها موكبها وأغلب الأحياء تخلو من المواكب ويتنقل أهلها للأحياء المجاورة للالتحاق بركب المواكب.

واشار الى انه من أشهر المواكب في القطيف مواكب العوامية وافضل تصوير او تشبيه «تمثيل» وكانت الناس يوم عاشر تجر الى العوامية من جميع انحاء القطيف. لافتا الى انه لا تزال 3 احياء في القطيف فيها تقام المواكب بالطريقة التقليدية القديمة وهي الكويكب والشريعة والقلعة.

ولفت الى ان موكب القلعة لا يقل شهرة من مواكب العوامية ومن رواديده سيد محفوظ العوامي وحسن ملا رضي الزاير وهو نوعين، بالإضافة لموكب الشريعة وموكب الكويكب وموكب الدبابية وموكب باب الشمال والمدارس.

أحد مواكب العزاء ببلدة العوامية في الخمسينياتوتابع: بالنسبة للمناطق والقرى فهناك سيهات وأم الحمام وتاروت والخويلدية والجارودية والعوامية والقديح وصفوي والأكثر شهرة في التصوير «التمثيل» كانت العوامية وايضا القلعة والكويكب.

وقال الغريافي ان المواكب الحسينية في العادة لها وقتان أو ثلاثة وهي الضحى حتى قبيل أذان الظهر وكذلك العصر حتى قبيل أذان المغرب وأحيانا في الليل وكلها تبدأ عادة بعد الانتهاء من المجالس.

فيما لفت إلى أنها لا تبدأ إلا في اليوم السابع من عاشوراء أي في اليوم المخصص لمصرع العباس مبيناً أنها تخرج على ثلاث أنواع من المواكب «العزاء» ولها إدارة عامة وإدارات خاصة لكل فرقة.

وأردف أن المواكب الثلاثة تخرج في مسيرة واحدة من حسينية معينة يفصل بين كل موكب حبال متينة ويتنقل هذا الموكب بين أزقة الحي أو القرية ماراً ببعض الحسينيات إلى أن يصل المقر الأخير ويتوقف في وقت معين قبيل الأذان ويعرف هذا التوقف بكسر العزاء.

عزاء الصدر الأكثر شعبية

وأردف الباحث الغريافي أن أول نوع من المواكب هي المعروفة بالصدر أو عزاء الصدر كانت الأكثر شعبية إذ ليس لها لبس رسمي أو أي التزام مادي ولا تقيد بأنظمة معينة فهي كل ما تحتاجه هو ”فانيلة“ مع ”وزار“ أو حتى بالثوب مبيناً أن هذا الموكب متاح حتى للمارة إذ يدخل الحلقة ويشارك العزاء بدق او لطم الصدر دون قيود.

أحد مواكب العزاء ببلدة العوامية في الخمسينياتواستطرد الغريافي أنها ضمت مسؤولين عن الموكب ومنظمين كما أن هنالك ”رداديات“ يقوم بإدارتها أحد المتخصصين بهذا الشأن لتغييرها من فترة وأخرى حيث يحمل قائمة من الرداديات.

وأشار الى انها تدير ”الرداديات“ المجموعة نفسها لافتاً إلى أن الطريقة المتبعة كانت سهلة جدا، فاللطم وعدد ضرباته يحدد وفقا للطور «الريثم» السريع الذي يتحكم فيه بيت واحد من الشعر الحماسي.

واضاف، ينقسم الموكب لفرقتين تعرف بالحلقتين إذ كل حلقة تكون على شكل دائري أو بيضاوي على أن تردد فرقة صدر البيت في الوقت الذي تلطم فيه الفرقة الثانية وهي صامتة ثم تردد الفرقة الثانية العجز من البيت بعد أن تتوقف عن اللطم في الوقت الذي تقوم الفرقة الأولى باللطم وهي صامتة.

وأشار إلى أن القطيف عادة كانت الطريقة المتبعة بأربع ضربات واحدة خفيفة على الركبة ثم ثلاث على الصدر وتختلف أحيانا من قرية لأخرى.

قال الغريافي أن طريقة العزاء في بعض القرى تكون ثلاث ضربات سريعة متتالية ويستخدم ما يعرف بالطوس «الصنج او الصنوج» الكبيرة وهي آلة صوتيه مكونة من فردتين متشابهتين تصدر صوتا عند ضربها ببعضها يساعد هذا الصوت على تكبير صوت اللطم. ومن نماذج الرداديات فيها - مثلا «أولادك ياداحي الباب... اجساد بلا ايا روس».

موكب الزنجيل يلزم أعضاءه التسجيل ودفع اشتراك

وعن النوع الثاني من المواكب قبيل السبيعنات، يذكر الغريافي أنه كان يسمى بموكب الصنقل أو الزنجيل ويكون عادة أقل عدداَ وأكثر تنظيما ورسمية حيث يلزم الأعضاء فيها من التسجيل ودفع الاشتراك.

عبدالرسول الغريافيوأرجع ذلك إلى أنه يتوجب على كل فرد ارتداء بدلة سوداء مكونة من قميص وسروال بالإضافة إلى زنجير وهو سلاسل من حلقاته صغيرة جدا متدليا على شكل عناقيد من قطعة خشب اسطوانية كمقبض لليد.

وأشار الى انه يضرب المعزي بالجنزير على ظهره ضربات خفيفة مع خطوات يخطيها بشكل جانبي، كما يستخدم الطوس ولكن بنغمة مختلفة ولابد من التدريب لأفراد هذا الموكب على كيفية الضربات المتناسقة مع المشي الجانبي وعادة يكونوا في طابورين متقابلين.

وبين انه يلزم وجود رادود يديرها وينظمها، ويردد بيتين من الشعر الحماسي أيضا مثل «راح راكب ع الجواد... حسين وزينب نادته / كالمصباح.. نوره لاح.. يشبه ابوه في طلعته» ثم يردد الأفراد: «حسين.. حسين.. حسين.. يا حسين».

موكب «الأنصار» انقطع ذكره لعدم شهرته

ولفت الغريافي الى النوع الثالث من مواكب العزاء غير مشهور وقد انتهى ولم يعد أحداً يذكره، عُرف بموكب «الأنصار».

وذكر أن موكب «الأنصار» يحتاج لتسجيل واشتراك إذ أن كل فرد من أفراده يحتاج لبدلة بيضاء مكونة من قميص وسروال وعصابة بيضاء تربط حول الرأس وعادة تلطخ ببقعة حمراء من سائل الكروم.

وأشار الى انه يضرب الفرد جبهته ضربة خفيفة جداً بأسفل كفه وهو يردد: «حسين حسين حسين ياحسين.. مظلوم مظلوم مظلوم.. يامظلوم.. شهيد شهيد شهيد ياشهيد» ولايستخدم في هذا الموكب الطوس وينشق إلى طابورين متقابلين بخطوات جانبية.

مسيرات عزاء خاصة ومناطق اشتهرت بتصوير واقعة الطف

وحيث أن لكل قرية أو حي موكبه التابع له ونظامه الخاص به يستطرد الغريافي أن في عصرية يوم العاشر من محرم بعض المناطق اشتهرت بأنشطة وفعاليات تعرف بالتصوير أي تمثيل جزء من واقعة الطف تنفذ على ساحة من ذلك الحي وفيه يختتم بحرق الخيام.

الرادود عبدالغني غلوم / الكويكبوقال كانت الأيام التي يصحبها أيضا مواكب عزاء ولطم الصدر فقط وبالملابس الاعتيادية يأتي أولها يوم الأربعين وفيها عادة يتقدم المسيرة الخطيب بعد انتهائه من المجلس.

وأشار الى ان فيها يخرج المستمعون من مجلس لمجلس آخر وهم يلطمون على الصدر لطماً خفيفا بيد واحده وهم يمشون مشيا اعتياديا مرددين: «الراس عند السجاد في محمله.. زينب من الشام اليوم جت كربلاء» وكان من رواد هذه المسيرة الشيخ منصور المرهون والتي تصدر لها ليكمل مسيرتها ابنه المرحوم الشيخ علي المرهون.

وذكر وجود مواكب على مدى ثلاث ليالي «ليلا فقط» بمناسبة وفاة الامام علي في ليالي رمضان.

ولفت الى انه في وفاة النبي محمد ﷺ تخرج مواكب كبيرة على شكل مسيرة بالثياب الاعتيادية ومن أشهر ما يردد فيها من اللطميات: «اليوم نبينا المصطفى مات.. وبموته اتزلزل الكون».

وقال لـ ”جهينة الإخبارية“ أن في فترة من الزمن في نهاية الستينات تقريبا تم تعطيل هذه المواكب فتقلصت وألغي موكبا الصنقل «الزنجيل» والأنصار واقتصر العزاء فيها على موكب لطم الصدر داخل الحسينيات فقط، ومع المحاولات ومرور الزمن وتطور الأساليب وحسن التنظيم رجع الموكب للشوارع مرة اخرى.

عزاء الجلوس هو الأكبر في جزيرة تاروت

وينقل الباحث محمد المصلي أن لجزيرة تاروت أنواع خاصة من مواكب عزاء اللطم قبيل 55 عام.

الفنان التشكيلي محمد المصليوقال كان داخل العزاء الحسينية أو المأتم يمكن للخطيب أن يحيي مجلسه باللطم بأبيات والحضور في جلوس بأماكنهم وأحيانا يلقي عليهم كلمات قصيرة سريعة الحفظ يرددونها معه اما اثناء اللطم او بعده ويكون اللطم خفيفاً.

أما عن عزاء المسير، يذكر المصلي أن الناس تتجمع بين كل مأتم وما بعده صغار وكبار وخاصة الشباب بثيابهم العادية والأغلب ذات اللون الاسود في حلقتين تصل إلى عشرات المعزين لكل حلقة يديرها رادود.

وذكر أن الرادود لديه دراية بنوعية الشباب او الكهول في طريقة حماسهم ونوعية رغبتهم لنوعية الكلام واللطم كلما قل حماس اللاطمين يغير الردادية أو أبيات الشعر المعروفة ويقرب عندهم ويحفزهم وينخاهم وهم في نشوة العزاء يلطمون بكل راحة وشوق وعاطفة جياشة وشجن لما يسمعون حتى أن البعض يدمي صدره وهو لا يحس بأذى.

وتطرق للنوع الثالث وهو الأكبر ويعرف بعزاء الجلوس ويكون في نهاية المجالس الحسينية أما نهاية الليل أو آخر النهار حتى أذان المغرب.

وأشار المصلي إلى الرداود ان ملا عبد الله المبشر بعد قراءته في مسجد الرفعة حيث يتجمع الناس للعزاء وهو اكبر عزاء في جزيرة تاروت دام عشرات السنين، يكون العزاء من حلقتين يجلس المعزين متقابلين ممددي الأرجل في تشابك شديد مكشوفي الصدور يلبسون السروال الطويل او القصير والاغلب الازار وفي نفس الوقت يتحلق عليهم شباب بلباسهم ممسكين ببعض عند الخصر باليد اليسرى ويلطمون باليمنى بقوة وتارة يحمسون الجالسين ويعينوهم.

وأورد الباحث المصلي أبرز رواديد موكب السلاسل «الزنجيل» في جزيرة تاروت وهم أبو حسن المعطي عبدالحسين التركي، وحسن العوجان، وأبو شفيق معتوق العبادي.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 3
1
العاشور
[ القطيف ]: 28 / 9 / 2017م - 6:34 م
للاسف التقرير لم يعطي الاوجام حقها حيث انها تملك اكبر موكب لعزاء الزنجيل على مستوى المنطقة ويعود تأسيسه لقرابة الخمسين سنة !! وما زال مستمرا الى يومنا هذا ولم يتم ايقافه من السلطات ولا مرة واحدة سنوات متصلة في خدمة الحسين .. غريب انه ما يذكر في هذا التقرير !!
2
أبو بتول القطيفي
[ الخط ]: 28 / 9 / 2017م - 7:49 م
بعدين يقولوا هالشعاير و المواكب بالشوارع دخيلة
3
الحمدلله
[ القطيف ]: 30 / 9 / 2017م - 1:40 ص
التعليق رقم 1 الاوجام وين هذه اول مره اسمع فيها