آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

الدكتورة آل نصر الله: أنتمي لعائلة قدمت أدباء وصحفيين ومثقفين

جهات الإخبارية حوار: سامي التتر - مجلة اليمامة

شكل والداها قنديل نجاح استضاءت به في مسيرة حياتها العلمية والعملية، فكانا خير حافز لها للتخصص في مجال الطب، متخذة من والدها الطبيب قدوة اقتدت به في مسيرة عملها الحافلة بالنجاح.

الدكتورة فاطمة بنت زكي آل نصرالله.. استشاري مساعد جراحة الوجه والفكين في مدينة الملك سعود الطبية، ومستشارة مركز الوقاية من الإصابات والحوادث..

خصت «اليمامة» بحديث عرجت به لأهم محطات حياتها الأسرية والعملية، متطرقة لأبرز ما توصل إليه العلم الحديث في مجال تخصصها العلمي.. وإليكم التفاصيل.

أين دوت صرخة الميلاد، وبأي أرض أفرع الغصن وطال؟

ولدت في مدينة الخبر في المنطقة الشرقية في بلادي المملكة العربية السعودية.

ما الذي تستحضره ذاكرتكِ عن زمن الطفولة؟

مقدار كبير من العطاء والتضحية من الوالدين، لم أقدر معناهما الحقيقي إلا الآن. تجلى ذلك في الحرص على الدراسة ونيل أعلى الشهادات، وقراءة الكتب ذات الطابع الثقافي، مع كثير من الطموح لأكون مميزة في كل شيء يمر بي، فكانت أمي صديقتي، ووالدي رفيقي، فوالدي الدكتور زكي آل نصرالله، استشاري الأطفال وأمراض الدم والسرطانات، وهو يعد من أوائل الأطباء المميزين في هذا المجال، وحقيقة حبه وإخلاصه وما قدمه للمهنة، أثر فينا جميعاً كأفراد أسرة في توجهنا الطبي. وأكثر ما تأثرت به، التزامه المهني وتضحيته بوقته لأجل مرضاه.

أيضاً الوالدة - حفظها الله -، كانت أكبر وأهم مؤثر في تحفيزي المستمر لأكون دائماً من المتفوقات الأوائل طوال فترة الدراسة.

متى وضعتِ قدمكِ الأولى على بداية خطوات الدراسة؟، ومتى وضعتِ قدمكِ الأخرى على نهايته؟

خطوات الدراسة بدأت من المنزل على يد الوالدين منذ سنوات الطفولة الأولى قبل دخول المدرسة، علماً أن سنوات الدراسة لم تنتهِ لديَّ، فما زلت أسعى لنيل العلم والشهادات، ليس في تخصصي فحسب، بل في تخصصات أخرى، فلا حواجز أمام طلب العلم لديَّ.

من تتذكرين من زميلات الدراسة؟

أذكر الكثير، ولكن أقربهن إلى قلبي أمي. فبحكم تنقلاتي الدائمة مع افراد أسرتي تبعاً لطبيعة عمل الوالد، لم توجد زميلات مقربات على المدى الطويل.

التحفيز الدائم

ما الدور الذي لعبه الوالدان لتخوضي في بحور العلم؟

إلحاقي بمدارس على أعلى المستويات، والمتابعة بشكل دقيق ويومي، والتحفيز الدائم لكل ما فيه تطوير، سواء كان بالبيت أو المدرسة. والحرص على الذهاب إلى المكتبة ومعارض الكتب بشكل دوري، وشراء الكتب التي شكلت جزءاً كبيراً من وقتي، بل وكانت متنفساً لي أيام الدراسة.

هل كان والدكِ الطبيب، خير حافز لكِ في التخصص بمجال الطب؟

بالطبع وليس لي فحسب، بل لجميع أفراد العائلة، فهو يعتبر من أوائل الأطباء في التخصص العام والدقيق على مستوى المملكة.

من أودع فيكِ حب التخصص في مجال طب الأسنان وجراحة الفكين تحديداً؟

التخصص وطبيعة العمل إذا تم اختيارهما عن حب، سيكون مجال عملك، هوايتك وعشقك الذي مهما ابتعدت عنه ستعود إليه، وهذا ما هو حاصل معي، فأنا أحب طبيعة تخصصي، وأعتبره مثل الألماسة النادرة التي لا أقبل لأحد بخدشها. أحاول جاهدةً أخذ الأجمل والأرقى من مدرسة كل دكتور أتعامل معه، وهو ليس بالأمر السهل، لأن المجال الطبي أصبح يضج بالغث والسمين.

ألمس في كتاباتك عبر المدونات الخاصة بك في الشبكة العنكبوتية، حساً أدبياً ينم عن ثقافة متراكمة.. من أودع فيك حب الكتابة، وجماليات الأدب؟، وهل هناك مشروع ثقافي يراودك؟

حب القراءة كان وليد الثقافة المنتشرة بالمنزل والعائلة، فأنا أنتمي لعائلة أنتجت كثيراً من الأدباء والصحفيين والمثقفين، لذا كنت أنهمك بالقراءة المستمرة، خصوصاً في مكتبة الوالد، نتيجة التحفيز المستمر من الوالدين منذ سنوات الطفولة الأولى بالمكافآت المادية، وأتذكر أن والدي كان يعطيني 10 ريالات عن كل كتاب أقرأه في بدايات رحلة القراءة، وتحديداً عندما كنت في السابعة من عمري حتى أدمنت القراءة، وأصبحت أقرأ لنفسي لا للمكافأة.

حب الكتابة أيضاً تجلى في مادة التعبير في المدرسة، وأستمر معي في كتابة الكثير من الخواطر. أضف لذلك كنت وما زلت أعشق الشعر العربي الفصيح كثيراً، وقد دخلت منافسات فيه على مستوى المدرسة، ولا شك كان له تأثير في تنمية الكتابة.

بالنسبة لمشروع الكتابة، بالفعل أنا بصدد إصدار كتاب، وما زلت أعمل على تجميع نصوصه، وهو يدور في فلك التحديات التي واجهتني كسعودية وواجهت رفيقاتي في مجال الجراحة من المجتمع الطبي، والمجتمع العام.

التخصص الذي اخترته

تخصصتِ في طب الأسنان، ومن ثم في جراحة الوجه والفكين.. فماذا يعني اختصاص جراحة الوجه والفكين؟، وما الجراحات التي يمكن أن تجرى في كل منهما؟

يقول نيلسون مانديلا «الرؤية من دون تنفيذ مجرّد حلم، والتنفيذ من دون رؤية مجرّد مضيعة للوقت، أما الرؤية والتنفيذ مجتمعان، فيمكن أن يغيرا العالم». هذا القول يرتبط كثيراً بتخصصي العلمي، فجراحة الوجه والفكين هو التخصص الذي اخترته منذ السنة الثانية لي في كلية طب الأسنان، وضعته هدفاً نصب عيني، ومنذ أول يوم بعد التخرج من كلية طب الأسنان في جامعة الملك سعود عملت به.

جراحة الوجه والفكين هو تخصص فرعي يجمع أساسيات طب الأسنان والطب البشري، ويتفرع منهما، ويشمل إجراء أي عملية جراحية في منطقة الوجه والفكين، وبالتالي فإن الجراحة العظمية حول السن لخلعه وزراعة الأسنان تدخل ضمن التخصص، إضافة إلى رد وجبر إصابات وكسور الوجه، والعمليات الجراحية التجميلية التقويمية، وعلاج التشوهات الخلقية في الوجه بما في ذلك الشفة الأرنبية، واستئصال الأورام من منطقه الفكين، وإعادة ترميم الأنسجة، والاستطالة العظمية لتحسين مظهر الفكين، وجراحة الفك الصدغي لفك التصاقه بعظم الفك، وغير ذلك الكثير من العمليات الجراحية التي تتضمن المنطقة، والتي يطلعنا بها المجال كل يوم.

أما بالنسبة لطب الأسنان، فطبيعة الجراحة فيه مقتصرة على الأنسجة الداعمة المحيطة بالسن من اللثة والعظام فقط، ولا تمتد إلى عظام الفكين والوجه.

بماذا أفادكِ الجمع بين طب الأسنان، والتخصص في جراحة الوجه والفكين؟، وهل سياسة الجمع بين هذين التخصصين تعدينه أمراً محبذاً للمتخصصين في طب الأسنان؟، ولماذا؟

جراحة الوجه والفكين 90٪‏ منها تحتاج إلى إتقان معرفة صحة الأسنان، وإطباق وتقويم الأسنان، وهذه بحد ذاتها لا تدرك إلا بالممارسة ودراسة طب الأسنان، وهذا ما يفتقده خريجو الطب البشري، أو الممارسون لجراحات تقويم الفكين والكسور من التخصصات الأخرى كجراحة التجميل غير الدارسين لطب الأسنان، وحتى في علاج الأنسجة المحيطة بالأسنان.

من واقع تخصصك الدقيق.. جراحة الفك هل تتبع اختصاص الأسنان أم الجراحة أم التجميل؟، وما الفرق بينهما؟

تخصص جراحة الوجه والفكين يتبع طب الأسنان بشكل أولي والطب البشري بشكل فرعي، وكثير من المتخصصين في المجال لديهم درجة علمية في الطب البشري والأسنان. جراح التجميل في تخصصه يدرس الطب البشري بصفة عامة، ثم يتخصص في جراحة تجميل الجسم بشكل عام. طبيب جراحة الوجه والفكين يدرس طب الأسنان ثم يتخصص ويمارس عمليات جراحة الوجه والفكين وعظام الرأس والعنق بشكل يومي، ولا يتطرق لمناطق الجسم الأخرى.

الأسباب كثيرة

ما أكثر الأمراض التي تصيب مفصل الفك؟، وما أسباب ذلك؟، وهل جراحة الفكين تتم لدواعٍ طبية أم تجميلية؟

مشكلة الآلام في المفصل الصدغي وطقة الحنك والشد العضلي المرافق لآلام الرقبة والأكتاف والظهر والرأس، مشكلة يكاد لا يمر أسبوع بدون لا نرى مريضاً يعاني من هذه المشكلة. المشكلة قد لا تكون في المفصل نفسه، وإنما في العضلات المرتبطة بالمفصل أو مرض جسدي عام في العظام كروماتيزم المفاصل.

الأسباب كثيرة، قد تكون بسبب اختلال في الإطباق، نتيجة طحن الأسنان المستمر، بالذات خلال الليل وفترات الضغط النفسي، أو إصابة قديمة للمفصل، أو صدمة نفسية، أو ذوبان وتآكل في المفصل «لأسباب غير معروفة قد تكون لها علاقة بهرمونات الاستروجين»، أو «أورام في المفصل تؤدي إلى زيادة حجم المفصل وتكون أكياس حميدة أو خبيثة به».

العلاج قد يكون بيد المريض نفسه «حسب تشخيص الحالة بالعيادة والأشعة»، بعض التعليمات البسيطة قد تخفف عنه هذه الآلام، مثل: تجنب مضغ اللبان، تجنب فتح الفم بشكل كبير أثناء الضحك، أو الكلام لفترات طويلة، أو استخدام الكمادات الحارة والباردة على منطقة العضلات المشدودة، لبس الواقي الليلي للأسنان في حال تم تشخيص السبب طحن الأسنان المستمر، العلاج الدوائي قد يلجأ له الطبيب للمساعدة في تهدئة الأعراض، علاج ال prolotherapy، غسيل المفصل وإزالة التليفات، البوتكس، كلها من العلاجات المتوافرة التي يلجأ لها الجراح للعلاج، إضافة إلى العلاج الجراحي بإزالة جزء من المفصل المتآكل المتضرر وتعويضه «زراعة المفصل الصدغي».

ومن واقع التخصص أيضاً.. ما الفرق بين جراحة الوجه التجميلي وجراحة التجميل؟

جزء من ممارسة جراحة الوجه والفكين هي ممارسة تجميل الوجه الجراحي وغير الجراحي، وهو ما قد يمارسه جراحو التجميل أيضاً في حال تخصصوا في منطقة الوجه.

ما مدى اهتمامكِ كمتخصصة في طب الأسنان وجراحة الفكين في تعزيز ثقة المريض بنفسه، وتحسين نوعية الحياة له، من خلال تجميل ابتسامته، وتناسق ملامح وجهه، بعد تقويم الأسنان والفكين؟

«Quality of life» نوعية حياة المريض بعد إجراء العملية الجراحية من أهم المواضيع التي تم طرحها كمقالات علمية في السنوات الأخيرة، إضافة للحالة النفسية للمريض وتحقيق ما يريده فيما يرجع ثقته بشكله، وبالتالي عطاءه في الحياة بالذات في حالات التشوهات الخلقية للوجه وتشوهات ما بعد الحوادث وعدم تناسق عظام الفكين.

لا توجد نسبة نجاح أو فشل

جراحة الوجه شهدت تطوراً كبيراً في الآونة الأخيرة، فهل يمكن القول إنه أصبح بالإمكان معالجة أي تشوهات تصيب الوجه، سواء الناتجة عن الحوادث المرورية أو الإجرامية، أو التعنيف الأسري؟، وما نسبة النجاح المتحقق في كل منها؟

بالتأكيد، فهذا هو اللُب الأساسي للتخصص، نسبة النجاح تعتمد على ما يلي: صحة المريض العامة وعمره وتنفيذه لتعليمات ما بعد العملية. تمكن وخبرة الطبيب وحرصه على تجديد نفسه ومواكبة التطور في المجال. مدى مقدار التشوه الحاصل.. في المحصلة، لا توجد نسبة نجاح أو فشل، بل كل حالة تدرس بعينها.

ما الجراحات التي يمكن أن تجرى في الوجه على وجه التحديد، وما أكثر أجزاء الوجه تضرراً من الحوادث، التي غالباً ما تخلف كسوراً؟

جراحات الوجه كما ذكرتُ سابقاً تبدأ من العمليات الجراحية للأسنان والفكين والوجه بشكل عام، ابتداء من خلع الأسنان والأضراس المطمورة جراحياً وزراعة الأسنان. رد وتثبيت كسور الوجه. معالجة مشاكل الفك الصدغي بالطرق الطبية والجراحية. استئصال الأكياس والأورام في منطقة الوجه. عمليات تجميل الوجه والفكين الجراحية. عمليات التطعيم العظمي للفكين والوجه. العمليات التجميلية لإصلاح الشفة المشقوقة وسقف الحلق. التخصص قد يشمل أيضاً معالجة مشاكل الرأس التجميلية بالتعاون مع جراحة المخ والأعصاب، ويشمل أيضاً الاستعاضة الجراحية للأنسجة المتأثرة في منطقة الوجه من الجسم، وإزالة الأورام اللمفاوية في منطقة الرقبة.

وبالنسبة لإصابات وكسور الوجه، واستناداً إلى كثير من الإحصاءات في الدراسات العلمية ومركز الوقاية من الإصابات والحوادث الذي أعمل مستشارة به لإصابات الوجه والفكين، وهو تابع لوزارة الصحة ويعمل أبحاثه بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية. جميع الدراسات والإحصائيات أوضحت أن السبب الرئيسي لكسور الوجه والفكين هو حوادث المرور، وكانت الغالبية العظمى لكسور الوجه في الفك السفلي بنسبة 4,56 ٪ تليها كسور عظم منتصف الوجه والفك العلوي بنسبة 43,6 ٪. ومن بين كسور الفك السفلي، فإن عظم الفك السفلي الجانبي الأمامي 47 ٪ تليها كسور منطقة عظم المفصل التابع للفك السفلي 35٪. ومن بين كسور الفك العلوي ومنتصف الوجه فان 77٪ كانت لعظم الوجنتين.

من واقع تجربتكِ العملية.. هل تشكل إصابات الحوادث وما ينجم عنها من إصابات ظاهرة في مجتمعنا؟

استناداً إلى آخر تقرير عن منظمة الصحة العالمية، تعتبر المملكة من أعلى الدول عالمياً في معدل إصابات الحوادث، حيث قرابة المئتي ألف ضحية من ضحايا إصابات حوادث السيارات والسير تستقبلها مستشفيات وزارة الصحة في المملكة، وتحتل مدينة الرياض النسبة الأعلى، تليها مكة المكرمة، ثم المنطقة الشرقية، وتليها باقي المدن. وعالمياً فإن نسبة الوفيات الناتجة عن الحوادث ما يقارب 1,2 مليون ضحية سنوياً، والإصابات والإعاقات الناتجة عنها بنحو 50 مليون آخرين. وتأتي حوادث المرور في مقدمة الأسباب المؤدية إلى وفاة الشباب من الفئة العمرية 10 - 24 سنة، ومن الفئات الأخرى المعرضة لمخاطر الطرق المسنون والراجلون ومستخدمو الدراجات والدراجات النارية. وبالنسبة لإصابات الرأس والعنق، فهي تعد الأعلى بين جميع الإصابات الجسدية بمعدل 60%، حيث يشكل الفك السفلي أكثر المناطق المتعرضة للحوادث، تليها عظم الوجنتين حسب ما أوضحت أغلب الدراسات العلمية المنشورة.

الشفة الأرنبية

تعد الشفة الأرنبية.. أكثر التشوهات الخلقية عند المواليد الجدد في منطقتنا العربية، وتزداد نسبتها كثيراً في بلادنا.. فما أسباب الإصابة بها؟، وما نسبة نجاحها؟، وهل المعني بمعالجتها طبيب الجراحة أم التجميل؟

الشفة الأرنبية تعد ثاني التشوهات الخلقية على مستوى العالم من حيث الانتشار، بمعدل طفل من بين كل ألف طفل سنوياً، وفي بعض الدول تصل إلى طفل من بين كل 700 طفل، في السعودية تتفاوت النسبة من منطقة لأخرى. واستناداً إلى السجل السنوي الوطني لتشوهات الشفة الأرنبية الذي يرعاه مستشفى الملك فهد التخصصي بريادة الدكتورة عزيزة الجوهر، تعد منطقة الرياض والمناطق الجنوبية والمنطقة الشرقية من أعلى المناطق إصابة، ويعزى ذلك بشكل كبير إلى مصاهرة الأقارب، إضافة إلى العوامل المسببة الأخرى التي تناولتها الدراسات العلمية. وفي آخر دراسه للدكتورة هبة صباغ سنه 2012 أوضحت النسبة العامة للمواليد بدول الخليج والمملكة للشفة المشقوقة بمعدل 3,2 - 4,2 %. غالب الدراسات ذكرت أن زواج الأقارب والإنجاب المتأخر ما بعد 35 سنة، إضافة إلى وجود الجين المورث للشفة المشقوقة في بعض العائلات المصابة، يزيد من نسبة الإصابة.

ومن الأسباب البيئية المساهمة، التعرض للأشعة أثناء فترة الحمل، والتدخين، وشرب الكحوليات، وتناول بعض الأدوية، مثل: أدوية الكورتيزون، والصرع، والمضادات لحب الشباب، ونقص بعض الفيتامينات والمعادن كحمض الفوليك.

التشوهات الخلقية للشفة الأرنبية تؤثر على الناحية الوظيفية «الرضاعة والنطق والأكل والشرب.. إلخ»، هذا إضافة إلى النواحي الشكلية والنفسية للطفل والتي تصل إلى أهله، وقد تؤدي إلى انعزاله اجتماعياً، نظراً للتشوه المصاحب لها من شق في الشفه العلوية قد يمتد إلى الأنف وسقف الحلق. عمليات الشقة المشقوقة قد يمارسها من يبرع بها من ذوي الخبرة والتخصص الدقيق من جراحي الوجه والفكين أو جراحي التجميل.

وهنا أرغب في التنويه بضرورة التوعية بالمسببات المحتملة للشفة الأرنبية، واتخاذ إجراءات قد تحد من ظهور التشوه، ما يسهم في التقليل من إصابتها خاصة للعوائل التي يوجد فيها من هو مصاب فيها.

وأحب أن أنوه أيضاً إلى ضرورة إنشاء مراكز طبية خاصة بالشفة الأرنبية في المستشفيات، تتناول العلاج للشفة الأرنبية منذ الطفولة إلى آخر مراحل النمو، كما هو الحال في الدول المتقدمة، حيث تضم هذه المراكز أكثر من تخصص غير تخصص الجراحة، كتخصص تقويم الأسنان والأنف والأذن والحنجرة وإخصائي النطق.

في أي سن يبدأ إخضاع الطفل لجراحة الوجه والفكين في حال كان لديه تشوه خلقي؟

العلاج الجراحي لتشوهات الوجه موجود منذ الأزل، ولكن التوعية الطبية مطلوبة لكثير من أفراد المجتمع الذين قد يهملون أطفالهم حديثي الولادة بهذا التشوه ولا يلجأون لعلاجه. علماً أن العلاج في الغالب يكون للطفل على عمر الثلاثة أشهر، وقد يتم التدخل قبل ذلك وفق حالة المريض، وبعدها تبدأ جلسات المتابعة التي قد تستمر إلى حد عمر العشرين سنة، والتي قد تشمل أيضاً عمليات جراحية أخرى، كسد فتحة سقف الحلق، وتجميل الأنف والفك.

ما المنهج العملي الذي تحرصين عليه أثناء عملكِ في مدينة الملك سعود الطبية؟، وما مدى ولعكِ بإجراء الأبحاث الطبية؟

مدينة الملك سعود الطبية أو مستشفى الشميسي في قلب العاصمة الرياض، من أقدم المستشفيات في المملكة ووزارة الصحة وأكبرها، ومن أكبر مراكز معالجة الإصابات والحوادث وعلاج حالات البدانة على مستوى العالم. وقسم جراحة الوجه والفكين يعتبر من المراكز الكبرى على مستوى العالم، بسبب طبيعة نوعية وكثافة الحالات، والتطوير العلمي المستمر. والمستشفى يجمع الكثير من الحالات السريرية العلاجية، ويشمل منها جزء كبير للمتدربين في التخصص، وبالتالي وجود المادة العلمية لعمل الأبحاث العلمية. ومركز الأبحاث في مدينة الملك سعود الطبية، ومركز طب الأسنان، حريص على تدوين واستخدام الإحصائيات بما يطور في المجال العلمي. وبما أني جزء من المنظمة، فأنا أتبع نفس المنهج.

العلاج بالمناظير

برأيك ما الثورة الطبية والتكنولوجية الحديثة في عالم طب الأسنان وجراحة الفكين؟

هنالك عديد من التطورات العالمية في المجال، وأبرزها العلاج الجراحي بالمناظير، حيث لا يضطر الجراح لإحداث ندبة جراحية كبيرة قد تؤثر شكلياً أو نفسياً على المريض فيما بعد. العلاج بالمناظير يشمل العلاج لمشاكل المفصل الصدغي، ورد وجبر كسور الوجه، والجراحات التجميلية التقويمية.. إلى غير ذلك من أنواع الجراحة الموجودة بهذا المجال. من تطورات المجال أيضاً، استخدام الخلايا الجذعية والأنسجة البروتينية Bone Morphogenetic Proteins BMP لتعويض الجزء المفقود من العظم بدل من استئصال جزء عظمي من الجسم نفسه وتعريضه لمضاعفات الاستئصال العظمي.

من أبرز التطورات أيضاً إدخال ال Robotic surgery» computer - assisted surgery»، في مجال جراحة الرأس والوجه والفكين، ما يمكن الجراح من عمل الجراحة من أي مكان في العالم remote surgery هذا إضافة إلى المزايا الأخرى من صغر حجم الشق الجراحي، ما يؤدي إلى تقليل النزيف خلال العملية والندبة الجراحية. إضافة إلى التطورات في التصميم والإعداد الدقيق للجراحات التجميلية التقويمية عن طريق أجهزة الكمبيوتر والمعامل الخاصة، ما يزيد من دقة النتائج وقياساتها التي ستنعكس إيجاباً على نتيجة المريض.

هل لا تزال ثمة مشكلات في هذا المجال بحاجة إلى تطوير تكنولوجي وتقني؟

أكيد وفي اليوم الذي نتوقف فيه ونكتفي بما لدينا هو اليوم الذي توقفنا به عن التطور. مازلنا بحاجة إلى زيادة عدد المؤتمرات المقامة سنوياً محلياً باستقطاب أسماء عالمية في المجال؛ لمواكبة آخر تطورات المجال وتشجيع البحث العلمي في التخصص، زيادة عدد الأطباء المقبولين سنوياً في البرامج، حيث يعتبر المجال نادراً ويحتاج إلى الخبرة في الممارسة، وما زالت بعض مناطق المملكة ينقصها جراحون بهذا التخصص، هذا إضافة إلى استيراد المعدات والأجهزة الجراحية الحديثة التي تعود بالفائدة على الطبيب وعلى المريض.

ما مدى إيمانك بهذه المقولة: «مهما كان الجراح ماهراً لا يمكنه أن يعيد ما خلقه الله كما كان»؟

أتفق معها، وما أوتيت من العلم إلا قليلاً.. وكلما نهلنا من العلم ومارسنا من حالات اكتشفنا عجزنا أمام الكثير من التفاصيل الدقيقة في وجه الإنسان.

تقنية جراحية لإصلاح الشفة

أجريتِ عدة بحوث في مجال تخصصكِ.. ما خلاصة ما خرجتِ به من نتائج؟

بحثي في عمل تقييم مفصل لتقنية المثلث الصحيح، وهي تقنية جراحية لإصلاح الشفة ذي الشق الأحادي لأول مرة على مستوى العالم. تهدف هذه التقنية إلى تفادي كثير من المضاعفات في الندبة الجراحية التي تم ملاحظتها في التقنيات الجراحية الأخرى؛ لإصلاح الشفة، وتم ذكرها في المقالات العلمية وأبرزها بروز الندبة الجراحية من ناحية اللون والملمس، وارتفاع بعض أجزاء الشفة العلوية في الناحية المصابة مقارنة بالجانب السليم، وعدم تماثل الطول في الجانب المصاب مع الجانب السليم، وعدم تماثل فتحات الأنف، إضافة إلى عديد من المضاعفات التي لا ترغب أي أسرة في وجودها بعد إصلاح الشفة المشقوقة، حيث قمت بعمل تقييم مفصل لأول مرة في العالم لها، وأيضاً عرفت هذه التقنية باسم تقنية العتل، استناداً إلى مخترع التقنية الدكتور عبدالله إبراهيم العتل، استشاري جراحة الوجه والفكين بمدينة الأمير محمد بن عبدالعزيز بالرياض، وتم عمل التقييم العيادي والمقاسات ومتابعة المرضى قبل دخول المرضى لغرفة العمليات وإكمال التقييم للمرضى بعد العملية في الفترات التالية، شهر، ثلاثة أشهر، ستة أشهر وسنة، أظهرت النتائج بعد ستة أشهر إلى سنة المرضى الذين تم علاجهم بهذه التقنية، إذ تماثلوا في لون وملمس البشرة، وطول الشفة كان متماثلاً بشكل تقريبي جداً في الجانب المصاب وغير المصاب.

شبكة معلوماتية مشتركة

ما أهم الأبحاث والنشاطات العلمية التي قمتِ بها خلال مشواركِ العلمي والعملي؟، وما أهم الإنجازات التي تفخرين بتحقيقها؟

 نشاط البحث العلمي بدأ منذ سنة الامتياز في كلية طب الأسنان في جامعة الملك سعود عام 2006م، وعرضت بعض الأبحاث كملصق علمي، وبعضها قدمته كمحاضرة علمية في مؤتمرات محلية وعالمية.

كما تم تقديم ورش عمل لها علاقة بالتخصص العلمي، والتنظيم والتنسيق لعدة مؤتمرات محلية وعالمية، وقدمت الكثير من المشاركات التابعة للجان ومنظمات خيرية طبية. وشاركت مع وفد المملكة في اجتماع منظمة الصحة العالمية. كما شاركت بصفتي مؤلفة مع نخبة من الأطباء في الكتاب الصادر من مركز الإصابات والحوادث في إنشاء مشروع على مستوى المملكة؛ للحد من الحوادث والإصابات، هذا المشروع يربط جميع المستشفيات بشبكة معلوماتية مشتركة.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
ابو رائد
[ القطيف ]: 12 / 1 / 2018م - 8:53 ص
ما شاء الله فعلا
الخبر انجبت متميزيين
2
صادق
[ الدمام ]: 18 / 5 / 2018م - 11:03 م
بنات الوطن مفخرة الجميع فعلان نعتز بهن.