آخر تحديث: 3 / 5 / 2024م - 5:45 م

تركيا.. وغصن الزيتون

محمد أحمد التاروتي *

يمثل التحرك العسكري التركي، بأتجاه مدينة عفرين السورية، تحولا جوهريا في التعاطي، مع الأزمة المستمرة منذ سبع سنوات، فالحكومة التركية تحاول استغلال التواجد الكردي، على مساحات واسعة من الاراضي السورية، لتحقيق العديد من المكاسب السياسية، خصوصا في ظل التقدم العسكري للنظام، واستعادة مئات القرى في ريف أدلب وحلب، وطرد تواجد الجماعات المسلحة، من تلك المناطق، التي تسيطر عليها، منذ 4 سنوات تقريبا.

التحولات العسكرية المتسارعة لقوات النظام، والقوى المتحالفة معه، تشكل مصدر قلق لأنقرة، في فقدانها العديد من الاواراق السياسية، لاسيما بعد فشل الجماعات المسلحة التي تدعمها، في تحقيق الكثير من الشعارات، التي رفعتها على مدى الأعوام السبعة، ولعل أبزرها إخفاقها في الاحتفاظ بالمساحات، التي سيطرت عليها خلال الأعوام الماضية، الامر الذي دفع انقرة لمحاولة فرض الامر الواقع، تحت غطاء محاربة الارهاب الكردي، وطرد قوات سوريا الديمقراطية من الاراضي، التي تسيطر عليها، وبالتالي فان تركيا تسعى من خلال التدخل العسكري، الاحتفاظ ببعض الاوراق السياسية، للاستفادة منها في التسويات السلمية القادمة، مما يفسر اصرارها على إقامة شريط امان، بعمق 30 كم داخل الاراضي، بدعوى حماية أمنها القومي، من الجماعات المتطرفة الكردية.

لا يمكن للحكومة التركية، الأقدام على خطوة عسكرية، باتجاه الاراضي التي يسيطر عليها الأكراد، بدون التنسيق مع روسيا، والحصول على موافقة أمريكية، خصوصا وان موسكو تمتلك الكثير من الاوراق في الأزمة السورية، وبالتالي فان عدم الموافقة يمهد الطريق امام الوقوف بقوة، على اطلاق العملية العسكرية، الامر الذي تخشاه انقرة، اذ ما تزال تجربة إسقاط الطائرة الروسية، ماثلة امام الحكومة التركية، والتي تسببت في تدهور العلاقات، وفرض عقوبات اقتصادية شديدة على تركيا، مما اجبر اوردغان على الاعتذار، وتقديم المزيد من التنازلات، قبل عودة الدفء للعلاقات بين البلدين.

كما ان تجاهل اوردغان للضوء الأخضر الامريكي، يعرض العملية للفشل، خصوصا وان الأكراد يحظون بالدعم العسكري، والسياسي الكبير من لدن البيت الابيض، مما يعني ان الأقدام على الخطوة العسكرية، دون الحصول على ”التفهم الامريكي“، بمثابة مغامرة سياسية من لدن تركيا، الامر الذي دفعها لمحاولة كسب ود الادارة الامريكية، لتفادي ”الغضب“ الامريكي، الذي يشكل تهديدا حقيقيا على القوات التركية، اذ يمكن قراءة التصريحات الامريكية، بالدعوة الى ضبط النفس، وضرورة ايقاف العملية العسكرية سريعا، كنوع من ذَر الرماد في عيون الأكراد، وإرسال رسالة واضحة للقيادة التركية، بعدم المعارضة للتحرك العسكري.

توقيت إطلاق العملية العسكرية التركية، باتجاه عفرين يحمل رسائل سياسية، للدول اللاعبة في الأزمة السورية، لاسيما وان العملية جاءت قبل ايام قلائل، من اجتماع جنيف لبحث الأزمة السورية، تحت رعاية الامم المتحدة بين وفد النظام والمعارضة، وكذلك تأتي العملية العسكرية في ظل التحضيرات الروسية، لاجتماع سوتشي للمعارضة السورية، والهادف لخلق الأجواء المناسبة، للدخول في العملية السياسية، وانهاء الحرب المشتعلة، منذ سبع سنوات.

كاتب صحفي