آخر تحديث: 3 / 5 / 2024م - 5:45 م

ثقافة النظام

محمد أحمد التاروتي *

عملية الالتزام بالنظام مرتبطة، بالثقافة الفردية، والاجتماعية، فكما ان يمثل الفرد حلقة مهمة في سلسلة تطبيق النظام، فان المجتمع يشكل عنصرا ضاغطا، في وضع الانظمة على السكة الصحيحة، وبالتالي فان امتلاك الفرد الارضيّة اللازمة للالتزام عنصر حيوي، في القدرة على ترجمة مختلف الانظمة على الارض الواقع، خصوصا وان انتشار الفوضى يخلق المشاكل، على الصعيد الفردي والاجتماعي، مما يحتم فرض النظام لاستمرار الحياة وفق المنظومة الطبيعية.

الفرد بما يمتلك من ثقافة مقدسة للنظام، يسهم في اخراجها الى النور، فالمرء المتخلف ينظر الى الانظمة، كنوع من تقييد الحرية، مما يدفعه لضربها بعرض الحائط، والتحرك نحو تفريغ النظام من محتواه، بينما الانسان الواعي يأخذ النظام، كوسيلة ضرورية، لوضع الأمور في المسار الصحيح، الامر الذي يدفعه للحرص على الالتزام بها، والتحرك الجاد لنشر هذه النوعية من الثقافة، في المحيط الاجتماعي الضيق والواسع، وبالتالي وضع اللبنات الاساسية لسيادة القانون، وقطع الطريق امام الدعوات الساعية، لتكريس الفوضى، وغياب سلطة النظام، في مختلف مناحي الحياة.

المجتمع بما يمثله من ضغط على الأفراد، يحول دون تجاوز النظام، ويُحد من سيطرة النزعة الفوضوية لدى الأفراد، لاسيما وان الرقابة الاجتماعية، تلعب دورا كبيرا في تكريس النظام، في الممارسات اليومية، فالمجتمع الذي يحترم ويقدس النظام، يفرض ارادته على الأفراد، بمعنى اخر، فان سكوت المجتمع عن المخالفات، والتجاوزات التي تكسر هيبة النظام، يضع اخر مسمار في نعش، تلك الانظمة على اختلافها، بحيث تكون الانظمة حبرا على ورق، مما يشجع على اختراق النظام من الصغير قبل الكبير.

النظام بما يحمل من اثار إيجابية، على الصعيد الفردي والاجتماعي، بحاجة الى جهات تشرف على تطبيقه على ارض الواقع، بالاضافة لسن التشريعات القادرة على خلق البيئة الملائمة، لتشجيع المجتمع على تطبيقه، خصوصا وان التخوف من الانظمة في البداية، يدفع الى التردد في تقبله بالشكل المطلوب، مما يستدعي ازالة تلك المخاوف، لتأخذ الانظمة طريقها نحو التطبيق، وفقا للخطط المرسومة، الامر الذي يفسر الحملات الدعائية الضخمة، التي تطلق مع كل نظام جديد، من اجل وضع المجتمع في الصورة الصحيحة، وتشكيل ثقافة مضادة للمخاوف المترتبة، على تطبيق تلك الانظمة على اختلافها.

الغرامات والجزاءات تمثل ضرورة، لإكساب الانظمة الهيبة لدى الفرد، والمجتمع في الوقت نفسه، فالبعض يضطر للالتزام بالنظام تفاديا للغرامات المفروضة، بمعنى اخر، فان النظام الذي يفتقد للأنياب، لا يجد التزاما واسعا، لدى شريحة اجتماعية، خصوصا وان المستوى الثقافي لدى أفراد المجتمع، يختلف من فرد لآخر، مما يدفع لوضع الغرامات لسد الطريق، امام فشل تطبيق الانظمة، اذ تعتبر الجزاءات من الممارسات المألوفة، لدى مختلف المجتمعات البشرية، فهي تختلف تبعا لنوعية النظام، والاثار المترتبة على تجاوزها، فكل مخالفة تستلزم غرامات بقدر تداعياتها على المجتمع، وبالتالي فان فرض سلطة القانون، تستدعي خلق الظروف المناسبة، لتطبيقها على ارض الواقع، فمرة بنشر ثقافة نظام بين الأفراد، وتارة اخرى باستخدام عصا الغرامات الغليظة.

كاتب صحفي