{فلينظر الانسان إلى طعامه}
﴿ولا تأكلوا مما لم يُذكر اسم الله عليه وانه لفسق وان الشياطين ليوحون الى أولياءهم ليجادلوكم وان اطعتموهم انكم لمشركون﴾ س الانعام اية 121.
هذه السورة تدور في ذهني عدة سنوات وحيثما اسافر او اطلب من مطعم أكلا هنالك تثار عدة امور واسئلة ومشاريع في خلدي.
لعل الكثير من محيطنا الاسلامي يعرف بانه هناك فتاوي من مبان مدارس فقهية متعددة تقف مواقف مختلفة في موضوع الاكل «تأكلوا» الذي يتطلب تذكية شرعية «يُذكر اسم الله علية». وتحدث مواقف محرجة للبعض اذا ما كان مدعو في مطعم او فندق وله احترازات في التحقق من حلية وتذكية اللحوم المقدمة في الاطباق لاسيما اذا كان في اوروبا او الصين او اليابان او الارجنتين او امريكا. ويشتد الامر ليكون اكثر إحراجا لاسيما اذا كان هناك اختلاف فقهي في تعريف الحلية دون الالتفات لضمان التذكية لمن هم مدعوون.
هاجس اللحم الحلال تطور في العقود الثلاثة على مستوى دول العالم حتى اضحت كلمة ”حلال“ ملازمة لمعظم مطاعم ابناء الشرق الاوسط في العالم. وكان رجل اعمال جزائري فرنسي سباق استنطق فكرة مشروع استصدار شهادات ”حلال“ كتوثيق لـ حلية لحوم الذبائح المستخدمة بالمطاعم في العالم.
حديثا، اطرق الاعلام العالمي مسامع الكثير من الناس بفضائح في مجال فساد اللحوم والاغذية ذات العلاقة في كلا من اوروبا والهند والبرازيل. لطفا راجع
1 - https: //www. theguardian. com/uk - news/2017/jul/26/horsemeat - scandal - businessman - andronicos - sideras
2 - https: //www. google. com/amp/s/m. timesofindia. com/india/dog - meat - fear - halves - sale - of - non - veg - food - in - kolkata - eateries/amp_articleshow/63979908. cms
3 - https: //www. google. com/amp/s/www. bbc. com/news/amp/world - latin - america - 40377203
بقراءة متمعنه في الاخبار الواردة في الروابط اعلاه يجد القارئ حجم الصدمة الشعبية في كلا من بريطانيا والهند والبرازيل من تدني سلامة الغذاء وغياب الضمير الانساني لدى بعض تجار اللحوم الحيوانية المخصصة للاستهلاك الآدمي.
ففي بريطانيا صدم كامل الشعب بوجود لحم أحصنة مخلوط مع اللحم البقري ويباع من قبل رجل اعمال بريطاني الجنسية من اصل قبرصي على ان اللحم بقري صاف. في الخبر الثاني الوارد من ولاية كلكتا الهندية، فان الجهات المختصة كشفت النقاب عن وجود اكثر من 20 طن لحم كلاب يباع على انه لحم ضأن او بقر. طبعا حجم الصدمة في الهند جعل المبيعات لمنتجات المطاعم الغير نباتية تنخفض الى النصف. في الرابط الثالث، في امريكا تم مصادرة مئات الاطنان من الدجاج لاكتشاف السلطات عن حصول بعض المفتشين الغذائيين على رشاوي مقابل غض النظر عن شحنات لحوم دجاج مستوردة من البرازيل وتحمل بعضها فيروس السلمونيا.
في محيطنا المحلي تورد بين الفينة والاخرى اخبار مفادها، وجود عمالة تتاجر بلحوم ذات تاريخ منتهي الصلاحية او تبيع لحوم الحمير على اساس انها لحوم ضأن او تقوم ببيع دجاج مجهول المصدر بعد اعادة تعبئته او يخلطون لحوم منتهية التاريخ بلحوم اخرى طازجة لتصريف الفاسد وزيادة هامش الارباح وعلى ذلك فقس.
ببحث تاريخي خاطف في حجم الفساد الملازم لتجارة اللحوم على مستوى المعمورة، سيسجل المتابع امور تشيب منها الولدان وانصح ممن يهتم بصحته ان يجوجل «يبحث في جوجل» في هذا الشأن بان يكتب meat scandal + اسم الدولة التي يود ان يطلع على حجم فساد تجارة اللحوم بها. ويمكنك ايضا ان تبحث عن اي نوع من الفساد الملازم له.
طبعا لأهمية الموضوع أفردت الامم الناضجة مؤسسات تراقب صحة الغذاء ذو المنشأ الحيواني والنباتي حفاظا على الصحة العامة ومنعا من استقلال الجشعين ومغيبي الضمائر. للمزيد من المعلومات يمكنكم متابعة نشرات موقع اخبار اللحم العالمي
https: //www. globalmeatnews. com/
ماهي المخارج من هكذا ورطة، هكذا قد يتسائل البعض؛ وشخصيا اعتقد بان السؤال هو ماهي الفرص الاقتصادية المتاحة من هكذا احداث وكيف نستفيد منها؟!
الشعوب الاسلامية هي شعوب اكلة لمنتجات اللحوم الحيوانية وتقوم الشعوب الاسلامية بأكبر مهرجان قرابين في العالم بشكل سنوي وذلك ضمن برنامج الحج في مكة المكرمة. هذا الامر يسهل لنا الدخول في توظيف هكذا امر في ادراج معايير فنية ذات ابعاد اقتصادية في جانب المنتجات الغذائية الحيوانية الاصل. فشعار ”حلال“ هو شعار جيد لتثبيت ادنى المعايير اللازمة لمنع او تقليص تجارة اللحوم الفاسدة.
عند زيارتنا لمدينة ساوباولو تعرفنا على بعض تجار اللحوم وهم وجهاء ورجال نشتم منهم رائحة الاخلاص والتوجه لله. وكان احد هؤلاء الوجهاء يمثل لون مدرسة اسلامية والوجيه الاخر يمثل لون مدرسة اسلامية اخرى. وكان يأتي لكل لون اسلامي طلبات اعتماد توريد مع قائمة اشتراطات في اللحوم المصدرة من البرازيل لدول الاسلامية كلا ومدرسته الفقهية. هذه الاشتراطات وعلى رأسها الذبح بطريقه اسلامية شرعية اوجدت فرص عمل جيدة لأبناء الحالية الاسلامية وابناء المسلمين في البرازيل. وهذا جيد ويمكن تطويره بشكل مؤسساتي. ولعل من الجيد مع تسجيل زيادة في منسوب البطالة في الدول الاسلامية، اعادة توجيه بعض تلكم الموارد البشرية للخارج للإشراف على المنتجات الغذائية قبل توريدها داخل البلاد. وعلى غرار فكرة الامن الغذائي من خلال الاستثمار الزراعي في اراض دول عربية واجنبية، لعل الوقت بات مناسبا لتطبيق الامن الغذائي في مجال الثروات الحيوانية حتى لو كان خارج الحدود. وبهكذا استثمارات فردية او حكومية نكون خلقنا دائرة كاملة لإيجاد السلسلة الكاملة مما يعرف ب supply chain في مجال الغذاء. ويمكن فتح وظائف لكامل مراحل الانتاج شاملة لمربي الأبقار ودكتور بيطري ومتخصص اجبان وجزار لحوم ومندوب مبيعات وأسطول ناقل وموزعين ومحلات بيع تجزئة. وان لم تُفعل تلكم الحلول سنظل واياكم نستورد اللحم ونتحلطم على الملاحم ويكون الزبائن بين ناقم وشاك وناقد على الواقع في تجار اللحوم وقلة من الزبائن الراضية او تحت رحمة البعض منهم. فالدوافع موجودة للبحث عن الافضل من هذا الوضع القائم في تجارة اللحوم، فهل من صناع له.
