آخر تحديث: 1 / 5 / 2024م - 9:37 م

فرص الطاقة المتجددة في المملكة

مصطفى محمد الخباز

في ضوء رؤية المملكة لإضافة «9,5» جيجاوات من الطاقة المتجددة إلى الإنتاج المحلّي بحلول عام 2023م، يتساءل الكثير عن جدوتها الإقتصادية في بلادنا. هذا في ظل وجود المصادر التقليدية للطاقة «وقود الغاز يعتبر المصدر الرئيس للطاقة في المملكة» الأقل تكلفة من المتجددة. هذه المقالة تسلط الضوء على فرص الطاقة المتتجدة في المملكة وتضع توصيات للجهات الرسمية، وللقطاع الخاص، والمواطن.

الإصلاحات الإقتصادية التي أعلنتها المملكة العربية السعودية مؤخراً جعلت الطاقة الشمسية والرياح المتجددتين مجديتين. لهذا اليوم أكبر معمل طاقة شمسية في المملكة لايتجاوز «10,5» ميقاواط في مدينة الظهران و«2,7» ميقاواط لطاقة الرياح في طريف والرياض. فرص الطاقة المتجددة كثيرة تتطلب العمل الدؤوب من جميع قطاعات البلد.

الجهات التشريعية والتنفيذية الرسمية بدأت مؤخراً بتنفيذ أهداف الطاقة المتجددة في رؤية 2030، أبتداء بإطلاق تشريعات جديدة «تنظيم الطاقة الشمسية الكهروضوئية الصغيرة»،، والبدء بطرح مشاريع لمنتجين مستقلين للطاقة - كما هو موصى في مقالة سابقة للكاتب [1] . المشروع الأول محطة الطاقة الشمسية في سكاكا بقدرة 300 ميجاوات والتي فازت به شركة أكوابور السعودية، والمشروع الثاني مشروع لطاقة الرياح في دومة الجندل بمنطقة الجوف بقدرة 400 ميجاوات لايزال تحت تقييم المناقصين.

عُرفت المملكة بكونها المُصدِّر الأكبر للطاقة التقليدية «الأحفورية» ولها القابلية أكبر من غيرها أن تكون مُصدِّرة للطاقة المتجددة، وذلك للتالي:

1 - أكثر المناطق عرضة لأشعة الشمس بدرجات عالية مركزة ولفترة أطول «لموقعها على الحزام الشمسي»، يعني أن خلايا الطاقة الشمسية تعطي إنتاجية أكبر «تصل إلى الضعف» في المملكة منه في دول أخرى - كأوربا على سبيل المثال -
2 - المساحة الشاسعة «2,15 مليون كم2» بحيث لو تعرضت منطقة لنقص في أشعة الشمس بسبب سحاب أو غبار أو غيرهما، لن يؤثر على إستمرارية مجمل الإنتاج من مناطق أخرى.
3 - الأراضي البيضاء الشاسعة غير المستخدمة إذ يمكن إستغلال بعضها كبنى تحتية للطاقة الشمسية.
4 - وفرة المواد الأولية لصناعة ألواح الطاقة الشمسية «السيليكون».

الخطأ الأكبر في تفكيرنا هو إعتقاد أن تنصيب توربين هوائي فوق حقل الغوار أو خلايا شمسية أعلى معامل أبقيق يشكل خطر على صناعة النفط، إذا راءه العالم ظنوا بأن النفط بدأ ينفذ من المملكة. وهذا الهاجس قد يكون منطقياً في الستينات والسبعينات من القرن الماضي ولكن ليس اليوم. في ظل إنتشار المعرفة ووفرة المعلومات حول إحتياطي الهايدروكربون «نفط وغاز» وإقتصاديات الطاقة التقليدية والطاقة المتجددة، أصبح لا مجال لمثل هذه الإعتقادات. إضافةً إلى ذلك هناك أماكن أخرى يمكن إنشاء معامل الطاقة المتجددة عليها بعيداً على مناطق صناعة النفط.

تتمثل فرص الطاقة المتجددة للمملكة في إستبدال الوقود ذات القيمة العالية «ديزل والنفط الخام واللذان لايزالا يستخدمان بكميات ضئيلة» بوقود أقل قيمة. في هذه الحالة يفضل الأخذ بعين الإعتبار الطاقة المتجددة. الفرصة الأخرى تكمن في تغذية الأحمال الصغيرة والبعيدة عن الشبكة بخلايا شمسية «مثلاً المستخدمة في إنارة الطرقات، الكاميراتً، أبراج الإتصالات، الحماية الكاثودية للأنابيب، المناطق الحدودية، النقاط الأمنية وغيرها». كثرة المناطق النائية مترامية الأطراف في مناطق مختلفة بحاجة إلى مصدر مستدام للطاقة، وجود الطاقة المتجددة أكثر جدوة من تنصيب مولدات صغيرة لتغذية هذا النوع من الأحمال.

أَعتبرت المملكة مؤخراً الطاقة المتجددة جزء من خطتها الإستراتيجية، حيث حُددت الأماكن المناسبة لإنشاء معامل للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بعض الأراضي جرى حيازتها لأجل ذلك. حالياً تعمل الممكلة جاهدةً على توسيع الخطة والعمل على تنفيدها. المملكة بحاجة إلى الأخذ بالإعتبار التوصيات التالية:

1 - وضع محفزات للأفراد والشركات من دعم حكومي وإعتماد نظام إقتصادي وضريبي لصالح الطاقة الخضراء «المتجددة».
2 - جعل الطاقة الشمسية إلزامية للمباني والمنشأت الحكومية والأماكن العامة لتكون مثالا يحتذى به.
3 - النظر إلى الطاقة الشمسية بنظرة إستراتيجية من تهيئة البنى التحتية للطاقة المتجددة «فيما يتعدى ال 9,5 جيجاوات» من مسح مناطق وتخصيص أراضي موزعة على أنحاء مختلفة في المملكة والأخذ بها في عين الإعتبار في خطة المملكة لتطوير البنية التحتية من شوارع ومحطات مياه وكهرباء ونحوه.
4 - نشر الوعي في المجتمع لأهمية الطاقة الخضراء من تظمينها في المقررات الدراسية وتدشين حملات توعوية، الخ.
5 - تطوير معايير ومواصفات الجودة لإستيراد وتصنيع وتركيب الألواح الشمسية.

بما أن هناك فرض كثيرة للمملكة لتنصيب ألواح شمسية، فمن الأجدى أن تكون صناعة هذه الألواح محلياً نظراً لتوفر المواد الخام، وسهولة التقنية، وكثرة الموارد البشرية، ووجود الطلب داخلياً وخارجياً. إنشاء محلات منافسة لصناعة وتصميم وتركيب الألواح الشمسية تعتبر فرص إستثمارية كبيرة للقطاع الخاص.

تكمن الفرص المجدية إقتصادياً للمواطن «و الذي يعتبر الحلقة المستهدفة أولاً وأخيرأ من مشاريع الطاقة المتجددة» بتقليل الكهرباء المستوردة من الشبكة الكهربائية إذا كان في الشريحة الإستهلاكية الأعلى «أكثر من 6000 ك. و. س/ شهر». هذه الفرص مجدية للتعرفة السكنية والتجارية والصناعية في حال كون التكلفة الكلية أقل من 3 - 5 ريالات/واط لوحي. هذا يتم عن طريق وضع الألواح الشمسية في المناطق غير المستخدمة أو القابلة للإستخدام - مثلاً فوق سطح المبنى. تهيئة المباني والمنشأت الجديدة للألواح الشمسية أمر ضروري بحكم نزول أسعارها مستقبلاً لتصبح أكثر جدوى.

فرض الطاقة المتجددة الحالية في المملكة كثيرة وفي تزايد بحكم الإرتفاع المضطرد في أسعار الطاقة والنزول الحاد في تكلفة تنصيب الألواح الشمسية. تضافر الجهود بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمستهلك يضاعف الإستفادة من الموارد الطبيعية للطاقة. الطاقة الشمسية في المصدر الواعد اللامنتهي لإمداد العالم بالطاقة في المستقبل القريب.

المصادر:
م. م. الخباز, "هل فات المملكة قطار الطاقة المتجددة," 14 11 2015. [Online]. Available: http://xn--ogbf2fdp.net/?act=artc&id=28131. [1]
التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
حسين الخباز
[ تاروت ]: 29 / 12 / 2018م - 3:16 م
مقال أكثر من رائع و متميز للمهندس مصطفى الخباز .
استفساراتي :
1. هل الغبار سيكون عائق لنا مع الطاقة الشمسيه وطاقة الرياح ؟ حيث في بعض الدول تعاني من صيانة مولدات طاقة الرياح !

2. ما رأيكم في الطاقة الحراريه من باطن الارض ؟ هل من الممكن استثمارها ايضاً ؟
2
مصطفى الخباز
[ السعودية ]: 12 / 1 / 2019م - 9:15 م
شكراً يا حسين على إبداء رأيك في المقال. إجابات أستفساراتك كالتالي:
1- الغبار يسبب تدني يومي لكفاءة الطاقة الشمسية بنسبة 0.5% بحسب التجربة. الكتب النظرية تعطي نسبة إجمالية لتدني الغبار بشكل شهري من 0-10%.

2- الطاقة الحرارية في باطن الأرض تعتبر من ظمن الطاقة المتجددة, لكن في المملكة لا تعد من التقنيات المجدية إقتصادياً في هذه الفترة الزمنية أو المستقبل القريب. قد تأتي تقنيات جديدة مستقبلاً بأسعار أقل من الحالية, في حينها يمكن أن تصبح مجدية إقتصادياً.