آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 8:50 م

الشبركة يعلن الحرب على الإعاقة ويقول: ”التحدي طريق النجاح“

جهات الإخبارية سلمان العيد - سنابس

ربما كانت مقولة ”إرادة الأنسان أقوى من كل شيء“ شعارا يذكر ويردّد بين فترة وأخرى في مناسبات عدة، ويقبل النقاش والأخذ والرد.

وربما يتعرض إلى الرفض أو القبول المر، لكن بالنظر إلى بعض نماذجه تجده حقيقة، بل حقيقة لا تقبل الجدل، فالشاهد الواقعي أقوى من الكلام النظري.

هذا ما يؤكده المواطن «حسين علوي الشبركة»، الذي تعرض الى فقد حاستي السمع والكلام بسبب الحمى الشوكية، لكنه في ظروف موضوعية جرت له، وبعد حالة أو حالات من التحدي، ومواقف من الدعم والتشجيع من الأسرة، وقرارات رسمية من الحكومة، استطاع أن يتجاوز هذه الحالة، ليشعر بالحياة، ويواصل مسيرته العلمية والعملية ليحصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، بعد أن تخطى جملة من العقبات هي طبيعية تحدث لمن يفقد هاتين الحاستين.

الشبركة الذي كان ضيف ديوانية الجمعة بمجلس التنمية الاجتماعية بسنابس، تحدث عن تجربته بلغة الإشارة، في محاضرة عنوانها «التحدي طريق النجاح» بحضور والده الطيار علوي الشبركة وعمه الأديب عباس الشبركة، وكان أخوه أمين الشبركة من قام بدور الترجمة.

واللافت للنظر أن الشبركة يحمل شيئا كبيرا من التفاؤل مع هذه الظروف، وبعد النجاحات العديدة بات يرى الحياة بصورة أخرى.

ويتحدث عن طموحات عالية لم يصلها الأفراد الطبيعيون، فهو الوحيد في محافظة القطيف «من بين 400 معاق بهذه الإعاقة» الحاصل على الماجستير، وهي درجة يعجز عنها الكثير من الأسوياء، ويتطلع للحصول على الدكتوراه، ويسعى لتقديم دورات بلغة الإشارة لتعليم اللغة الانجليزية وغير ذلك.

الشبركة وبعد أن شكر الله على نعمه، وثمّن لوالديه جهودهما الكبيرة ودعمهما المادي والنفسي، وللدولة جهودها الكبيرة في رعاية هذه الفئة، يقول بأنه وعلى ضوء ما قيل له أن والديه وكافة المحيطين به شعروا بأنه وفي سن الثالثة من عمره لا يستجيب لردود أفعالهم الصوتية، فذهبوا به إلى المستشفى فكانت النتيجة أن أخبرهم الطبيب بعد عدة عمليات من الفحص أنه فاقد لحاسة السمع.

وأشار الى انه دخل والده ووالدته في حيرة، لم يكن أمامهما إلا أن ذهبا به إلى مصر للعلاج والتأهيل، وكانت مصر أحد خيارين أمام العائلة «هي والأردن»، فتم ترجيحها لأنها الأقرب جغرافيا لمكان عمل والده في جدة، وهناك وفي المركز ومع الاختلاط مع منهم مثله تعلّم لغة الإشارة، بعدها عاد إلى جدة والتحق بالدراسة فأنهى المراحل الدراسية كلها، كونه برفقة والده الذي يعمل طيارا.

وقال بعد الثانوية وبعد فترة بسيطة من الالتحاق بكلية الاتصالات بالرياض حصل على فرصة للابتعاث الخارجي، فسافر إلى واحدة من أعرق الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية.

والمفارقة كما يقول الشبركة نفسه أن من استقبله في المطار، ومن شرح له أقسام الجامعة وتخصصاتها، كان واحدا من ذوي الاحيتاجات الخاصة، ليؤكد بذلك حالة الثقة التي يحصل عليها من يعد من هذه الفئة في تلك الجامعات، لذلك بزغ نجم العديد من أولئك الفئة في سماء العلم والعمل والإبداع.

وبحكم أن نظام الدراسة في هذه الجامعات يقتضي أن يتقن الطالب اللغة اللاتينية، يقول الشبركة بأنه ولأجل ذلك اضطر لأن يقضي ما معدله 14 ساعة يوميا كي يتعلم هذه اللغة، ولكنه بتوفيق الله أنهى المقرر المفترض أن ينجز في 3 سنوات، خلال سنة ونصف، وبعد أن التحق بالتخصص «إدارة اعمال» انخفض الضغط عليه وصار يقضي سبع ساعات يوميا من أجل الحصول على درجة البكالريوس التي أنجزها، وانتقل الى لدراسة الماجستير.

وفي هذا الصدد يقول الشبركة أنه وخلال سنوات الدراسة في الجامعة كان بعض المحاضرين من فئة الصم والبكم، مع وجود غيرهم أيضا، وفي حال كان المدرس من غير هذه الفئة كانت الجامعة توفّر ثلاثة من المترجمين كانوا يحضرون القاعة من أجل الترجمة، وفي بعض المحاضرات يحضر هؤلاء الثلاثة للترجمة له بمفرده.

وبين ان كل واحد يقوم بدوره لمدة ربع ساعة والآخران يقومان بدور الرقابة عليه، وكانت العملية متعبة كونها تنطوي على شيء من التركيز المستمر لأربع ساعات متواصلة، فهو ”مجهود أكبر من رفع الأثقال“ على حد تعبير الشبركة.

وعن لغة الإشارة، التي هي وسيلة التواصل لدى هذا المتميز، يقول بأنه اكتسبها منذ سنواته الأولى يوم كان في مصر ومن خلال الاختلاط مع زملائه «البكم والصم»، وذلك قبل أن يلتحق بالمدرسة.

ولفت إلى أن لغة الإشارة ليست واحدة في كل العالم، مع وجود نقاط الالتقاء فيما بينها بشكل كبير، لذلك اجتمع مع جماعة الصم والبكم في أمريكا وشارك معهم في تأليف كتاب حول الاختلافات في لغات الإشارة، وعلى ضوء ذلك تم ترشيحه لأن يكون ضمن المركز الأمريكي للترجمة.

وبهذا تتالى الإنجازات الشخصية، لهذا الشاب الذي لمّا يتزوج بعد، ليقول بأنه يعتزم إقامة دورة في اللغة الانجليزية بلغة الإشارة، يقدمها لفئة الصم والبكم.

وأشار الى أنه ابتدأ في تأليف كتاب للتوعية بذوي الاحتياجات الخاصة، ليس الصم والبكم فقط بل حتى ذوي الاعاقات الأخرى.

وأكد على ضرورة التعامل الحسن والإيجابي مع هذه الفئات، وأنه يتطلع لأن يراهم جميعا في اعلى الدرجات العلمية والعملية.

أما والده «علوي الشبركة»، الذي كان حاضرا هذا اللقاء، قال بأنه منذ ظهور المرض على ولده شعر بأن نعمة من الله حلّت عليه، وعلى أسرته، فقد كان يخاف عليه يوم كان صغيرا، لكنه منحه الثقة وكان يتكلم معه بلغة الشفايف ولم يتعلم وهو الوالد لغة الاشارة في الحديث معه، وقد ساعد نفسه وساعد أهله أيضا.

يضيف الشبركة الأب: ”أخذته إلى مصر وكان عمره ثلاث سنوات، حينها لم يكن لدينا مدارس لاحتضان مثل هذه الفئة، ولكن بحمد الله صارت بلادنا تولي عناية فائقة بهم في الوقت الحاضر، وكان من توفيقات الله لهذا الولد أنه حصل على بعثتين في آن واحد، وكان كثيرا يؤكد بأنه في عالم الغربة لا يمثل نفسه بل يمثل أهله ووطنه، ويؤكد لنا بأنه يشعر بأنه حي وعليه مسؤولية.

وفي تعليق على التجربة قال عباس الشبركة «عم المحاضر» أنه كان متفوقا من الناحية الدراسية، وكان احتضان العائلة له دور كبير في تطوّره وتقدمه، حتى أن اخاه أمين تعلّم لغة الإشارة منه، وقد أدرج ضمن المتفوقين في امريكا.