آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:39 ص

إثارة... تشويق... استنزاف... تجسيد واقع... وأكثر!

المهندس أمير الصالح *

* مسلسل ارطغل التركي وعدد حلقاته تربو على الثلاثمائة حلقة بمواسم متعددة ومتوسط طول الحلقة الواحدة تقريبا اربعون دقيقة.

* مسلسل هوم لاند home land الامريكي وعدد حلقاته تربو على المائة وعشرون حلقة بمواسم مختلفة.

*مسلسل اشياء غريبة strange things الامريكي و عدد حلقاته تربو على السبعون حلقة و مازال موسمه قائما وهو في مواسمه الأولى.

* مسلسل الصراع على العرش Game of Thrones البريطاني وعدد حلقاته تربو على المائة وخمسون حلقة بمواسم متفرقة.

*مسلسل سرقة المال Money Heist الاسباني وعدد حلقاته تربو على المائة وخمسون حلقة ومازال ينتظر متابعوه الحزمات الجديدة منه في مواسمه القادمة.

* مسلسل الاصدقاء الامريكي friends وعدد حلقاته تربو على المائتان وخمسون حلقة.

وهناك الكثير والكثير من مسلسلات بصبغات مختلفة ونكهات متعددة ولغات متعددة وتسليط اضواء على جنبات سلوكية متنوعة كمسلسل Gomorrah الأيطالي.

هكذا هي سماء الصحون اللاقطة او التلفزيونات الذكية او القنوات التجارية ؛ تتماطر الافلام و المسلسلات من كل صوب و حدب من أقطار الدنيا على مدار الساعة شاملة لجملة افكار وعقائد وثقافات وتروج لممارسات و انماط معيشة استهلاكية واذواق اخلاقية مختلفة في الكلمات والملابس والآداب والاكل والشرب والاعراف والعلاقات البينية. خلق هذا الكم من الانتاج مجموعة من مدمني الشاشات اوالمسلسلات او ما يُعرفون ب لقب film fanatic .

قد يستطيع ان يُلخص المشاهد حاضر الذهن ما تسرده تلكم المسلسلات واخواتها، في ان معظم تلكم المسلسلات تتمحور حول محاور الصراع على المال او السلطة او تمدد النفوذ ومُغذى بعضها بمواد من قبيل جاذبية النساء الجميلات والمثيرات او جلافة عصابات المخدرات او اظهار انواع السيارات الفارهة فاحشة الثمن او قسوة الارهابيين في استباحة الدماء او تعقيدات اجهزة الاتصال بين اعضاء العصابات ؛ و بالمحصلة تتوج قمة مظاهر النصر والفوز لطرف على آخر ببلوغ العصابة استحصال اموال السرقة او بسط النفوذ والقوة او الايقاع بالمجرمين او فرار اعضاء العصابة الدهاة مع تسليط الضوء على اشباع غرائزهم المادية مثل السفر المسرف او ترف استهلاك باذخ او الترفل في انماط حياة ماجنة و ليال حمراء سيئة . هذا الاستخلاص يتم رصده في حق معظم حزمات المسلسلات الاسبانية والبريطانية والامريكية التي تزدان بها شاشات وقنوات النتفلكس واخواتها .

يطول هذا المسلسل او يقل عدد حلقات مسلسل اخر بسبب اجادة سرد الكاتب والسيناريست وترقيصه لجزئيات تفاصيل تثير روح التشويق والاثارة والفضول والاسترسال فيها بطرق متعددة تزيد من دوافع الادمان لدى المشاهد للمسلسلات تلك في معرفة اللاحق من الاحداث . و ان كانت بعضها يصل السيناريو حد التخمة بسبب تكرار مشاهد ذات فكرة الاثارة ، و كامثلة لذلك :

* مشاهد شراء الذمم في مسلسل ارطغل

* مشاهد الانقلاب في المواقف كما في شخصية المحققة لشبونة في مسلسل Money Heist

* مشاهد صراع الادمغة بين البروفيسور professor و الشرطة الاسبانية في فيلم سرقة الاموال

* مشاهد الخيانة في العلاقات العاطفية ك مسلسل فريندز

شخصيا قبل اختياري لمتابعة اي مسلسل او فيلم او قراءة كتاب او حضور ديوانية او محاضرة ، اسأل نفسي الاسئلة التالية ؛

* ماهي الاولوليات لذاك اليوم و كتابتها

* عند تحديد امكانية توفر وقت ترفيه ، اقوم بقراءة سريعة عن المراجعات للمحاضر او الموضوع او الفيلم او المسلسل لاتخاذ قرار الاختيار بعد انجاز الاولويات و توفر الوقت المتاح

* تحديد الهدف من المشاهدة ؛ هل هو هدف : تثقيفي / ترفيهي / اجتماعي / تعليمي /.. الخ

* عند اتخاذ القرار بمتابعة مسلسل ما ، فان الاختصار في المتابعة و المشاهدة تتم بالتحكم في طي مسافات الوقت داخل العرض للمسلسل وهي آلية مفيدة و تقفز عن التفاصيل المملة و المعمولة عمدا لزيادة الحشو .

بعيدا عن التحليل او التشخيص ، عندما اسمع بعدد المتابعين لتلكم المسلسلات الغربية و الشرقية، اتساءل بعض الاحيان:

* هل سيأتي اليوم الذي نكون فيه كمجتمع من صناع الانتاج الدرامي العالمي المؤثر

* هل غرق البعض في المشاهدة و المتابعة لدرجة انهم يشاهدون من اجل المشاهدة فقط و يصدق القول في حق البعض منهم بانهم يحفرون في حفرة و عليه نقول ، If you find yourself in a hole، stop digging.

* هل يقرأ و يشاهد البعض من الناس الكتب و الافلام ليزدادوا رقيا و تحضرا ام يزدادو نهم في الاثارة و تشرباً في ثقافة اخرى او اشباع فضول في معالم الاخلاق السلوكية في الامم الاخرى او استنساخ نماذج تنمر و تعلم انماط تمرد و استمراء سلوكيات و استساغة استخدام مفرط لالفاظ بذيئة او محاولة ل تعلم لغة او استكشاف معالم

* هل اصبح الكثير من الناس مدمنو إثارة و شهرة بالبحث عن شي جديد حتى لو نكد عليهم صفو معيشتهم ك مسلسلات الرعب و المافيا ام مدمنو تعلم روايات تاريخية ام استشراق مستقبل

* هل اضحى عدد كبير من الناس يهربون من واقعهم باهراق الاوقات على هكذا امور مسلية ام ان البعض ياكله الشعور بالذنب و يصبح ضحية اساليب انماط معيشية تفتقد استثمار الوقت

* هل البعض يبحث عن معان و تطبيقات مفهوم الحرية من خلال الافلام و المسلسلات الغربية ام انه يحاول فهم الامور الاجتماعية و طرق التعامل معها هنالك

* هل التعرض لثقافات المختلفة من خلال الشاشات الفضية و الذهبية يعمق فهم الانسان بواقعه و يستنطق انماط ردود افعاله و مناهج تفكيره و تحليلاته

لابد لاي مجتمع يود ان يستمر في النمو و صنع الحياة ان يكون له عدة مشاريع في كافة مجالات الحياة و منها الثقافية و الادبية و العلمية و الاقتصادية و العلمية و التصنيعية و الغذائية و الاجتماعية و الا سينقرض اثره او يكون عالة على اهل الارض في مرحلة ما من الزمن . بالمناسبة و من المفارقات العجيبة فانه في الوقت الذي اعلن احد الاصدقاء في العالم الافتراضي ابتداءه / انتهاءه من مشاهدة مسلسل طويل صادف بدء مقاول اعمال اتصالات انطلاق و انتهاء تركيب كيبل فايبر لكامل الحي لعدد يفوق 700 منزل في ذات الفترة الزمنية !!

اسداء الصنيع المحمود اجتماعيا يتطلب النزول لارض الواقع و الجلوس مع ابناء المجتمع و الاستماع لهم جيدا و التدارس مع اهل الخبرات الاكاديمية للحلول الممكنة و الاستفادة من الطاقات البشرية المتطوعة و تجارب الشعوب و الامم و المجتمعات الاخرى امر محمود و ملهم و رافعة . و استخدام ادوات السينما و الاعلام اضحى امر مهم ، فياحبذا توجيه تلكم الطاقات اليافعة من ابناء المجتمع مع بداية كل عام هجري جديد في اعداد برامج محددة لحصد النتائج المرجوة في قابل السنين . و اختم المقال بايراد قول منسوب ل الإمامُ جَعْفَر بن محمد الصَّادق « عليه السَّلام » حفيد حفيد رسول الله محمد ﷺ: ” الْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ لَا تَزِيدُهُ سُرْعَةُ السَّيْرِ إِلَّا بُعْدا “ - تحف العقول . إنشاء الله الجميع اهل بصيرة و بصر ، و حتما افراد المجتمع الباصر يسأل ذاته ليتجنب اهدار وقته و موارده ، " ماذا انتفع من ذلك what is in it for me ?“.