آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 7:44 م

اخفض جناحك

عبدالله الحجي *

من مواقف مولانا أبي تراب أمير المؤمنين أنه اشترى ثوبين بخمسة دراهم؟ أحدهما أفضل من الآخر واحد بثلاثة والآخر بدرهمين. فقال لغلامه قنبر خذ الذي بثلاثة. قال: أنت أولى به يا أمير المؤمنين تصعد المنبر وتخطب الناس، قال: يا قنبر أنت شاب، ولك شره الشباب، وأنا أستحي من ربي أن أتفضل عليك لأني سمعت رسول الله ﷺ يقول: ألبسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تأكلون.

هذا من أحد المواقف التي تظهر تواضع مولانا أمير المؤمنين والذي نحن بأمس الحاجة للاقتداء به في حياتنا اليومية للتواضع مع الأبناء والأزواج والوالدين والأصدقاء وجميع طبقات المجتمع.

من الناس من يشعر بحالة نفسية من العجب بنفسه والتكبر بسبب المنصب أو المال أو الثروة أو المكانة العلمية والاجتماعية أو غيرها فيرى من المعيب أن يتواضع للآخرين وقد يبرر بأن ذلك بأنه من سمات وصفات الأنبياء والأئمة «عليهم الصلاة والسلام» ولكن واقعا لو فتشنا من حولنا لرأينا نماذج مشرفة يُفتخر بها من طلبة العلم أو أصحاب المناصب والثروات أو عامة الناس لما يتحلون به من تواضع مع مختلف طبقات المجتمع ولايفرقون بين الغني والفقير أو الصغير والكبير.

ومن جهة أخرى تجد مواقف يؤسف لها ممن يرى نفسه من الطبقة المخملية المميزة كما ذكر أعلاه فيشمخ بأنفه ويتعالى ولايسلم على من هم أقل شأنا منه وإن سلم عليهم لايصافحهم وإن صافحهم كان بأطراف أصابعه ووجهه متجها لشخص آخر خلاف مايصنعه مع الشخص الذي هو في مرتبته.

ورد في نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين : ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لما عند الله، وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتكالا على الله. ويقول البعض لعل المراد من التيه الاعتزال عنهم وترك التواضع لهم. ويقول : من أتى غنيا فتواضع له لغناه ذهب ثلثا دينه.

يتوهم البعض بأن في التواضع مذلة وإهانة وانكسار ولكن واقعا تلك نظرة بعيدة عن الواقع.

- فلو كانت كذلك لم يأمرنا الله بها وهو الذي كرم الإنسان ولايرضى له بالإهانة. بل أمرنا الله جل وعلا بخفض الجناح للمؤمنين «أي التواضع» قال تعالى: ﴿لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى‏ ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ سورة الحجر 88.

- ومن تواضع لله رفعه. قال رسول الله ﷺ: «التواضع لا يزيد العبد إلا رفعة، فتواضعوا يرفعكم الله». الكافي 121/2

- وقال الإمام علي : ”ثمرة التواضع المحبة، والتواضع يكسوك المهابة، والتواضع سلم الشرف“.