آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:39 ص

التفكير بدل التكفير

عبد الرزاق الكوي

مع استمرار الاستنكار والاحتجاج والشجب لمقتل المواطن الأمريكي من أصل أفريقي تبرز للعيان مدى خطر داء العنصرية والطائفية، وهذا بلاء يعم خطره بشكل أكبر في العالم الإسلامي، رغم أن الدين الإسلامي دين يدعو للتسامح والمحبة.

توجد مجموعات تكفيرية في العالم الإسلامي وهي أشد خطرًا من كل العنصريات لأنها باسم الدين تصدر مثل هذه الفتاوى وباسم الدين يتم القتل ليس على نطاق فردي مثل ماحصل في الولايات المتحدة الأمريكية بل على نطاق جماعي في أماكن العبادة والأسواق الشعبية والمدارس وغيرها من التجمعات الحياتية ذهب ولازال يذهب من جراء ذلك الأرواح البريئة مخلفة مجموعة من الأيتام والأرامل بلا معيل ومجموعة من الثكلى ذهب معيلهم بفتوى من الغرف المظلمة وسكنت الأدغال والجبال.

فالأساس لهذه المجموعات التكفيرية ووجودها هو فكر يستخدم في خدمة أعداء مجتمعاتها قديمًا وحاضراً من أجل ضرب القوى بعضها ببعض خدمة مشاريع تخدم قوى خارجية ضد المجتمعات الإسلامية في المقام الأول بحجج واهية بإنشاء دولة الخلافة.. كلمة حق يراد بها باطل..، وهي ضرب الأمة وتخريب المجتمعات تحت مظلة محاربة الكافرين، يقتل فيه المسلمين تحت نداء التكبير فهي يد تضرب بها المكونات والمجتمعات المسالمة الراغبة في حياة كريمة بعيدًا عن هدير المتفجرات وأصوات المدافع وقطع الرؤوس على المستوى الجماعي بدون أي خوف من هذا الفعل الإجرامي، مهد لكل ذلك من يقف ورائها بإمدادها بالسلاح ويشجع فعلها بالهالة الإعلامية والتواصل الاجتماعي في نقل سمومها على مدار الساعة.

فالمجتمعات الإسلامية عَامة والعربية خَاصَّة مجتمعات يوجد بها طوائف متعددة، ومجتمعات قبلية ترجع إلى خالق واحد ودين واحد، استغلت تلك الاختلافات بينهم لضرب هذه المكونات بعضها ببعض خلق مجتمع منقسم ومفكك يسكنه الخوف وعدم الأمن والأمان بفضل فئة باعت نفسها للشيطان.

هذا الواقع ولد خطر على مجمل الحياة اليومية في دول ابتليت بداء التفكير، فالخدمات المقدمة تصبح حسب الطائفة والعمل حسب القبيلة وإتمام مشروع حسب المناطقية، هنا مكمن الخطر تكون فيه العلاقات الاجتماعية حسب الميول، يصل خطرها إلى حروب أهلية وأحقاد لاتنتهي فداعش نموذج ما هي إلا نتاج تلك الفتاوى، لم يأتوا من فراغ ولا من عالم آخر بل هناك كتب طبعت من أجل ذلك، وإعلام كرس جل وقته لهذا العمل، وفكر ضال أعمى باعوا أنفسهم للشيطان، أوصلوا الأمة إلى مستنقع من القتل اليومي خدمت هذه الأفعال المصالح المتربصة بالعالم الإسلامي وضرب البنية التحتية للسلم والوحدة الوطنية، فالتمويل لهذه الأعمال الشريرة متوفر فالدعم الفكري يأتي من فتاوى حي الجهاد، والحث على القتل من أجل الصلاة مع النبي ﷺ والعتاد العسكري يقدم مجانا مع رواتب مدفوعة، وميزانيات بعشرات الملايين ليس من أجل إعمار البلاد بل للهدم والتخريب، فتكامل هذا المشروع من فكر وتمويل.

فالدور الذي قامت به هذه المجموعات هو دور دول بما تملك من عتاد عسكري متطور وكميات هائلة من الأسلحة الفتاكة تحتاج إلى مدربين وخطط لوجستية على الأرض وتنقل، وغير ذلك لا يمكن استمراره إلى دعم غير محدود هذا ما يشاهده الجميع من عظم التدمير وإعداد القتلى.

فهذا السوط المسلط على رقاب المسلمين تحت الطلب لمن يدفع أكثر حتى يكون القتل والتدمير أعم وأشمل كل ذلك باسم الدين والواجب الشرعي والأجر والثواب للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وهم أدوات شريرة بين الاستخبارات العالمية التي لايغض لها طرف حتى تدمر العالم الإسلامي وشعوبه المتطلعون للأمن والحياة المستقرة، فهذه الملايين من الدولارات التي أنفقت والدماء البريئة التي سفكت كان بالأحرى أن يعمر بها البلاد ويوفر بها حياة كريمة للملايين من الفقراء.

فالتكفيريون هم الطابور الخامس والمنفذ المطيع لتطلعات أعداء الأمة. يستخدمون في الزمان والمكان حسب الحاجة بمسميات مختلفة من أجل استمرار الشركات العالمية العابرة للقارات.

في ترويج منتجاتها وجني المزيد من المال والأرباح للمتنقدين وأصحاب رؤوس الأموال فأيدي تورد السلاح من أجل المال وأيدي تهدم من أجل رضى الشيطان.

جلبت الاستخبارات وجمعت عشرات الآلاف من المقاتلين من أنحاء العالم ليكونوا أداه شرسة وبدون رحمة لإشعال هذه الفتنة ووجدت هذه المجموعات الضالة بيئات حاضنة في كل بلد دخلته لدواعي طائفية وأحقاد دفينة بلا وازع ديني أو خلقي أو إنساني تدار من غرف استخبارية مشتركة تقدم المشورة والخطط والمتوقع لمزيد من القتل.

هزمت هذه المجاميع الضالة في أكثر من بلد بعد أن أدت الدور المناط بها فالخسائر البشرية لا تعد ولا تحصى والمشردين من جراء هذه الأعمال فقدوا في البحار والمحيطات وفي المخيمات التي لأتوفر أبسط الاحتياجات الضرورية.. فهل ينتظر العالم الإسلامي إصدارات أخرى بمسميات أخرى لمثل هذه المجموعات أو يفعل العقل والتفكير السليم بأن الشر كل الشر في قتل الأنفس البريئة.