آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 9:36 ص

مسجد سليم التاريخي بالقارة

السيد علي باقر الموسى *

من المساجد التاريخية في قرى الأحساء الشرقية، مسجد سليم ببلدة القارة، وهو مسجد تاريخي قديم، فقد بُني قبل منتصف القرن التاسع الهجري في بلدة الكوارج المندثرة والتي اصبحت فيما بعد جزءا رئيسيا من بلدة القارة، ولتسليط الاضواء على تاريخ المسجد، ننقل ما تفضل به الأستاذ أحمد العيثان في كتابه ”ماضي القارة وحاضرها [1] “ حيث ينقل عن الحاج طاهر بن عبدالله القطان بقوله ”إن الذي بنى مسجد سليم هو: جد أسرة القطان وهو الشيخ سليم بن الشيخ حسن القطان“ وهذا مأكده المؤرخ الأحسائي الراحل الشيخ جواد بن حسين الرمضان رحمه الله، بقوله ”الشيخ سليم بن حسن بن قطان القحطاني اليماني المدني أصلاً الأحسائي موطناً ومسكناً المتوفي في حدود سنة 850 هـ، نزح من المدينة المنورة مع أخواه الثلاثة عوض وسعيد وهزيم، وكان ذلك في بداية القرن التاسع الهجري إلى الأحساء وتوطنوا بلدة «الكوارج» القديمة التي تقع قرب بلدة القارة في قرى الأحساء الشرقية، ومازال مسجده المعروف ب «مسجد الشيخ سليم» باقياً، وقد جُدد بناؤه عدة مرات، كما أن هناك نخلٌ قرب موقع الكوارج يسمى «المحاجير» من أوقافه أو من أوقاف أعقابه، والمترجم هو الجد الأعلى ”لآل قطان“ الحمولة المعروفة في الأحساء، وكانت تسكن بلدة الكوارج في القديم ثم نزحوا عنها إلى مدينة الهفوف وسكنوا الكوت ثم محلة الرفعة، وفي منتصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري استقرت عدة أسر من آل قطان في الكويت“ [2] .

ويقول مؤلف ”ماضي القارة وحاضرها“ والذي يؤكد أن المسجد من بناء الشيخ سليم كما أسلفنا هو وجود عائلة القطان في بلدة الكوارج من قديم الزمان، يقول المرحوم الملا عبدالمحسن العيثان «كل اسم قطان في الكويت أو البحرين أصلهم من الكوارج» [3] .

ونلاحظ من خلال ما كتبه الأستاذ أحمد العيثان في كتابه، أنه لا توجد وثيقة تدعم ما قاله المؤرخ الشيخ جواد الرمضان، بخصوص تاريخ تأسيس المسجد، وكل ما تفضل به ينقله شفهيا عن المرحوم الحاج طاهر بن عبدالله القطان عند الاجتماع به سنة 1392 هـ ، ولكن من خلال البحث في المخطوطات وجدتُ مخطوطة نُسخت في القرن العاشر الهجري ولم تطبع أو تنشر، وهي بعنوان ”السر السراير في الفلك الداير“ لمؤلفه السيد علي بن ماجد بن علي الحسيني العريضي الأوالي من علماء نهاية القرن الثامن الهجري وبداية القرن التاسع الهجري، وهي مخطوطة عدد صفحاتها 107 ورقة، ونُسخت في القرن العاشر عن نسخة المؤلف الأصلية، وفي الصفحة الاولى للمخطوطة كُتب ”كتاب السر السراير في الفلك الداير، تأليف الإمام العلامة الفاضل الكامل الورع النقي التقي المحقق المدقق بقية السلف والمودع الخلف زين الدنيا والدين أبي الحسن علي بن ماجد بن علي الحسيني العريضي الأوالي محتداً ومنشئاً غفر الله له ولوالديه ولجميع المؤمنين والمؤمنات انه غفور رحيم، صنفها وهو يومئذ بالبلاد المعمورة الأحساء حماها الله تعالى من الأسواء بمحمد واله الطاهرين، وصل الله على محمد واله وسلم تسليما كثيرا“ وفي نهاية المخطوطة كُتب ”تمت الرسالة بعون الله وحسن توفيقه ونسأل الله هداية طريقه في يوم الأربعاء الحادي والعشرين من شهر رجب سنة واحد وتسعين وتسعمائة هجرية على صاحبها افضل الصلاة والسلام على يد أقل العباد وأحوجهم إلى الله تعالى الفقير الحقير احمد بن الشيخ عبدالله بن علي بن سيف الصيمري، وأما النسخة التي كتبنا منها هذه الرسالة لها مائة سنة وستة وأربعين سنة“، وكذلك كُتب في موضع آخر من النسخة المخطوطة ”هذه الرسالة تصنيف السيد علي بن ماجد بن علي السيد العريضي الحسيني الأوايلي محتداً منشاءً وهو يومئذ في الأحساء بالمسجد الجامع أعني مسجد سليم، عمره الله ببقائه انه على كل شيء قدير“ يتضح من خلال هذه النصوص المخطوطة ان مسجد سليم كان عامراً سنة 845 هجرية، وهذه الوثيقة المخطوطة تدعم الرواية الشفهية التي ذكرها المؤرخ جواد الرمضان عن الحاج طاهر بن عبدالله القطان سنة 1393 هـ ، وعلى هذا الاساس يكون بناء المسجد الجامع المسمى ب مسجد سليم في بداية القرن التاسع الهجري، وقد تم تجديد المسجد أكثر من مرة وفي ازمنة متعددة، وحاليا تم تجديد المسجد، وهو من المساجد المشهورة والعامرة في بلدة القارة.

ملحق


 

 

[1]  ماضي القارة وحاضرها، تأليف أحمد العيثان، نشر دار المحجة البيضاء - لبنان، بيروت، طبعة أولى سنة 1436 هـ ، ج 1 - صفحة 196

[2]  أعلام الأحساء في العلم والادب في ستة قرون - مخطوط - الجزء الاول، صفحة 305، نقلا عن الكتاب أعلاه ماضي القارة وحاضرها

[3]  ماضي القارة وحاضرها، الجزء الاول، صفحة 197
باحث ومهتم بإحياء التراث الأحسائي المخطوط