آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 9:08 م

يهوديةٌ تُرشِدُ مسيحيًّا إلى الإسلام

محمد يوسف آل مال الله *

في عام 1986 م وبالتحديد في ولاية كولورادو بالولايات المتحدة الأمريكية حيث كنت أدرس في الجامعة، تعرّفتُ على فتاة يهودية ومع مرور الوقت أصبحت هذه الزميلة من المعجبات بالإسلام لما لمسته من تعامل حسن منّي ومن زميلي الأخ أسامة، طالب سعودي من مدينة الرياض، وقد جمعتنا الدراسة الجامعية بها في كثير من المناسبات.

لقد تعلّقت هذه الفتاة اليهودية بنا وصارت تأنس لحديثنا حتى أصبحنا لها صديقين حميمين، لا تنفكّ عن ملاقاتنا في الحرم الجامعي وتتحدث عنّا لصديقاتها بفخر واعتزاز. لقد كانت ترى فينا الصورة الجميلة والمشرقة للإسلام لدرجة أنّها رفضت التبرّع بالمال ومساعدة إحدى اللجان اليهودية الخاصة بجمع التبرعات لمساعدة الأسر الإسرائيلية في فلسطين المحتلة إكرامًا لنا ورفضًا لسياسات الصهاينة المحتلين. يقول عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ الحجرات «13».

إن دلّ هذا على شيء فإنّما يدلّ على حسن السلوك والتعامل فيما بيننا. يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ فصّلت «34 - 35».

ذات يوم اتصلت بي وأخبرتني أنّ صديقها جون وهو أمريكي مسيحي يرغب في العثور على مكمن السعادة والتي يراها في الدين، وقد درس الكثير عن الشريعة المسيحية ولم يجد ضالّته فعرضت عليه أن يلتقي بي لأتحدث معه عن الإسلام، وسألتني عن رأيي في ذلك؟

ابتسمت من وراء سمّاعة الهاتف وسألتها: لِمَ لا تتحدثي معه عن الشريعة اليهودية؟

اجابتني: دعها عنك، فاليهود منافقون ومعظمهم مجرمون.

سألتها: وماذا عن المسلمين؟

أجابت: ما رأيته منك يكفي أن أقول بأنّ الإسلام أفضل خيار له.

لعلّها كانت تبالغ أو ربّما تجاملني ولكن يظل رأيها مقدّرًا ومحترمًا وأخبرتها بأنّه لا مانع لديّ من مقابلة صديقها جون.

بعد عدة أيام اتصل بي جون ودعاني لبيته وتناول وجبة العشاء معه والحديث عن الإسلام. أخبرته بأنّي لا آكل اللحوم والدجاج غير المذكّى وشرحت له ذلك الأمر. احترم قراري فطهى لنا معكرونة بصلصة الفطر والجبنة.

التقيته في بيته وأخذنا نتحاور لعدة ساعات حيث أخبرني عن رغبته في العثور على مكمن السعادة والتي يراها في معرفة الخالق سبحانه وتعالى.

تحدث لي عن تجاربه وبحثه في الشريعة المسيحية بكل طوائفها وحتى الشريعة اليهودية ولم يقتنع بما قرأ ورأى فيهما. عندها بدأت الحديث عن الإسلام مبتدأً بمعنى كلمة إسلام وأننا كمسلمين نؤمن بجميع الديانات السماوية وجميع الأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام.

رمقني بنظرة وسألني: هل حقًا تؤمن بعيسى؟

أجبته: مَنْ لم يؤمن بعيسى أو موسى أو أي نبي أو رسول، لا يكون مسلمًا.

تعجّب من هذا الرد. وواصلت حديثي عن الإسلام وعن النبي محمد ﷺ وبعد الانتهاء من تلك الحوارات استأذنته وتركته يغوص في أفكاره ويبلور قراراته. يقول عزّ وجلّ: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ آل عمران «159».

في نهاية اللقاء شكرني على كل تلك المعلومات القيّمة التي أفضت بها عليه وبدوري شكرته على حسن الضيافة وسعة صدره.

قد يأتي سائلٌ ويسأل.. هل أسلم جون؟

الجواب: يقول سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ القصص «56».

لم اتتبع أخباره بعد ذلك اللقاء، فالخيار له. يقول عزّ وجلّ ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ ِبئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا الكهف «29».

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
نبيل علي
[ عنك ]: 18 / 3 / 2021م - 11:30 م
شكر الله مساعيك استاذنا العزيز مقال جميل جدا يستحق التمعن 👍🏻