آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:39 ص

إساءات لفظية عند طفلي‎

حكيمة آل نصيف

تربية الاطفال ليست بالأمر السهل أو اليسير في تناوله أو التعاطي معه، بل تتطلب جهودا حثيثة وتهيئة النفس على الصبر وضبط الانفعالات، والتي تحتاج وتستلزم معها معرفة بأساليب التقويم والتصحيح لسلوكيات وتصرفات الطفل.

وقد يتبادر للذهن بأن كل الأطفال نتعامل معهم بنفس الكيفية والأسلوب وهذا تصور خاطئ، فلكل طفل مفتاح في طريقة الحديث والتعامل معه نستطيع من خلاله الدخول لشخصيته وعالمه الخاص.

فهناك من الأطفال الذي يقومه أسلوب التشجيع وشحذ همته بكلمات جميلة ومدحه أمام الآخرين، وهناك من الأطفال من يتمادى في سلوكياته الخاطئة، فكلما حاولت أن تشجعه وتستخدم معه الأسلوب اللين لا تجد لذلك نتائج مثمرة، وذلك لأنه يحتاج إلى أسلوب معتدل بين الشدة واللين لكي نضبط سلوكه.

والأطفال في عالمهم الواسع تمر بهم الكثير من المشاكل السلوكية والأخطاء التي قد يضيق منها الوالدان ويعيشان التوتر بسببها، لكن لو وقفنا على جذور المشكلة أو العوامل المؤدية لهذا السلوك السلبي الخاطئ الذي ارتكبه الطفل، لاستطعنا معالجته بكل سهولة ويسر لأنه يتطلب منا نوعا من التعقل والصبر، فهو مجرد طفل صغير نستطيع نحن توجيهه كيف نشاء بأسلوبنا وسلوكياتنا الواضحة معه.

ومن السلوكيات الخاطئة التي قد تصدر من الطفل هي الألفاظ السيئة أو البذيئة، فكيف نتعامل معها من أجل تقويم سلوك الطفل ولئلا تكون لديه عادة سهلة في تكرار هذه الألفاظ؟

لابد أن نعرف أن الطفل حينما يردد لفظا سيئا فهو في البداية لا يعرف معناها، إذ قد سمعها من التلفاز أو من وسائل التواصل أو حتى من إخوته، وهنا علينا التعامل معه وبكل لطف ولين كمحاولة لنسيان هذه الكلمة، فلا نلفت انتباه الطفل لما سمعناه منه فقد تكون مجرد كلمة جديدة دخلت في قاموسه سرعان ما ينساها.

لكن إن تكررت منه هنا نبدأ في التدخل لتعديل ذلك السلوك الخاطئ وتقويمه من خلال عدم المبالغة في ردة فعلنا، بحيث يصبح الامر وكأنه زلزال قد أصابنا بل نقوم بتوضيح الأمر له بأن هذا اللفظ لا يليق بطفل مهذب صاحب أخلاق جميلة وسلوكيات رائعة وحسنة يحبه الجميع، ونبين له مضار السلوكيات الخاطئة واللسان البذيء، وكيف أنه يبعد الآخرين عنه ويجعله وحيدا الكل يرفض صداقته ومصاحبته

، وحتى الوالدين سوف يدخلهما الحزن والألم بسبب تصرفك غير اللائق وكلماتك السيئة، كما نساعده على استبدال تلك الألفاظ بغيرها من الألفاظ الجميلة، ونوجهه لما يشاهد في التلفاز من برامج ومسلسلات كرتونية، ونبعده عن كل ما يشين سلوكه من برامج غير هادفه ومخربة لفكره وسلوكه.

ومن المهم أن لا نسعى لإعطائه فكره سيئة عن الأطفال الذين يرددون الألفاظ السيئة، بل نعلمه طرق التعامل معهم والرد الجميل عليهم في حال صدر منهم ما يؤذيه من كلمات سيئة ويرد عليهم بطريقة مهذبة ولبقة، ونكون قد سعينا ليس فقط لتقويم طفلنا وإنما كذلك سلوكيات الغير ممن يحتك بهم، ولابد من تشجيعه على أفعاله الطيبة وإبداء إعجابنا بشخصيته وسلوكياته الجميلة.

قد تكون المشكلة كبيرة نوعا ما وتأخذ منا الجهد الكثير في تجاوزها عندما تتكرر هذه الألفاظ على مسامع الطفل يسمعها في محيط أسرته - وبالذات من والديه -؛ لأنه سيعتاد على سماعها ويعتبرها لفظا يمكن تداوله مع أي شخص؛ لأن من هم قدوته تتكرر هذه الألفاظ على ألسنتهم وبشكل طبيعي دون أي رادع!!!

وهنا عزيزتي الأم وعزيزي الأب في علينا قبل أن نربي أبناءنا أن نربي ونهذب ألفاظنا وسلوكياتنا؛

لأننا المرآة التي من خلالها ينظر الطفل لهذا العالم، فإن كانت صافية عاش الطفل عالمه بكل هدوء وجمال، فعلينا أن نتخير كل لفظ وسلوك أمام أولادنا ونظهر أمامهم بصورة جميلة لا يخدشها شيء، لذا علينا أن نرتقي بأسلوبنا وبألفاظنا من أجل تربية سليمة وقويمة لأطفالنا، فالوالدان مدرسة واسعة يتعلم منها الطفل مهارات الحياة بكل صنوفها.