آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:39 ص

وباء كورونا لا يكفي

عبد الرزاق الكوي

البشرية اليوم تعيش أحلك أيامها مأساوية، الأوضاع متردية على أكثر من صعيد والمشكلة أن تلك المعاناة ليس قضاء وقدرا، بل يد البشرية لها العامل الرئيسي في دمارها، فإذا كان وباء كورونا بين مشكك أنه بفعل فاعل أو لا فلا يستبعد العبث العالمي بالبيئة والتجارب الكيميائية والبيولوجية والنووية والجرثومية وغيرها من التجارب من دمار العالم، الجميع شاهد على أطماع الإنسان فاليوم لم تسلم أرض ولا فضاء ولا بحر من العبث المتعمد، وكأن ذلك لا يكفي مصائب العالم فالفقر المستشري يقتل كل دقيقة إحدى عشر شخص مما يعني ضحايا الفقر أكثر من ضحايا كورونا، وهذا العار على البشرية له مسبباته وله حلوله، شخص يموت جوعا وشخص يعالج من التخمة وزيادة الوزن وعلاج هذه المشكلة بشتى الطرق المكلفة، وقضية أخرى لا تقل خطرا عن وباء كورونا ومشكلة الفقر، الإرهاب العابر للقارات سواء جماعات إرهابية أو إرهاب على مستوى دولي يتنقل بين دولة وأخرى عابر للحدود والجغرافيا، ضحاياه أضعاف مجموع ضحايا وباء كورونا ومشكلة الفقر أحد مسببات الإرهاب، تقف خلف هذا الإرهاب مجموعات إرهابية متطرفة خارجها عن الإنسانية تدعمها إرهاب دولي ممثلا بمخابراته، فهناك إرهاب صغير وهم مجموعات متطرفة تتستر وراء أقنعة مختلفة وضالة، وهناك إرهاب دولي لهم مشتركات وسياسات مع الجماعات المتطرفة تخدم مصالحهم المشتركة وتفتيت ما هو مفتت على أرض الواقع، فإذا كانت المجموعات المتطرفة لا قيود عليها وتعمل في الظلام وخارجه عن أي قانون دولي وحتى أساس ديني، فالإرهاب الاستخباراتي تتحكم فيه مؤسسات وهيئات تعمل تحت غطاء المواثيق الدولية وهي تضرب بتلك القوانين عرض الحائط متخطية جميع الأعراف والمواثيق في دعم الإرهاب والمشاركة في رسم مخططاتهم المشتركة للسيطرة على سياسة واقتصاد العالم.

فكم من الدول المسالمة في أرجاء الأرض إذا سلمت من إرهاب الجماعات المتطرفة تتعرض للإرهاب على نطاق دولي وليس جماعات متطرفة، فإذا كانت دول لها سيادتها السياسية والاقتصادية تتعرض لإرهاب خارج القانون الدولي فكيف العتب على مجموعات إرهابية، دول مسالمة تشن عليها الحروب العسكرية والاقتصادية والحصار والتجويع بعد سلسلة من التزوير والاتهامات الباطلة والدسائس المفتعلة والمضحك المبكي أن يكون التدخل باسم مكافحة الإرهاب بدخول مجموعات إرهابية مدعومة من قوى عالية تقوم بفعل الإرهاب، متخطية سيادة وسلامة أراضي بحجج واهية تسمى أحيان بحروب استباقية وفي واقعها إرهابية، وخير دليل ما أصاب العالم العربي بعد ما يسمى بالربيع العربي، كان بعضه يعيش في الطين في ظروف متردية متوسطة السوء خرج من الطين ليقع في الطحين بواقع مزري وخطير أكثر سوء وف أوضاع غير إنسانية من حروب وفقر وجوع وتشريد وتدمير البنى التحتية، كل ذلك تحت مسمى محاربة الإرهاب، أصبح هذا الواقع عصى وضغط على أي دوله لا تنصاع للقطب العالمي الأحادي والخضوع لمشاريعه والسير تحت تصرفها وخدمة تطلعاتها في حروب خفيه ومعلنة ومتسترة خلف كثير من الأقنعة.

فالدول المبتلية اليوم بخطر الحروب والتدخلات السافرة في سيادتها هي الخارجية عن القطب الواحد والفكر الأحادي المتسلط على رقاب العالم بالقوة وهذا ما سبب في انهيار اقتصادات كثير من الدول وزيادة نسبة الفقر المدقع وتحت خط الصفر، لم ينجو من هذه الفتن إلا القليل، كثيرا من الدول تخرج من أزمة مفتعلة إلى أخرى حتى تنهك وتستسلم للأمر الواقع، فتن حدودية أو اقتصادية أو تهم ملفقه وغيرها من الأمور لتضل تحت التهديد والرضوخ.

بعض الدول قاومت الإرهاب التكفيري المتطرف وانتصرت عليه، لكن ما كان يخطط له الإرهاب الدولي.

تحقق بعضه على أرض الواقع، دمرت البنية التحتية للدول المغضوب عليه ومع الظروف الاقتصادية المتردية في العالم تحتاج إلى سنين طويلة حتى تتعافى وتقف على أرجلها وتنفض غبار سنوات من الحرب الشرسة تعرضت فيه إرهاب على الأرض وإرهاب يصب جام غضبه من الفضاء بقنابل محرمة لا تفرق بين أحد كل ذلك أحيان.

تحت راية حقوق الإنسان والعدالة والحرية والمساواة ومحاربة الإرهاب في كلمة حق يراد بها باطل، وإذا حصل شعب على متطلباته من حقوق وعدالة وأراد أن يستخدمها لسيادة وتطلعات بلده حورب في ذلك بحجج أخرى ويعيش هذا العالم في دائرة مفرغة لا يستطيع الخروج منها إلا بالرضوخ للقطب الأحادي العالمي.

فالإرهاب الذي يحصد أرواح الملايين لم يصل إلى هذا المستوى إلا بتكاتف جهود مشتركة بين عدة استخبارات عالمية مهدت وخططت ووضعت الأهداف، وفتحت المجال لخوارج العصر ليعبروا القارات والمحيطات ليضرب هنا وهناك حسب الأوامر العليا، فالسياسة العالمية تمثل في الظاهر الوجه الحنون والمتقدم والمدافع عن القيم أما ما خفي يقوم بأعمال غاية في البشاعة والبعيدة عن أبسط التعامل الإنساني فالإرهاب اليوم يتنقل حسب الحاجة يضرب في قارة آسيا لينقل في لمحة بصر إلى قارة أفريقيا مع تخلف خلايا نائمة في كل دولة من أجل الاستخدام المستقبلي كورقة ضغط وقت الحاجة، تحت مخططات طائفية أو عرقية أو قبلية المهم ألا يستقر الوضع، حتى يتشكل العالم حسب التطلعات المرسومة مسبقا، في ظل هيمنة القطب الأحادي على مقاليد الهيئات والمؤسسات الدولية.

خلط الأوراق مستمر وتعقيد الواقع يسير كما يشتهي مخططوه، عرف العالم أن الهدف ليس نشر الديمقراطية وإرساء حقوق الإنسان وتحقيق العدالة، كل ذلك آخر اهتماماته بل ليس من اهتمامهم أصلا، كل العملية خلق بيئة من أجل السيطرة على مقاليد العالم، وتصريف كميات من السلاح يعطي مردود اقتصادي للدول المنتجة حتى وإن كانت الأسلحة محرمة دولية فقد استعملها منتجوها في حروبهم ووصلت للجماعات المتطرفة لتقتل الأبرياء والتدمير والعقاب ورجوع تلك الدول إلى العصور الحجرية خدمة لمصالح خاصة بعد سنوات من الرعب والحصار عاشته تلك الدول محرومة من الضروريات الحياتية من صحية وغذائية ودواء وغيرها من مقومات الحياة الماسة، ذهبت من جراء ذلك ملايين الأبرياء في أنحاء العالم قصفت مساكنهم ومصانعهم ومستشفياتهم أمام أنظار العالم والهيئات والمؤسسات والمحافل الدولية الذي وقفت عاجزة في وجه الطوفان والدفاع عن سيادة دول معترف بها من تلك الهيئات.