آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:39 ص

زينب البطران ولادة جديدة من معاناة

بدرية حمدان

تقف سيدة السَّحاب البيضاء فوق تلة عشبية خضراء، بفضائها الواسع الغير مُتناهي، الذي ليس له بداية ولا تعرف له نهاية، أعشابها ناعمة حريريًا ملمسه، تتمايل مع تلك النَّسمات الباردة، تتراقص فرحًا مع غناء الطّيور القاطنة، تلك التَّلة قرب شلال ماء زلال، يتدفق على شكل أمواج من نور، هديره موسيقة، تبعث على الطمأنينة والهُدوء الدَّاخلي، غرفة منه وارتشافها، تُعطي حياة الخُلود، في أعلى التَّلة، حيث السُّحب البيضاء النقية التَّلة، تقف سيدة نورانية بملابس بيضاء حريرية، تضع شالًا أبيضًا، شفافًا على رأسها، يُغطي وجهها، وتتدلى أطرافه أسفل كتفيها، لتُخفي فُقدان بصرها، تمُّد يدها، تمسح الوجع، الذي يقبع في جسدها، فنبرى منه مُستأنفة رحلتها النَّورانية وسط الفضاء الواسع بالتحليق نحو عالم العلم والمعرفة، مُستخدمة تلك اليدين للتجديف، ومُصارعة الأمواج للوصول إلى غايتها وهدفها، تلك اليدين لامست النجوم وتحسستها بأناملها، صنعت منها حُروفًا، تقرأ أبجديات تناغمت مع واقع فقدت فيه البصر.

وسط ليلة حالكة، وهي تُحدق النَّظر في السماء بتملك العينين الضَّعيفتين لاحظت وميض بعض النَّجمات الخافت، كوميض عينها، التي لا تقدر على الرؤية بشكل واضح، كأنَّ غشاء معتم قد غطى تلك العينين، أحسَّت بالانقباض والضّيق، التي لا تعرف له سببًا، عاتبت النجوم وسألتها: ما هذه العتمة، التي حجبت عني الرؤية، لم تجد جوابًا شافيًا، أصبحت في حالة من القلق، الذي تسلل إلى نفسها، وأخذ يفترس أفكارها، أوت إلى فراشها؛ تنتظر بزوغ الفجر، ودخول شُعاع الشَّمس من نافدة غُرفتها، التي ظلَّت مُظلمة، اختفت منها كُلُّ الألوان، ما عدا اللون الأسود الحالك، كفراشة حياتها الألوان، طارت نحو الظلام، كأنَّها ظلت طريق العودة إلى تلك التلة العشبية الخضراء المليئة بالأزهار من كُلّ الألوان، بقيت لحظات تُعاني من غُربة المكان ووحشه وظلامه، استجمعت طاقتها الكامنة، فهي مازالت تمتلك حواسًا أخرى، تُساعدها على العودة إلى التَّلة، وإن كان الظلام افقدها رؤية الألوان مرة أخرى، كررت العودة، وشق طريقها من جديد، فالوقوف على قمة التَّلة، حيث الأزهار البيضاء، التي تُعانق السحاب، هي هدفها، تمكنت من أدواتها، التي ساعدتها في تحقيق حُلمها، تحسست طريقها بأنامها، التي كانت تقود خطواتها وتساعدها على تجاوز الصّعاب، طُول نفسها العميق، أعطاها قُوة التَّحمل، إرادتها حفرة في الصخر روحها الإيمانية، أضاءت لها الطَّريق، نفس راضية، جعلت لها الأرض خصبة، لتزرعها ببذور أحلامها، صبرها نمى بأشجار مُثمرة، حصدتها إنجازًا علميًا، تمثل بحُصولها على ”بكالوريوس تربية خاصة، مسار صعوبات تعلم وما جستير إعلام عام“، معلمة صعوبات تعلم في وزارة التعليم.

إيمانًا منها بدورها في المجتمع زاد من طموحها وتطلعاتها لمواصلة مسيرتهم العلمية للحصول على الدكتوراة في تخصصها الذي تُحبه ”تربية خاصة“ ولتقترب أكثر من ذوي الهمم وتتعرف على احتياجاتهم الخاصة، ”فالآمال العظيمة تصنع أشخاص عُظماء“ تبقى بصماتهم خالدة ومؤثرة،

وأن فقدنا البصر، فنور البصيرة قوة إيمانية تقودنا إلى القمة، لن نحقق شيئًا مالم نؤمن به " توماس أديسون.