آخر تحديث: 8 / 5 / 2024م - 2:21 م

اراجيز الطف «12»

محمد أحمد التاروتي *

ارجوزة الحجاج بن مسروق المذحجي الجعفي ”مؤذن الحسين“، التي ارتجلها في معركة الغاضرية، تحتوي على الكثير من المفردات التي تكشف الولاء العميق، والاستعداد التام لبذل الغالي والرخيص، في سبيل نصرة الحق وعدم الالتفات للاعلام الاموي، الذي حاول فرض طوق على الامة عبر بث الكثير من الأكاذيب، واستخدام سلاح ”القتل“، وتكريس الخوف في النفوس.

”مؤذن الحسين“ من اهل الكوفة، وهو احد أصحاب الامام علي بن ابي طالب، فقد حرص على مرافقة سيد الشهداء منذ خروجه من مكة المكرمة وصولا الى كربلاء، والاستشهاد بين يديه في معركة الطف الخالدة، مما يكشف عمق الولاء والإصرار على التمسك بالمنهج الإسلامي الصافي، الذي يمثله الامام الحسين .

تكشف ارجوزة ”مؤذن الحسين“ الاستعداد التام، لتحمل المسؤولية تجاه الامام الحسين ، وعدم التنازل عن المبادئ، التي يمثلها سيد الشهداء ، حيث يستخدم مفردات ذات اثر واضح، في الايمان الكامل بما يحمله ابن ريحانة المصطفي ﷺ، خلال اختيار كلمات بسيطة ولكنها ذات مغزى عميق للغاية، فكل مفردة تدعم اختها في إيصال المعنى المراد للمتلقي، حيث يصف الشطر الأول الامام الحسين بانه الهادي المهدي، مما يعطي دلالة واضحة على امتلاك الرؤية الثاقبة والواضحة، تجاه ما يجري في معركة كربلاء، فالمعسكر الذي يضم سيد الشهداء يمثل الحق، فيما الباطل يمثله الجيش الاموي، اذ يقول في الشطر الأول ”أقدم حسينا هاديا مهديا“

فيما الشطر الثاني من البيت الأول، يتضمن المصير الذي ينتظره جميع معسكر الامام الحسين ، فاللقاء سيكون مع سيد الرسل ﷺ، ونيل الشهادة والفوز بالجنان، فيما تبعة الجريمة الكبرى ستبقى وصمة عار على جبين عمر بن سعد، حيث يستخدم كلمات واضحة وبسيطة للغاية، الامر الذي يحفز على القتال والمسارعة في ملاقاة كوكبة الشهداء، الذين سقطوا خلال الساعات القليلة الماضية في صحراء الطف الخالدة، حيث يقول في ارجوزته ”فاليوم تلقى جدك النبيا“، فملاقاة الرسول ﷺ غاية كل مسلم على وجه الأرض، وبالتالي فان مواجهة السيوف طريق للفوز بالجنان والخلود في التاريخ.

ينتقل في الشطر الأول من البيت الثاني، الى الأمنية الغالية التي يتمناها الجميع، من خلال ملاقاة الامام علي ، فابواب الجنان مفتوحة لكل مقاتل من انصار الامام الحسين ، يسقط شهيدا في ارض الطفوف، وبالتالي فان الفرحة الكبرى تكتمل مع ملاقاة الرسول ﷺ، وكذلك ملاقاة الامام علي ، حيث يستخدم ”مؤذن الحسين“ عبارات دقيقة للغاية، من خلال اختيار ”ذا الندى عليا“، مما يكشف جانبا من القدرة على تطويع الكلمات، في سبيل إيصال المعنى للطرف المقابل، بالإضافة لكون المفردات تكشف المكنون تجاه امام المتقين ، خصوصا وان ”مؤذن الحسين“ من أصحاب سيد الاوصياء ، حيث يقول ”ثم أباك ذا الندى عليا“.

يختم ”مؤذن الحسين“ ارجوزته بمفردات واضحة، تكشف الانتماء الكامل تجاه اهل البيت ، حيث يستخدم مفردة ”وصيا“، مما يمثل الانتماء الواضح لخط اهل البيت ، والابتعاد الكلي عن الخطوط الأخرى، لاسيما وان الجيش الاموي حاول رسم مسارات خاصة، من خلال تشويه صورة الامام علي في الامة الإسلامية، وبالتالي فان الشهيد الحجاج بن مسروق حاول وضع الجميع في الصورة، عبر استخدام ”وصيا“ لتكريس الولاء الكامل للخط الأصيل، الذي رسمه الرسول ﷺ منذ يوم الغدير بعد حجة الوداع.

ينقل التاريخ ان الحجاج بن مسروق في يوم معركة كربلاء، وكان يبارز وهو يقول:

أقدم حسينا هاديا مهديا ## فاليوم تلقى جدك النبيا

ثم أباك ذا الندى عليا ## ذاك الذي نعرفه وصيا

كاتب صحفي